جفاف شتوي “غير مسبوق” يضرب فرنسا

بعد تسجيل فرنسا صيفا حارا وجافا تاريخيا عام 2022، تمر الآن من فترة جفاف مقلقة في فصل الشتاء. مما يثير المخاوف من عواقب وخيمة على المياه الجوفية والتربة في عدة مناطق.

أكدت شركة “Météo France”، الثلاثاء أن “فرنسا سجلت رقما قياسيا بعدم هطول الأمطار لمدة 31 يومًا”. وعبرت عن قلقها من العواقب على التربة، التي كانت جافة بسبب صيف عام 2022.

ووفقا للشركة المختصة بتوقعات أحوال الطقس، في شهر واحد، لم يتجاوز هطول الأمطار التراكمي سبعة ملمترات في جميع أنحاء البلاد، ما يعادل”10٪ فقط من المعدل الطبيعي”.

وأشارت إلى أنه “منذ أغسطس 2021 ، شهدت جميع الأشهر عجزًا في هطول الأمطار باستثناء ديسمبر 2021 ويونيو وسبتمبر 2022”.

وبالإضافة إلى قلة الأمطار، فإن “الغطاء الثلجي لجبال البرانس وجبال الألب هو أيضًا أقل بكثير مما يُلاحظ عادة هذا الموسم”.

ويعتبر الخبير في علم المناخ الزراعي، سرج زاكا، في تصريحه لموقع “سكاي نيوز عربية” أن “هذا الجفاف الشتوي لم ير مثله قط منذ بدء  تسجيل القياسات في عام 1959، فهو رقم قياسي لا يهم فقط فصل الشتاء بل تم تحطيم الرقم القياسي السنوي أيضا”.

لكن، وبحسب الخبير المناخي لا يجب التوقف عند هذا الرقم، لأن “فرنسا تعاني من نقص في الأمطار منذ حوالي 14 شهرا، وجفاف فبراير 2023 هو استمرارية للجفاف الذي عشناه في عام 2022”.

والنتيجة يقول، “التربة الفلاحية أكثر جفافا مما ينبغي أن تكون عليه في هذا الوقت من العام بنسبة 40 في المائة والمياه الجوفية لم يتجدد مخزونها وتعاني من عجز منذ العام الماضي. هذه السنة، النسب أقل بعشرين في المائة بالمقارنة مع العام الماضي الذي كان في الأصل جافا”.

أسابيع حاسمة

وإذا لم يتم تجديد منسوب المياه الجوفية بحلول شهري مارس وأبريل، فهناك خطر ألا يكون هناك المزيد من المياه تدريجياً في بعض المناطق في فرنسا وقد تفرض قيود بحلول فصل الصيف.

لهذا يرى زاكا أنه لا يوجد سوى 5 أسابيع متبقية وحاسمة لإعادة شحن منسوب المياه الجوفية. “لأنه بعد شهر أبريل، ستستخدم النباتات حوالي 60 في المائة من الأمطار في حال هطولها لتغذية جذورها وأوراقها وبالتالي فإن القليل جدًا من الماء سيتسرب إلى المياه الجوفية، قد لا يتعدى 30 في المئة”.

من جهته، حذر مكتب الأبحاث الجيولوجية والتعدين إلى أنه في حال لم تمطر بشكل جيد خلال الأشهر المقبلة، “ستصل البلاد إلى وضع أسوأ بكثير مما شهدته في نهاية صيف 2022”.

وعكس الصيف الماضي، حيث عانت كل دول أوروبا الغربية من الجفاف، هذه السنة، لا تهم استمرارية العجز في التساقطات إلا شمال إيطاليا وفرنسا.

كيف تتكيف الزراعة؟

ويعتبر الخبير في المناخ الزراعي، أن أمام الدولة بطاقات كثيرة في متناول اليد لمقاومة الجفاف فيما يخص المجال الفلاحي، أهمها “مواصلة البحث الجيني لاكتشاف أصناف جينية جديدة خصوصا بالنسبة للقمح والذرة”.

ويوضح، “كان لمحاصيل الذرة في عام 2022 مع الجفاف نفس الغلة بالمقارنة مع عام 1960 دون جفاف وذلك بفضل التهجين بين الأصناف”.

ويختم، “يمكن أيضًا زراعة أنواع جديدة، مع المزيد من أشجار الزيتون والكروم والأنواع الأقل استهلاكًا للمياه، وتقليل الحرث وزيادة الغطاء لحماية التربة”.

وكدليل على خطورة الوضع، قررت وزارة الانتقال البيئي والتماسك الإقليمي عقد “لجنة الترقب والمراقبة الهيدرولوجية الأولى لهذا العام يوم الخميس 23 فبراير بشكل عاجل لتقييم الوضع. في الوقت الذي اعترف وزير الانتقال البيئي والتماسك الإقليمي، كريستوف بيتشو، يوم الأربعاء  22 فبراير، بأن “فرنسا في حالة تأهب قصوى”،  وحذر من أنه “اعتبارًا من الآن، من المحتمل أن تخضع مسألة ملء حمامات السباحة لقيود في عدد من المناطق الأكثر تأثرا، لتجنب الوقوع في مواقف كارثية الصيف المقبل”.

Featuredجفاف شتويفرنسايضرب