بالتزامن مع استعداد محافظة الدرعية لأن تكون عاصمة الثقافة العربية بحلول عام 2030م، تماشيًا مع رؤية المملكة العربية السعودية 2030م، تشهد عادة الدولة السعودية “الأولى” تطورات غير مسبوقة، تعكس رمزية المكان المستلهم من تاريخ ضارب في الجذور حيث أرض الملوك والأبطال.
ويسعى مشروع تطوير الدرعية التاريخية كأحد المشاريع المحورية لرؤية 2030م من أجل الإسهام في تحويل الدرعية إلى واحدة من أهم الوجهات العالمية، ومكان لتجمع العالم بأسره، لتستمر الدرعية مصدر فخرٍ ومنارة اعتزازٍ لكل السعوديين.
بمرور الوقت استطاعت السعودية على يد المؤسس الإمام محمد بن سعود في العام 1727م أن تنشر الأمن في المملكة الأولى، ومع اتساع رقعتها، وتطور العمران بها، ازدهرت العمارة في الدرعية، وهي المحافظة الأولى في المملكة ويحدها من الشمال محافظة حريملاء، ومن الجنوب محافظة ضرما ومدينة الرياض، ومن الشرق مدينة الرياض، ومن الغرب حريملاء ومحافظة ضرما.
وازداد عدد الأحياء والمساجد، وتوارد على مجالسها أمراء ورؤساء القبائل وسفراؤها، فذاع صيت الدرعية بصفتها عاصمة يسودها الاستقرار والأمن والرخاء، حيث تبلغ مساحتها لعام 2020 كيلو متر مربع، ويبلغ عدد سكانها 95,834 نسمة حسب تعداد السعودية العام الماضي 2022م.
وأعلنت منظمة الأمم المُتحدة للعلوم والتربية والثقافة عام 2010م، أن حي الطريف في مدينة الدرعية موقع تراث عالمي، وبذلك يصبح ثاني موقع في السعودية ينضم إلى قائمة مواقع التراث العالمي إلى جانب مدائن صالح، وتضم المحافظة الأحياء الآتية: “حي الطريف- حي البجيري- حي سمحان- حي غصيبة وغيرها”.
وتعود نشأة الدرعية التاريخية إلى عام 1446م، بعد مجيء مانع بن ربيعة المريدي الجد الثالث عشر للملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، وتحولت من بلدة صغيرة تقع بجوار القطيف، إلى أرض خصبة على ضفاف وادي حنيفة، كما شكلت منعطفاً تاريخياً في الجزيرة العربية، وأصبحت الدرعية قاعدة الدولة ومقر الحكم والعلم، واستمرت كذلك إلى أن اختار تركي بن عبد الله الرياض مقراً جديداً للحكم، وذلك عام 1824م.
واستمرت الدرعية المدينة الأشهر في جزيرة العرب خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر للهجرة، وظلت مشهورة حتى بعد أن ألحقت جيوش الدولة العثمانية التدمير بها وبمحيطها الجغرافي، سنة 1818م، وكانت تمتلك الدرعية مكانة ثقافية ومعرفية، جعلتها العاصمة الأبرز التي تحفل بكل عناصرها التي ستصبح أحد أهم الوجهات الثقافية السياحية العالمية يومًا ما.
وكانت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم “الألكسو”، قد أعلنت عام 2021م، عن اختيار محافظة الدرعية عاصمة للثقافة العربية للعام 2030، نظير رمزيتها الخالدة على صعيد الثقافة محلياً وإقليمياً، وما تمتلكه من تاريخ مشهود ذي إرث حضاري لا يزال مؤثراً حتى اليوم.
وجاء ذلك تزمنًا مع رؤية المملكة 2030م، وجعلتها المملكة ضمن أهداف رؤيتها التي تسعى لتحقيقها بخطط مبتكرة ومتميزة تُخاطب عقول أجيال التقدم التكنولوجي والتقني، وتحقيق رؤيتها على أرض الواقع بحلول عام 2030م.
كما جاء ذلك بعد مصادقة وزراء الثقافة العرب في اجتماعهم السنوي تحت مظلة منظمة “الألكسو”، الذي عُقد في مدينة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة خلال الفترة من 19 إلى 20 ديسمبر 2021م، على اختيار محافظة الدرعية العاصمة العربية للثقافة لعام 2030.
يذكر أن اختيار الدرعية عاصمة للثقافة العربية في 2030م، يضم تنظيم العديد من الفعاليات التي تشمل جميع عناصر الثقافة، وورش العمل الفنّية والعروض الخاصّة بالمسرح والسينما، والمهرجانات والمسابقات والأسابيع الثقافية، وتبادل الوفود والفرق الفنّية، وتأهيل المؤسسات الثقافية الموجودة وتطوير أدائها، ورعاية الإبداع وتشجيع المبدعين ودعم المثقفين وتنشيط الساحة الثقافية.