«مبادرة التراث العمراني الحديث» خطوة استباقية لتوثيق الحقب العمرانية السعودية

تشكّل معالم التراث الحديث في المدن السعودية، صورة عن التطور العمراني الذي شهدته مع مرور الزمن، وانعكس في صروح ومبانٍ وأحياء سكنية وميادين عامة، تمثّل نتاج التجربة السعودية التي تروي قصة تحول وتطور المدن والمنشآت العامة والمدخلات الفنية والتقنية في البناء والذائقة العامة التي تطورت وتفاعلت مع الوقت.

وكشفت هيئة التراث السعودية عن مبادرة «التراث العمراني الحديث»، التي تُعنى بالمحافظة على معالم التراث المعماري الحديث ذات الأهمية، ورعاية أهم النماذج الثقافية المبنية المميزة، التي تمثل عناصر جوهرية شكَّلت ذاكرة وتاريخ العمارة والعمران السعودي في فترات زمنية ماضية. وتحتفي المبادرة بالتراث كثروةٍ ثقافية، وتحفظ للأجيال سيرة عمرانية شاهدة على التحول الحضاري والوعي الاجتماعي الذي انعكس على الشواهد العمرانية، كما تعزز المبادرة حماية وإدارة وتمكين الابتكار والتطوير المستدام لمكونات التراث الثقافي.

 

‏إطلالة ساحرة من مبنى على البحر الأحمر في المنطقة التاريخية بالوجه غرب السعودية (وزارة الثقافة)‬⁩

 

ذاكرة حيّة لمسيرة التنمية السعودية

وتنبع المبادرة من الوعي بأهمية الشواهد العمرانية كذاكرة حيّة لمشوار التنمية السعودية، وارتباطها بقصة قيام الدولة ونهضتها التنموية المتعاقبة، حيث كانت المباني صورة عاكسة جليّة عن تطلع البلاد إلى تحديث بنيتها ومواكبة التطورات، فيما تركز جهود هيئة التراث في المحافظة على مكونات وعناصر ومباني التراث العمراني الحديث، ويغطي النطاق الزمني للمبادرة فترة معمارية مهمة في رحلة التنمية السعودية، ارتبطت بشكلٍ وثيق مع تغير أنماط البناء استجابة للنمو الاقتصادي والاجتماعي الذي عاشه المجتمع السعودي في العقود الستة الماضية، وتسعى المبادرة إلى استعادة ذاكرة المباني، التي تجسِّد الحقب الزمنية والمعمارية المختلفة.

 

وزير الثقافة ورئيس هيئة التراث في زيارة لأحد مشاريع ترميم موقع تراثي في الرياض (واس)

 

ويتم تفعيل مبادرة التراث العمراني الحديث، وفق ثلاثة برامج عملية رئيسية، تبدأ مع برنامج استكشاف وتسجيل التراث العمراني الحديث، وبرنامج توثيق التراث العمراني الحديث، وبرنامج الحفاظ على التراث العمراني الحديث وترميمه، تنفَّذ على ست مراحل تُمثل دورة حياة المحافظة، تشمل الاستكشاف، والتوثيق المعماري والعمراني، والتسجيل والترميز، والترميم وإعادة التأهيل، والتنمية والاستثمار، والإدارة والتشغيل.

وحددت «مبادرة التراث العمراني الحديث» ثمانية معايير رئيسية لاختيار معالم ومباني التراث العمراني الحديث وتسجيله، تضم عناصر الجمالية، والقيمة التاريخية الثقافية، والقيمة العلمية والتكنولوجية، كونه معلماً بارزاً، بالإضافة إلى الندرة، والسياق المكاني، والوضع للموقع، والأصالة، بحيث يُدرج المبنى المستهدف في سجل التراث العمراني الوطني بعد تحقيقه كل أو جزء من هذه المعايير.

 

‏القصر الأحمر بالرياض جمالٌ آسر في كل زاوية (وزارة الثقافة)‬⁩

 

استراتيجية مستقبلية لتوثيق التراث الحديث

وبدأت هيئة التراث العمل على مشروع استراتيجية التراث الحديث بوصفه مرحلة رئيسية من خطة عمل مبادرة التراث الحديث، التي تم إطلاقها في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022م، وتركز المرحلة الأولى على بناء استراتيجية مستقبلية تتضمن كل المسارات ذات العلاقة بمنظومة توثيق مباني ومواقع التراث الحديث في مناطق المملكة كافة والمحافظة عليها وتنميتها.

المبادرة الاستباقية التي تُعنى بالمحافظة على معالم التراث المعماري الحديث ذات الأهمية، وما تمثله من قيمة جوهرية في ذاكرة وتاريخ العمارة والعمران في المملكة خلال الحقب الزمنية الماضية، وسردية مادية عن التجربة السعودية في تفاعلها مع تقنيات البناء والعمارة والبعد الاجتماعي، الذي يكمن في التفاصيل الموزعة في الإنشاءات وأسرارها العميقة.

ومن المخطط أن تمرّ المبادرة في عدد من المراحل، من بينها المرحلة الحالية المتمثلة في بناء الاستراتيجية التي تتناول مسارات حصر القائمة الأولية وتصنيفها، ثم تنتقل إلى المراحل التالية، وتشمل التوثيق المعماري والعمراني، والتسجيل والترميز، والترميم وإعادة التأهيل، والتنمية والاستثمار، إلى جانب الإدارة والتشغيل، وتندرج جميعها في المنظومة العلمية الناظمة للمبادرة، التي ستنعكس على نتائجها اللاحقة.

السعوديةرئيسي