سعودييون يجوبون الوطن ترحالًا بحب

في السفر والترحال متع مرغوبة من كثيرين، كالاكتشاف والمُغامرة والمعلومات الغنيّة… وفي جوب أرض الوطن، تجذّر في الجغرافيا، وتشبّع في التاريخ. وفي إطار حملة “لمتنا سعودية”، لمناسبة العيد الوطني التسعين، تتحدّث مجموعة من الرحّالة السعوديين عن تجارب ممتعة بين مدن المملكة ومناطقها.

محطّات في رحلات ابراهيم المطيري الداخليّة 

يُحدّثنا مؤسّس ورئيس مجلس إدارة “جمعيّة الرحالة” بالسعودية، ومؤلّف كتاب “رحلات غريبة”، ابراهيم المطيري عن رحلاته الداخليّة، فيقول: “تمتاز المملكة بتضاريسها المختلفة، وثقافاتها المتنوّعة، والكم الهائل من الحضارات الإنسانيّة العظيمة التي تحضنها… وقد زرت مجمل المواقع التاريخيّة والأثريّة في وطننا الغالي. لكن، من المواقع الهامّة التي أبهرتني “نيوم مدينة المستقبل”؛ ففيها أقدم وأعظم موانئ العرب، وهو ميناء “لوكي كومي” الذي كان يتبع مملكة الأنباط”. ويضيف المطيري: “تعدّ المنطقة أيضًا “معشوقة بطليموس”، وقد ذكرها في خرائطة باسم “آونة”، كما ذكرها ياقوت الحموي في معجمه باسم “عينونة”، وهي تعتبر ممر هامّ للقوافل التي كانت تتجه إلى الحجّ من الشام ومصر” .وعن تفاصيل الرحلة إلى “نيوم”، يشرح المطيري أنّه انطلق في هذه الرحلة منذ أكثر من شهر، وذلك من مكّة باتجاه ينبع، بعد المرور بمدينة الملك عبدالله بثول، والاستمتاع بشواطئها الساحرة ذات البنية التحتية المهيّأة. ويضيف المطيري:” أكملت الرحلة بعد ذلك إلى “أميرة البحر” ينبع التي مكثت فيها لليلة. وفي الصباح انطلقت باتجاه أملج الحوراء، هذه المدينة الحالمة الصغيرة والساحرة بشواطئها النظيفة، وهناك مكثت حتّى أعاين مشهد الغروب المبهر في ساحلها، ثمّ أكملت الرحلة إلى أن وصلت مدينة الوجة التي نمت فيها لليلة” .
ويردف المطيري، قائلًا عن رحلته: “في صباح اليوم التالي وجدت نفسي في أجمل المدن أي في الوجه، بالساحل الغربي الجميل. صحيحٌ أنّه سبق لي زيارتها من قبل، ولكنّها على غرار العروس تتجدّد وتتزيّن على الدوام .ثمّ انطلقت إلى ضبا، ميناء الشمال، فاستقريت في مدينة البدع أو مدين التي تحتوي على بئر سيدنا موسى الأثريّة ومغائر شعيب عليه السلام. لم استطع أن أتمالك نفسي من التأثّر، فيما أزور مدينة البدع”. بعد هذه المحطّات،
وتحديدًا في الصباح الباكر وصل المطيري مدينة الخريبة التي تخضع راهنًا للتهيئة والتنظيم. وعن زيارات الرحّال الأخرى، يقول إنّه مرّ أيضًا بـ”عيون موسى” وحطام الطائرة كاترينا في “راس الشيخ حميد”، لافتًا إلى أنّ المنطقة تزخر بمقوّمات سياحيّة وتاريخيّة وأثريّة، فلا يمكن أن يملّ زائر هذه البقعة .
“جمعية الرحّالة”
تُعنى “جمعيّة الرحّالة” بالرحّالة والمغامرين في السعودية؛ يفوق عدد المنتسبين إليها الثلاثمئة عضو من الرحالة الشباب والشابات السعوديين والسعوديات. وهي تُنظّم لهم الدورات والندوات التثقيفيّة والمعرفيّة، كما تساهم في نشر الوعي المجتمعي في مجالات الحفاظ على الآثار والمناطق السياحيّة ونقل الخبرات من الرحلات العالميّة. بدأت فكرة “الجمعيّة” عند زيارة أحد الرحالة العالميين المسلمين في مكّة لمؤسس “الجمعيّة” إبراهيم المطيري.

 

رحلة بخيت عبد الله المالكي في الربع الخالي على ظهر الإبل

يتحدّث الرحّال بخيت عبدالله المالكي، بدوره، عن تفاصيل رحلته مع “قافلة ركايب”، والتي تتبع لـ”نادي الإبل”، صحبة 21 دولة، وبإشراف مباشر من وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان، فيقول: “لقد كانت رحلة استكشافيّة عالميّة مليئة بالتحدّي والمغامرة لغرض عبور رمال صحراء الربع الخالي على ظهور الإبل، انطلاقًا من أوبار في أقصى جنوب المملكة، وصولًا إلى واحة يبرين شمالي الربع الخالي، بهدف تعليم الشباب ركوب الإبل، والتعامل معها، والمهارات الكشفيّة، وطرق التعايش مع البيئة الصحراويّة”.

يتابع المالكي قصّ محطّات رحلته على ظهر الإبل، فيقول: “بعد ثلاثة أيّام من التدريب، بدأت خطواتنا الأولى في الصحراء فسرنا لثلاثة أيّام متواصلة بين الكثبانات الوعرة لدرجة أن “الركايب” مشت على ركابها لتسلّق الكثبان، ثمّ ارتحنا في اليوم الرابع. وكانت الأجواء حارّة نهارًا وباردة ليلًا، وواجهتنا صعوبات، في منطقة الدكاك، لنعاود سيرنا في اليوم الخامس، ولخمسة أيّام متواصلة كي نصل إلى بئر خور نيفة، وهناك أنهينا أكثر من 150 كيلومترًا من المسير. وكانت أصعب تسعة أيّام قابلناها”.

ويضيف المالكي: “ثمّ سرنا لثلاثة أيّام، وارتحنا في “قلمة جلاب”، والأخيرة عين مثل النافورة، أسقينا بها “الركايب” واغتسلنا منها. ثمّ سرنا لثلاثة أيّام متواصلة إلى منطقة “الحديدة” التي يقال أن نيزكًا سقط على أرضها منذ أربعة قرون. علمًا أنّ المتحف الوطني بالرياض يحتفظ بقطعة من النيزك، يُقدّر وزنها بـ 2750 كيلوغرامًا”. ويتابع المالكي: “ثمّ سرنا لثلاثة أيّام، وارتحنا في “بئر الشلفاء”، بعد اجتياز مسافة تتجاوز أربعمئة كيلومتر. وبعد أربعة أيّام متواصلة، بلغنا نقطة الوصول، وتمّ الاحتفال في “يبرين”، وبذا قطعنا الربع الخالي أي مسافة تتجاوز سبعمئة كيلومتر على ظهور الإبل”.
من جهةٍ ثانيةٍ، وفي اليوم الوطني التسعين، على “أجندة” الرحّال مسير من الباحة إلى أبها، سيرًا على القدمين.

رحلة “جنون الجنوب” مع شرين أبو الحسن  

رحلات مؤسِّسة فريق رواسي للـ”هايكنج”، شرين أبو الحسن، في الداخل السعودي وافرة، بخاصّة في إطار السياحة البيئيّة. وفي ظلّ جائحة “كورونا”، توسّعت الأماكن التي مرّت بها الرحّالة لتشمل محافظات كثيرة، فكانت لها رحلة إلى “وادي الديسة” ووادي “طيب اسم” في تبوك و”أشيقر” و”ثادق” و”الغاط” و”مرات” و”القصب” و”المجمعة”. أمّا رحلتها الأخيرة حتّى كتابة هذه السطور، فقد أطلقت عليها اسم “جنون الجنوب” وقد بدأت من “الطائف”، ومرّت بـ”الباحة” و”النماص” و”تنومة” و”أبها”، وانتهت بـ”جازان”.

تصف أبو الحسن رحلتها، قائلةً إنّ “أرضنا مليئة بالكنوز التي يتمنّى أي سائح أن يكتشفها، وهو سيستمتع برؤية الكثير من المشاهد الطبيعيّة الخلّابة”. وتُضيف: “رحلتي الأخيرة فتحت شهيّتي على التخطيط لرحلات أكثر، بغية اكتشاف أماكن لم أطرقها من قبل، فأرضنا من شرقها لغربها، ومن شمالها لجنوبها، تعجّ بعناوين جذّابة جديرة بالزيارة”. ومن الأماكن الطبيعيّة التي تروق الرحّالة، هي تُعدّد وادي الديسة في منطقة تبوك، وجبل السودة في أبها، ووادي لجب في جازان، فهي لا تملّ تكرار الزيارات إلى تلك العناوين. وتتطلّع إلى زيارة أماكن أكثر، وتنصح قرّاء “سيدتي. نت” بالقيام بمثل هذه الرحلات التي “تقرّبنا أكثر من حب الطبيعة، وتعرّفنا إلى ربوع الوطن”، بحسبها.

سعودييون