arab24-استيقظ لبنان رسمياً، الاثنين، الذي يعد أول يوم عمل في الأسبوع على توقيتين مختلفين (التوقيت الشتوي والصيفي)، وسط انقسام واصطفاف اتخذ طابعاً “طائفياً” خلال الأيام الماضية.
ففيما ينتظر أن تعقد جلسة للحكومة اليوم لبت موضوع “تأخير أو تقديم الساعة”، غرق اللبنانيون في ضياع تام بين مؤسسات اعتمدت التوقيت الشتوي وأخرى الصيفي!
فهنادي التي تعمل معلّمة في إحدى مدارس بيروت الكاثوليكية، على سبيل المثال، لم تعرف كيف ستتعامل مع مسألة تأخير اعتماد التوقيت الصيفي لشهر واحد حتى نهاية ابريل/نيسان المقبل، لأن مدرستها بدأت تطبق التوقيت الصيفي.
فيما مدرسة “الليسيه” الفرنسية في بيروت حيث يوجد ولداها، التزمت بقرار تأخير التوقيت الصيفي.
فهذا “الضياع” الذي تعيشه هنادي كأم أولاً ومدرّسة ثانياً، أفرزه القرار “الارتجالي” لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في دردشة “فنجان قهوة” مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، قبل أيام قليلة، بتأخير اعتماد التوقيت الصيفي شهراً واحداً حتى نهاية شهر أبريل/نيسان المقبل بدلاً من نهاية مارس/اذار الجاري كما كان يحصل عادة، ما أحدث بلبلة كبيرة في معظم القطاعات الإنتجاية في لبنان ظهرت تباعاً في تضارب المواعيد.
إشارةً إلى أن وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي أعلن أنه تبلّغ من رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، أنه في صدد الدعوة لعقد جلسة لمجلس الوزراء للبحث حصراً في موضوع التوقيت الصيفي، وبناء على ذلك ونظراً للإرباك الحاصل في القطاع التربوي الرسمي والخاص، ترك الحلبي للمسؤولين عن المدارس والمهنيات والجامعات الرسمية والخاصة، حرية اختيار وقت فتح مدارسهم ومؤسساتهم غداً، والعمل بالقرار الذي سيصدر عن مجلس الوزراء ابتداء من غد الثلاثاء.
ولم تنحصر “فوضى التوقيتين” على القطاع التربوي، بل امتدت إلى المصارف اللبنانية التي عادت وفتحت أبوابها منتصف الأسبوع الماضي بعد إضراب دام لأكثر من أسبوع.
وقالت رانيا وهي من سكان منطقة الأشرفية في بيروت لـ”العربية.نت”: “إنها أخذت موعداً من البنك الأسبوع الماضي على أن يكون الساعة 9 صباح اليوم بحسب التوقيت الصيفي العالمي، لكنها ستضطر أن تتصل بالبنك مجدداً لتعرف ما إذا كان الموعد أصبح وفق توقيت بري-ميقاتي أو التوقيت الصيفي؟”.
كما وصفت “ما يحصل بالمشهد السوريالي الذي يعكس طريقة إدارة البلد”. ولم تستبعد “أن يكون وراء قرار بري-ميقاتي أهداف مشبوهة، لاسيما أن جيوشاً إلكترونية ظهرت فجأة على مواقع التواصل الاجتماعي بهدف التجييش الطائفي”.
وما زاد من “سوريالية” المشهد اللبناني أن التوقيت انسحب أيضاً إلى قطاع مولّدات الكهرباء الخاصة التي لجأ إليها اللبنانيون في السنوات الأخيرة لتغطية نقص انقطاع كهرباء الدولة.
وأشارت رانيا إلى “أن صاحب المولّد الخاص الذي يُغذّي المبنى الذي تسكنه في منطقة الأشرفية أبلغهم في رسالة عبر واتساب أن كهرباء المولّد ستكون بحسب التوقيت الصيفي العالمي، في حين أن كهرباء المصعد ستكون وفق توقيت بري-ميقاتي”.
كذلك لم يسلم مطار رفيق الحريري الدولي من فوضى التوقيتين، إذ انتشر فيديو من داخل المطار يُظهر اعتماد التوقيتين في تحديد ساعات الوصول والمغادرة.
وقالت دينيز، وهي من سكان منطقة الفنار ان شركة الطيران أبلغت شقيقها مساء السبت أن موعد سفره إلى الكويت فجر الاثنين تم تأجيله ساعة واحدة وذلك بسبب فوضى التوقيت في لبنان”.
كما أشارت إلى “أنهم اضطروا إلى اعتماد التوقيتين في البيت كي لا تتضارب المواعيد هذا الشهر”. وقالت: “أنا وشقيقي برمجنا هاتفينا حسب توقيت بري-ميقاتي، في حين أن والدتي وشقيقتي ثبّتا ساعات اليد لديهما وفق التوقيت العالمي، وذلك كي نتجنّب الضياع في التوقيتين”.
أما غسان، مدرّب الفنون القتالية في أحد النوادي الرياضية في جبل لبنان، قال إن هذا الأسبوع سيكون أسبوع الفوضى الرياضية بامتياز، لأن معظم المواعيد سبق وتمت جدولتها قبل قرار بري-ميقاتي”.
وليس بعيداً، شهد عالم الرياضة في لبنان سابقة بسبب موضوع تغيير التوقيت.
ففي حين أعلن نادي “الرياضي” توقيت مباراته مع “الحكمة” وفق توقيت يلتزم بمذكّرة رئاسة مجلس الوزراء حول الإبقاء على التوقيت الشتوي، أعلن النادي المنافس أن المباراة ستُلعب وفق توقيت مغاير يعتمد على التوقيت الصيفي.
ولا تزال مسألة التوقيتين تتصدر المشهد اللبناني، حيث بقيت مواقع التواصل الاجتماعي لليوم الثالث على التوالي ساحة حرب مفتوحة بعنوان طائفي ومذهبي، وسط استمرار المناكفات السياسية بين الفريق المؤيّد لقرار بري-ميقاتي في وجه القوى السياسية المعارضة له.
ونتيجة لذلك، دعا ميقاتي مجلس الوزراء إلى الانعقاد ظهر اليوم الاثنين وعلى جدول أعماله بند وحيد ألا وهو “التوقيت الشتوي والصيفي”.