saudialyoom
"تابع آخر الأخبار السعودية والعربية على موقع السعودية اليوم، المصدر الأمثل للمعلومات الدقيقة والموثوقة. انضم إلينا الآن!"

أسعار النفط.. ليس كورونا وحده المسؤول

41

بقلم مجدي صبحي _
رغم الأهمية الكبيرة التي لعبها تفشي فيروس كورونا في أسواق النفط العالمية بحيث باتت حركة الأسعار في هذه الأسواق تتحرك على إيقاع أنباء الفيروس، فإن الأمر لا يتوقف على ذلك، فهناك عوامل أخرى ساهمت في تشكيل حركة الأسعار خلال الفترة الأخيرة.

وقد ساهم التردد الروسي في تعزيز عملية المضاربة على الأسعار نحو الانخفاض، إذ ترجم المتعاملون هذا التردد على أنه يشي برفض روسي لخطة تعميق خفض الإنتاج على الأقل في الوقت الراهن

وربما كان من المهم في هذا الصدد اللجوء إلى التقرير الشهري لمنظمة الأوبك عن شهر فبراير/شباط الحالي لرصد عملية الطلب على النفط، حيث يتوقع التقرير أن ينمو الطلب العالمي على النفط في عام 2020 بنحو 0.99 مليون برميل يوميا، وهو ما يعد مراجعة نحو الانخفاض بمقدار 0.2 مليون برميل يوميا، مقارنة بالتقدير السابق الذي تم وضعه في شهر يناير/كانون الثاني، ويأتي هذا الانخفاض في أعقاب مراجعة لمعدل النمو الاقتصادي العالمي، حيث تم خفضه بمقدار 0.1% ليبلغ 3.0% فقط خلال عام 2020، ومن المتوقع أن ينمو طلب بلدان مجموعة التعاون الاقتصادي والتنمية بمقدار 0.1 مليون برميل يوميا، بينما يتوقع أن تضيف البلدان خارج مجموعة التعاون الاقتصادي والتنمية 0.98 مليون برميل يوميا. وفي داخل مجموعة التعاون الاقتصادي والتنمية سنجد أن دولها الأعضاء في الأمريكتين (تشمل الولايات المتحدة وكندا والمكسيك) من المنتظر أن يرتفع فيها الطلب على النفط ويلاقي الدعم بشكل أساسي من توسع طلب قطاع البتروكيماويات في الولايات المتحدة. ومن المنتظر أيضا أن يرتفع طلب قطاع النقل على أساس سنوي على الرغم من المكاسب في توفير الاستهلاك التي يضيفها التحسن الجاري في كفاءة الاستخدام، إلى جانب برامج إنتاج السيارات الكهربائية، ومن المتوقع أن يتقلص الطلب في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في أوروبا خلال العام الحالي. بينما نجد أنه في بلدان المنظمة في آسيا المطلة على المحيط الهادي سوف تعمل برامج الإحلال ومكاسب الكفاءة في اليابان على معادلة الزيادة في الطلب المتوقعة في كل من كوريا الجنوبية وأستراليا، بحيث من المنتظر أن يكون هناك تقلص في الطلب في هذه المنطقة. ومن المتوقع أن تعمل صناعة البتروكيماويات، وكذلك قطاعات النقل في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية على منح بعض الدعم للنمو في الطلب على النفط في عام 2020.

أما بالنسبة للبلدان خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية فيتوقع تقرير منظمة الأوبك الشهري أن يرتفع الطلب على النفط في كل من أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط على أساس سنوي بسبب تحسن الظروف الاقتصادية، بينما في بلدان آسيا وخاصة في الهند فسيعمل استمرار زخم النشاط الاقتصادي على دعم الطلب على النفط وسط حالة صحية لنمو قطاعات النقل والصناعة. ومن المنتظر أن ينخفض معدل نمو الطلب على النفط في الصين خلال عام 2020 على أساس سنوي، وهو ما يعكس انخفاض وتيرة نمو النشاط الاقتصادي، ويعزز تفشي فيروس كورونا مؤخرا فرص المزيد من الانخفاض في طلب البلد على النفط، مقارنة بالتوقعات التي كانت سائدة خلال شهر يناير/كانون الثاني، مع توقع تأثر شديد للطلب على الوقود لوسائل النقل، وخاصة وقود الطائرات خلال الربع الأول من العام. ومن الواضح أن توقيت تفجر تفشي الفيروس قد فاقم من الأثر على طلب الوقود بغرض النقل في الصين، حيث ترافق ذلك مع إجازة العام القمري الجديد، حيث يعود الملايين من الصينيين لمواطنهم الأصلية للاحتفال بالعام القمري الجديد مع أفراد العائلة والأصدقاء، أو يسافرون للخارج.

ومن المهم الإشارة إلى أنه خلال الأعوام الأخيرة كان الطلب على الوقود بغرض النقل، وخاصة وقود الطائرات والبنزين، مصدرا رئيسيا لزيادة الطلب على النفط في الصين، فمنذ عام 2003 كان استهلاك الصين من وقود الطائرات قد زاد تقريبا قياسا بإجمالي الطلب العالمي بمقدار ثلاث مرات، بحيث بلغ استهلاك الصين 10% من الاستهلاك العالمي في عام 2019، وبالمثل زاد نصيب الصين من استهلاك البنزين قياسا بالاستهلاك العالمي من 4.7% عام 2003 إلى 12% عام 2019. وفي الواقع فإنه خلال عام 2019 كان الطلب على وقود الطائرات هو الأعلى نموا بين كافة أنواع منتجات النفط بالنسبة المئوية ليس فقط في الصين، ولكن أيضا على المستوى العالمي، ويعزى زيادة الطلب على وقود الطائرات في الصين إلى التوسع القائم في المطارات القائمة، وإضافة المزيد من المطارات المحلية، إلى جانب الزيادة العامة في السفر بالطائرات. وقد أثر تفشي فيروس كورونا على القطاع الصناعي، وبشكل عام فقد تمت مراجعة الطلب الصيني على النفط الآن بالتخفيض بمقدار 200 ألف برميل يوميا خلال الربع الأول من العام، مقارنة بالتوقع المذكور خلال شهر يناير/كانون الثاني الماضي، وهو ما نجم عنه مراجعة بالخفض بمقدار 400 ألف برميل يوميا في إجمالي الطلب العالمي على النفط خلال الربع الأول من عام 2020، هذا بينما تضع وكالة الطاقة الدولية التي تمثل مصالح الدول المستهلكة مقدار الانخفاض المتوقع عند 453 ألف برميل يوميا. ويشير تقرير الأوبك إلى أن الانخفاض في الطلب العالمي إلى مراجعة الخفض بمقدار 200 ألف برميل يوميا للعام ككل مقارنة بتوقع شهر يناير/كانون الثاني، هذا طبعا إلى جانب مراجعة نمو النشاط الاقتصادي الصيني بالخفض ليبلغ التوقع حاليا 5.4% خلال عام 2020، وهكذا نجد أن تأثير تفشي فيروس كورونا على الاقتصاد الصيني قد أضاف المزيد من عدم اليقين المحيط بنمو الاقتصاد العالمي خلال عام 2020، وبالتالي نمو الطلب العالمي على النفط خلال العام. ومن الواضح أن التطورات الجارية في الصين تحتاج إلى المراقبة والتقييم المستمرين حتى يمكن الحكم على الآثار التي يمكن أن يخلفها ذلك على أسواق النفط خلال عام 2020.

والعامل الثاني المهم في انخفاض الأسعار هو ارتفاع المخزونات في الدول المستهلكة، حيث ارتفع المخزون الأمريكي من النفط الخام في الأسبوع المنتهي يوم 7 فبراير/شباط بمقدار 7.5 مليون برميل وليبلغ مستوى المخزون 442.5 مليون برميل، وبلغت المخزونات الإجمالية من الخام والمنتجات نحو 1.3 مليار برميل، كما أظهرت البيانات أن شركات التكرير الأوروبية زادت مخزوناتها من النفط الخام والمنتجات النفطية المكررة بنسبة 1.2% في شهر يناير/كانون الأول، مقارنة بنفس الفترة خلال عام 2019، ولتبلغ هذه المخزونات 1.09 مليار برميل.

كما أن هناك دورا في انخفاض الأسعار يمكن أن يعزى إلى الموقف الروسي المتردد بشأن التحرك المطلوب من مجموعة أوبك+، فقد كان المطروح أمرين أولهما هو محاولة تبكير الاجتماع الوزاري لدول أوبك+ ليعقد في فبراير/شباط بدلا من 6 مارس/آذار المقبل لسرعة التعامل مع تفشي كورونا، ويبدو حسب آخر الأنباء المعلنة في هذا الشأن أن روسيا تميل إلى بقاء الاجتماع في مارس/آذار كما كان مقرا سابقا. الأمر الثاني وهو الأهم أن روسيا لم تعلن حتى الآن رأيها بشأن اقتراح اللجنة الفنية لأوبك+ بإجراء خفض إضافي في إنتاج النفط الخام بمقدار 600 ألف برميل يوميا، وقد ساهم التردد الروسي في تعزيز عملية المضاربة على الأسعار نحو الانخفاض، إذ ترجم المتعاملون هذا التردد على أنه يشي برفض روسي لخطة تعميق خفض الإنتاج على الأقل في الوقت الراهن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.