قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون خلال زيارة لإسرائيل يوم الأربعاء إن من الواضح أن إسرائيل قررت الرد على هجوم إيران عليها، في أقوى تحذير حتى الآن من موجة أخرى من التصعيد في الشرق الأوسط.
وتسعى القوى العالمية جاهدة إلى منع اندلاع صراع أوسع نطاقا في المنطقة بعد الهجمات الإيرانية مساء السبت بمئات الصواريخ والطائرات المسيرة، وهي المرة الأولى التي تهاجم فيها طهران إسرائيل مباشرة بعد المواجهات بينهما على مدى عقود من خلال فصائل موالية لإيران.
وشنت إيران الهجمات ردا على ما يشتبه بأنه غارة جوية إسرائيلية على مجمع سفارتها في دمشق في الأول من أبريل نيسان، والتي أسفرت عن مقتل اثنين من كبار القادة وعدد من الضباط الإيرانيين الآخرين.
وبعد مرور أكثر من ستة أشهر على اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) المدعومة من إيران، والتي صاحبها تصاعد أعمال العنف في أنحاء المنطقة، يبحث الدبلوماسيون عن سبيل لتجنب معركة مباشرة بين إسرائيل وإيران.
وقال كاميرون للصحفيين في مستهل زيارته للقدس “من الواضح أن الإسرائيليين يتخذون قرارا بالتحرك… نأمل أن يفعلوا ذلك بطريقة لا تؤدي إلا إلى أقل قدر ممكن من تصعيد الأمر”.
وتأمل واشنطن وحكومات غربية أخرى أن تساعد العقوبات الاقتصادية الجديدة على إيران في إقناع إسرائيل بالحد من نطاق ردها على الهجوم الإيراني. وقال كاميرون إن بريطانيا تأمل في فرض عقوبات منسقة على إيران من دول مجموع السبع التي تجتمع هذا الأسبوع في إيطاليا.
وأضاف أن الإيرانيين “بحاجة إلى رسالة واضحة لا لبس فيها من مجموعة السبع”.
ومن المتوقع أن تناقش إسرائيل ردها على إيران في اجتماع لحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، التي تضم أيضا منافسين من تيار الوسط جرى ضمهم إلى الحكومة في استعراض للوحدة بعد أن هاجمت حماس إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول.
وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان في بيان يوم الثلاثاء إن واشنطن تعتزم فرض عقوبات جديدة على برنامج الصواريخ والطائرات المسيرة في الأيام المقبلة وتتوقع أن يحذو حلفاؤها حذوها.
وفي وقت سابق قالت وزيرة الخزانة جانيت يلين إن الولايات المتحدة ستستخدم العقوبات وستعمل مع حلفائها لمواصلة عرقلة “نشاط إيران الخبيث والمزعزع للاستقرار”.
وقال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، متحدثا في بروكسل بعد مؤتمر طارئ عبر الفيديو لوزراء خارجية الاتحاد، إن بعض الدول الأعضاء طلبت توسيع العقوبات على إيران.
وأضاف بوريل أن الاقتراح سيوسع نظام العقوبات الذي يسعى إلى الحد من توريد الطائرات الإيرانية المسيرة إلى روسيا بحيث يشمل أيضا إمدادات الصواريخ، ويمكن أن يشمل كذلك عمليات التسليم إلى وكلاء إيران في الشرق الأوسط.
- ‘وقفو الحرب! وقفو الحرب!’
منذ أن اشتعلت الحرب في غزة بعد هجوم حماس على جنوب إسرائيل، مما أسفر وفقا للإحصائيات الإسرائيلية عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 253 رهينة، اندلعت مواجهات أيضا بين إسرائيل وجماعات متحالفة مع إيران متمركزة في لبنان وسوريا واليمن والعراق.
وداخل غزة شنت إسرائيل حربا جوية وبرية واسعة النطاق تأكد خلالها وفقا لوزارة الصحة في غزة مقتل ما يقرب من 34000 فلسطيني، ويخشى أن يكون آلاف آخرين قد لقوا حتفهم وما زالوا مفقودين بين الأنقاض.
وباستثناء أسبوع واحد في نوفمبر تشرين الثاني جرى خلاله وقف إطلاق النار، وتسنى خلاله إطلاق سراح نحو نصف الرهائن، لم تسفر الجهود الدبلوماسية إلى الآن عن التوصل إلى شروط لمجرد هدنة أطول أمدا، وليس إنهاء الحرب.
وسحبت إسرائيل هذا الشهر بشكل مفاجئ معظم قواتها من جنوب قطاع غزة، الذي شهد معظم المعارك العنيفة منذ بداية العام. وتركز القتال خلال الأيام الماضية في وسط غزة، في مخيم النصيرات شمالي دير البلح، وهي إحدى المناطق القليلة التي لم تقتحمها القوات الإسرائيلية بعد.
وفي مشرحة مستشفى في دير البلح، بدا الغضب والحزن على أفراد عائلة النوري بينما كانوا بجوار جثث داخل أكياس، عدد منها لأطفال صغار، في مقطع فيديو حصلت عليه رويترز. وقالت السلطات إن 11 شخصا قتلوا في غارة إسرائيلية على منزل العائلة يوم الثلاثاء.
وصرخ رجل داخل المستشفى المزدحم قائلا ” يا عالم اللي بيصير غلط ارحمونا وقفوا الحرب وقفوا الحرب الأطفال بيموتوا في الشوارع”.
وذكرت وسائل إعلام تابعة لحماس أن القوات الإسرائيلية انسحبت من بيت حانون في شمال غزة بعد مداهمة استمرت 36 ساعة هناك.
وقدمت دول غربية، منها الولايات المتحدة، دعما قويا في بداية الحملة الإسرائيلية على حماس، لكن مع مرور الوقت عبرت عن استيائها من ارتفاع عدد القتلى من المدنيين ودعت إلى وقف فوري لإطلاق النار.
وتقول إسرائيل إنها لن توقف القتال حتى يتم القضاء على حماس بينما تقول الحركة إنها لن تطلق سراح الرهائن لديها دون هدنة تتضمن خطة واضحة لإنهاء الحرب.
ويلوح شبح مجاعة في الأفق لكن الولايات المتحدة وإسرائيل تقولان إن وصول المساعدات تحسن بشكل كبير هذا الشهر. غير أن وكالات الإغاثة ترى أن إمدادات الغذاء والدواء لا تزال ضئيلة جدا مما يحول دون تجنب كارثة إنسانية.