تعتبر الشعاب المرجانية ضرورية لصحة البحار والمحيطات وملايين البشر الذين يعتمدون عليها في معيشتهم. ومع ذلك، فإنها تتأثر إلى حد بعيد بارتفاع درجة حرارة المحيطات والضغوطات البيئية ذات الصلة في جميع أنحاء العالم، الأمر الذي يستدعي وضع إستراتيجيات تعاونية فاعلة لتعزيز صمودها ومنعها من التدهور.
وفي هذا السياق، تبذل مبادرة كاوست لإحياء الشعاب المرجانية (KRRI) جهودا رائدة للحفاظ على 100 هكتار من الشعاب المرجانية في البحر الأحمر وتعزيز انتشارها وإحيائها. من خلال الاستفادة من أحدث مشاتل تربية المرجان العائمة التي على اليابسة، إضافة لاستخدام التقنيات المبتكرة لإنتاج المرجان، والرصد البيئي وتحديد تضاريس مواقع الشعاب. وتطمح المبادرة إلى أن تكون الأكبر من نوعها في العالم لإحياء الشعاب المرجانية وترميمها.
انطلق العمل في مارس من عام 2023 بعد شهور من التخطيط والتقييمات الأساسية لإحياء الشعاب المرجانية في جزيرة شوشة، وهي جزيرة على ساحل مدينة نيوم. في الشهر الأول، قامت المبادرة بنشر نحو 5000 من الشعاب المرجانية من 12 نوعًا مهمًا، محققة نحو نصف هدفها السنوي لعام 2023. ولتحقيق أقصى قدر من الإنتاجية، قامت المبادرة أيضًا بفحص سبع تقنيات متقدمة لتكاثر الشعاب المرجانية وخمسة تصاميم مختلفة لمشاتل المرجان. وتتوقع أن تبلغ طاقتها الاستيعابية إنتاج نصف مليون من الشعاب المرجانية سنويًا، جميعها تستخدم لترميم موائل الشعاب المرجانية المتنوعة في البحر الأحمر واستدامتها.
يشار إلى أن تاريخ الخامس من مايو الجاري سجل علامة فارقة أخرى للمشروع، حيث رصد الفريق أول تكاثر جماعي متزامن للمرجان في المنطقة، وتضمن عشرات الأنواع المختلفة. وأتاح ذلك فرصة الحصول على معلومات مهمة عن مواسم تكاثر المرجان، والتي ستقود جهود المشروع في تحديد كميات المواد المرجانية المنتجة خلال مواسم التكاثر لزيادة حجم إحياء الشعاب. وسيكون التركيز الرئيسي للمشتل الموجود على اليابسة هو تحسين بقاء الشعاب المرجانية اليافعة المأخوذة في أثناء فترة التكاثر، وكذلك الإنتاج الضخم للأجزاء الدقيقة في المرجان بهدف تسريع نمو الأنسجة المرجانية.
وقال توم مور، مدير المشاريع في مبادرة كاوست لإحياء الشعاب المرجانية في جزيرة شوشة: «إن نشر المشاتل العائمة في المحيطات، وجمع الشعاب المرجانية ونشرها خلال المرحلة التجربية، إلى جانب تحديد الإطار الزمني لموسم تكاثر المرجان في شمال البحر الأحمر، يوضح الإمكانات الفريدة والالتزام الكامل للمبادرة نحو تنفيذ هذا المشروع في جزيرة شوشة وخارجها».
هذه المبادرة عبارة عن عمل تعاوني متعدد التخصصات يشمل جهود العلماء والمهندسين وصناع القرار والمجتمعات المحلية، ويستفيد من أحدث التطورات في العلوم والتقنية والابتكار لتطوير إستراتيجيات استعادة فعالة يمكن توسيعها مستقبلًا وتكرارها في أماكن أخرى. وتسعى مبادرة كاوست لإحياء الشعاب المرجانية من خلال هذا العمل لأن تكون نموذجا يحتذى به للدول والمؤسسات الأخرى، وأن تساهم في تقديم نهج رائد ومبتكر لاستعادة المرجان والحفاظ عليه في جميع أنحاء العالم.
وقال جيري توماس، رئيس الإستراتيجية والعمليات في مبادرة كاوست لإحياء الشعاب المرجانية: «تفاني فريقنا وشغفه والتزامه هو المحرك الرئيسي الذي سيساعدنا على تحقيق هدفنا الطموح في استعادة 100 هكتار من الشعاب المرجانية المجاورة لجزيرة شوشة وربما أبعد من ذلك».
وتتماشى مبادرة كاوست لإحياء الشعاب المرجانية مع خطط المملكة العربية السعودية الطموحة لتحويل اقتصادها ومجتمعها من خلال تعزيز التنمية المستدامة والحفاظ على الموارد الطبيعية، والتي منها استعادة النظم البيئية الحيوية البحرية. كما تثبت هذه المبادرة جدية المملكة والتزامها الكبير بتحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، ولا سيما الهدف 14، الذي يؤكد على أهمية حماية المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام.