arab24-شكلّ مهرجان الحريد السياحي الذي يقام منذ عشرات السنين، طابعاً فريداً لجزر فرسان الواقعة في منطقة جازان جنوب غربي السعودية، حتى أصبحت عادةً سنوية يستقبلها الأهالي بطقوس فرائحية فتتزين البيوت والأحياء ويستبشر بها الأهالي والسكان.
وفي لحظات دخوله تقام الألعاب الشعبية من قبل الرجال، ويتزين النساء بنقش أياديهن بالحناء وتقام الأفراح والمناسبات في أجواء كرنفاليّة تكسر العزلة والصمت.
حيث يبدأ موسم صيد سمك الحريد في بداية شهر أبريل من كل عام في شاطئ الحصيص، الذي يبعد عن مقر سكن أهالي فرسان 15 كم، ويستمر لمدة أسبوع على خروجه، حيث يسبق خروجه بأسبوع انبعاث رائحة من البحر تسمى (البوسي) وتفوح في أجواء جزيرة فرسان وتشم حتى داخل المنازل والحارات.
وخلال هذا العام، استطاع المتسابقان عبدالرحمن مساوي ومحمد عقيلي صيد نوع جديد من السمك من بين مئات المتسابقين، يعد ظهورها الأول من نوعه من بين أسماك الحريد، مستخدمين وسيلة الشبك العادية، وهي طريقة تقليدية تستخدم منذ القدم.
وقال عبدالرحمن مساوي، إن المقطع الذي تداول في منصات التواصل الاجتماعي وأنا أحمل السمكة الكبيرة من نوع (البياض) هي لحظة جميلة وثقها المتسابقون لتعجبهم في ظهور هذا النوع من السمك لأول مرة.
وبين “أن من قام بصيد هذه السمكة هو صديقي محمد عقيلي بعد أن هرب منها المتسابقون عندما رأوها ظناً منهم أنها سمك (القرش)، وبعد صيدها من قبل زميلي، قمتُ بحملها نظراً لثقل وزنها حتى أذهب بها إلى منصة أمير منطقة جازان الأمير محمد بن ناصر لمشاهدتها، الذي أعطى الإشارة لبدء المتسابقين في منظر جميل شبيه بالمارثون.
من جهته، قال المرشد السياحي عثمان حمق: ذكر بن مجاور في كتابه تاريخ المستبصر المتوفي عام 620 من الهجرة أنه في فرسان جزيرتان إحداهما صور والأخرى جدة، وأنه إذا وصلت الشمس بعد الشروق فإن الناس تنزل إلى البحر وتصيد السمك الذي يأتيهم في السنة مرة، فأهل فرسان الحاليين توارثوا هذه العادة السنوية منذ القدم، فسمك الحريد في السابق كان لا يباع في الأسواق ويعتبر في العرف من العيب بيعة، على أن يتم تقديمه كهدية للأقارب والأحباب.
وتابع الحديث: كان الأهالي يذهبون على ظهور الدواب من الجمال والحمير، محملين شباكهم، ويتم تعيين قائد لهم يوجههم بالمهام وتوزيع الأعمال، ومنهم من يجمع شجر الكسب الذي ينبت ويتكاثر بجوار الشواطئ لاستخدامه في تحويط الأسماك عند اصطيادها، ومنهم من يراقب البحر لمشاهدة أسراب الحريد التي تسمى بالسواد، وعند مشاهدة قطع الحريد في البحر كسواد الغمامة، يقوم مجموعة بالنزول في البحر واصطياده وسحبه إلى حافة الشاطئ، وتقوم مجموعة بوضع شجر الكسب الذي تم تجميعه بتحويط الأسماك، وبعد أن يتم الانتهاء من هذه المهمة، يكون الناس مصطفين على شاطئ البحر، فيقوم الآمر أو القائد بإعطاء إشارة البدء في اصطياد السمك، ومع كل صياد سلة مصنوعة من ورق شجر النخيل، فيطلق الآمر صرخة تسمى الضويني وهي صرخة متعارف عليها حتى يومنا هذا.
وأبان عثمان “عند تعين الأمير محمد بن ناصر أميراً لمنطقة جازان، وعند زيارته لمحافظة جزر فرسان ومشاهدته لهذه العادة السنوية التي تقام في جزر فرسان، وجه سموه بأن يقام لها مهرجان سنوياً، وبعد هذا التوجيه أخذ الحريد منحى آخر وترتيبا وتجهيزا رسميا، تشرف عليه إمارة المنطقة، فسمك الحديد خرج من المحلية إلى الإقليمية، حتى أصبح المهرجان من المهرجانات التسويقية للمنطقة ومحافظة جزر فرسان.