في ظل تداعيات للجائحة كورونا، يشهد المسافرون حول العالم تغييرات غير مسبوقة، ستبدل مشهد السفر العالمي كلياً. وتضع التوقعات العالمية لأكثر من 90% من الأفراد للسفر قريباً، قدرا كبيرا من المسؤولية والتحديات على عاتق القطاع تأقلم مع الواقع القائم، وتبنّي السياسات والاستراتيجيات المناسبة للتعايش مع الوضع الطبيعي الجديد.
المزيد من الوقت للتخطيط
من المحتمل أن يكون التخطيط للرحلات أكثر تفصيلاً الآن، حيث يُتوقع أن يتم ترميز كلمات البحث الأساسية وخطوات السفر المختلفة في رحلتنا التالية، لضرورة اتخاذ الإجراءات والتدابير الاحترازية، والالتزام بلوائح الصحة والسلامة الصادرة عن الجهات المعنية. ومن المتوقع أن يتعذر على المسافرين حجز تذاكرهم في اللحظة الأخيرة أو السفر بدون اتباع الإجراءات الاحترازية، التي قد تحتاج لبعض الوقت والتخطيط قبل السفر في المستقبل القريب. سيكون الناس أكثر وعياً لناحية اختيار الوجهات التي سيختارونها لقضاء إجازاتهم، والحجز المسبق لتذاكر السفر وأماكن الإقامة حتى عند التخطيط لقضاء عطلة في بلد إقامتهم.
وقد نلحظ اتجاهات عكسية مختلفة، حيث يتوقع أن يعتمد المسافرون أكثر، على الخدمات التي توفرها العلامات التجارية وسلاسل الضيافة الموثوقة، والتي تتبع المعايير الخاصة للعناية بالصحة والنظافة، بدلاً من الإقامة مع العائلات المحلية واستخدام وسائل النقل العام. كما يمكن للواقع المعزز أو الافتراضي أن يلعب دوراً هاماً في طمأنة المسافرين لناحية الواقع الصحي في المناطق التي يختارونها، وتثقيفهم باحتياطات السلامة الضرورية لحمايتهم والتي تعزز راحة البال وتمكنهم من اتخاذ قرارات مستنيرة.
بوابات إلكترونية
مع بدء إعادة فتح الأجواء، يمكننا رسم خارطة طريق السفر الدولي في المستقبل على نحو أكثر كفاءة. فمن المتوقع أن يتم التشجيع على استخدام أكشاك الخدمة الذاتية، ومنصات تسجيل الوصول عبر الإنترنت، واعتماد أنماط التعريف الرقمية، وغير ذلك من الإجراءات الرقمية عند السفر جواً، لضمان الحد الأدنى من التواصل البشري المباشر، تلافياً لمخاطر انتشار العدوى، إلا أن الحاجة لتعقيم شاشات اللمس بعد كل استخدام سيشكل عبئاً إضافياً على مزودي الخدمات.
كما سيتم تشجيع المسافرين أيضاً، على اعتماد الخيارات الرقمية لمعالجة الوثائق عند السفر إلى دول أخرى. وتساهم الحلول التكنولوجية المتقدمة مثل eVisas وبوابات جواز السفر الإلكترونية في معالجة وثائق السفر الأساسية رقمياً، للحفاظ على سلامة المسافرين.
كما ستكتسب خدمة الفيزا الإلكترونية عند الوصول، المعتمد في تايلاند على سبيل المثال، أهمية متزايدة، حيث سيتمكن السياح بموجبها من إنجاز معاملات التأشيرة عند الوصول في مطار الوجهة على نحو أكثر سرعة وسلامة. وسيساهم هذا الحل بشكل أساسي في إتاحة الفرصة للحصول على التأشيرات عن بعد، إضافة إلى اختصار الوقت اللازم لإجراء هذه العملية.
التعرف على الوجوه
من ناحية أخرى، ستساهم بوابات جواز السفر الإلكترونية، التي تستخدم تقنية التعرف على الوجه، للتحقق من هوية المسافر مقابل البيانات المخزنة في الشريحة في جوازات السفر البيومترية، في تلافي المخاطر الصحية والمخاطر الأمنية المحتملة. إضافة إلى ذلك، يساهم هذا الحل في تعزيز عمليات تنفيذ المبادرات العالمية لضمان سفر رقمي أكثر ذكاءً. وتساهم مبادرة برنامج الهوية الرقمية المعروف للمسافرين KTDI، التي تم إطلاقها من قبل المنتدى الاقتصادي العالمي، في تدشين اتحاد عالمي يضم الأفراد والحكومات والسلطات والشركات العاملة في قطاع السفر، للمساهمة في تعزيز الأمن في قطاع السفر العالمي. ويساهم هذا البرنامج في تمكين الأفراد من إدارة ملفهم الشخصي وجمع “الشهادات” الرقمية لبياناتهم الشخصية، ما يتيح لهم تحديد البيانات التي يريدون مشاركتها ومتى. وكلما زاد عدد الشهادات التي يشاركها المستخدم، كلما كانت معالجة عمليات السفر أكثر سهولة وبساطة وسرعة.
معايير السلامة
بخلاف مجهود السفر، فمن المتوقع أن تشهد طريقة اختيار مكان الإقامة والخدمات المتاحة للمسافرين في الوجهات تغيراً ملحوظاً. يجب أن يكون المسافرون على دراية تامة بمقتنياتهم، والتأكد من تعقيم أمتعتهم وأغراضهم الشخصية الأخرى. وقد تكون أنفاق التطهير بالأشعة فوق البنفسجية من بين الخيارات، التي سيتم استخدامها عند نقاط الدخول لضمان السلامة.
ومن المؤكد أن يشهد القطاع ارتفاعاً، لناحية الاعتماد على الأمتعة وأساسيات السفر الممكنة بإنترنت الأشياء، لتمكين المسافرين من تتبع أمتعتهم وتعزيز وعيهم بالأشياء التي يلامسونها. من ناحية أخرى، سنشهد انتشاراً واسعاً لمفاتيح غرف الفنادق الرقمية، التي تمكن المقيمين من الوصول إلى غرفهم فوراً دون الحاجة إلى الانتظار في قاعات الاستقبال المزدحمة. ورغم أن الحجوزات الرقمية التي تسمح للأفراد بتخطيط السفر عن بُعد باتت خياراً شائعاً، إلا أنها باتت تكتسب أهمية أكبر بالنسبة للمسافرين حالياً.