“الربابة”.. نغمٌ أطرب أهل “البادية والمدن”

ارتبطت الربابة ارتباطاً كُلياً بأهالي البادية عامةً، وخصوصاً شمال المملكة، حيث عاشت الربابة أوقات الأُنس مع أصحابها؛ إذ يأنس الشمالي عند سماع صوتها بعد يوم شق عليه العمل فيه، ليكسب قوته من وراء الماشية.

وتعد الربابة رفيقة الرحلات والمناسبات، وعاشت حكايات طويلة مع العرب، فقد تغنى بها الكثير لمدة من الزمن ورافق صوتها، ونظم العديد من أبناء البادية، أجمل قصائدهم الحربية والغزلية، فيما تشير بعض الروايات والقصص إلى أن الربابة هي أصل تفرعت عنه بقية الآلات الموسيقية الوترية، حيث يعود تاريخها إلى ما قبل الميلاد.

ويكشف العازف عايد بن عبدالكريم القازح أحد أبناء منطقة الجوف، بداية رحلته مع الربابة منذ عام 1421هـ، ليواصل علاقته بهذه الآلة وشغفه بها، لأكثر من 20 عاماً، بدأ التعلق بها منذ أن كان طفلاً، إذ تعلم العزف عليها دون مساعدة أحد، فظل يمارسها لساعات طويلة من اليوم، حتى أتقن العزف عليها بكل الطرق المختلفة.

وشرح بن قازح أن الربابة تصنع من الأخشاب بحيث تأتي على شكل هندسي، ويمثل المستطيل أغلب أشكالها ويشد عليه جلد حيواني، سواء من جلود الأغنام أو البقر، ويعلو الربابة “الكراب” الخاص بشد الوتر، و”السبيب” يصنع من ذيل الخيل وهو الوتر العازف الذي يتوسط الربابة فوق الجلد المشدود مرفوعاً، تقطعه خشبة صغيرة تسمى “الجحش”، كما يستخدم العازف القوس المصنوع من الخيزران والمشدود بالسبيب فيصدر صوتاً عند احتكاكه بالسبيب الذي يتوسط الربابة والجلد المشدود.

وتنوعت بحسب بن قازح طُرق العزف فيها وتتراوح بين الهجيني والمسحوب والهلالي، والسامري، يختلف باختلاف المنطقة أو الدولة، وللربابة مكانة عند العرب خاصة، فقد رافقتهم في الحِل والتّرحال من الفتوحات الإسلامية، وصولاً بالأندلُسية التي بدورها نقلت الربابة إلى أوروبا لتنتشر بأشكال ومسميات مُختلفة.

ويؤكد أن الربابة لم تندثر حتى وقتنا الحالي؛ حيث يتم العزف على الربابة والاستمتاع بأنغامها في بعض المناسبات، وعند السمر لدى المجموعات التي اعتادت الخروج للتنزه في الرحلات البرية وفي المخيمات، كما لا تزال أنغام الربابة تتردد لتطرب أهل البادية في مجالسهم ومضاربهم.