ما هو القاسم المشترك بين التكوين الأساسي لكوكب الأرض والقهوة المقطرة؟

وفرت تقنية مطورة رؤية جديدة للعملية التي انحدرت من خلالها المواد التي شكلت نواة الأرض إلى أعماق كوكبنا، تاركة وراءها آثارا جيوكيميائية لطالما حيرت العلماء.

وقد طور كل من يينغواي فاي ولين وانغ، وهما عالمان من جامعة كارنيجي، تقنية جديدة لمحاكاة الظروف الموجودة في باطن الأرض، وفقا للنتائج المنشورة في مجلة Science Advances.

فقد تراكمت مواد الأرض من قرص الغبار والغاز الذي أحاط بشمسنا في زمن شبابها. وعندما نمت الأرض من أجسام أصغر بمرور الوقت، غرقت المادة الأكثر كثافة في الداخل، وفصلت الكوكب إلى طبقات متميزة، بينها النواة المعدنية الغنية بالحديد ولب السيليكات.

وأوضح فاي أن “الفصل بين النواة واللب هو أهم حدث في التاريخ الجيولوجي للأرض. الحمل الحراري في النواة الخارجية يغذي المجال المغناطيسي للأرض، ما يحمينا من الأشعة الكونية. ودون ذلك، لا يمكن للحياة كما نعرفها أن توجد”.

وكل طبقة من طبقات كوكبنا لها تكوينها الخاص. فعلى الرغم من أن النواة تتكون في الغالب من الحديد، إلا أن البيانات الزلزالية تشير إلى أن بعض العناصر الأخف، مثل الأكسجين والكبريت والسيليكون والكربون، تمت إذابتها فيه وإحضارها في رحلة إلى مركز الكوكب. وبالمثل، فإن اللب يتكون في الغالب من السيليكات، لكن تركيزاته لما يسمى بالعناصر المحبة للحديد، حيرت العلماء لعقود.

وقال وانغ: “إن فهم الآليات التي تنتقل من خلالها المواد عبر هذه الطبقات، وتحديد أي بقايا من هذه العملية، سيحسن معرفتنا للطرق المختلفة التي تفاعلت بها نواة الأرض مع لبها طوال تاريخها”.

وفي المختبر، استخدم علماء كارنيجي مكابس هيدروليكية ثقيلة، مثل تلك المستخدمة في صناعة الماس الصناعي، لإخضاع عينات من المواد لضغوط عالية، ومحاكاة الظروف الموجودة في باطن الأرض. وقد مكّنهم ذلك من إعادة إنشاء عملية تمايز مواد وطبقات الأرض بشكل مصغر واستكشاف الطرق الممكنة المختلفة التي قد تكون تشكلت منها النواة.

وباستخدام هذه الأدوات، طور وانغ وفاي طريقة جديدة لتتبع حركة المعدن السائل المكون للنواة في العينات أثناء انتقالها إلى الداخل.

وأظهر العلماء أنه يمكن – كما الكثير من المياه التي يتم ترشيحها من خلال القهوة المطحونة- في ظل الظروف الديناميكية الموجودة في الأرض المبكرة،  أن يمر ذائب الحديد عبر الشقوق بين طبقة من بلورات السيليكات الصلبة، التي تسمى الحد الحبيبي (الحد بين القطع البلورية -الحبيبات – في المادة المتعددة البلورات)، وتبادل العناصر الكيميائية.

ويقترح وانغ وفاي أن البيئة العنيفة للأرض المبكرة كانت ستخلق بالفعل الظروف التي من شأنها أن تحول اللب إلى جهاز لـ”صب قهوة” عملاق (صب القهوة / pour over، هي تقنية تستخدم تقطير القهوة حيث يُسكب الماء فوق البن المطحون)، ما يسمح بترشيح المعدن السائل عبر شبكة مترابطة. وقاموا بتحليل التبادلات الكيميائية خلال عملية الترشيح هذه. وستفسر نتائجهم ترك العناصر المحبة للحديد في اللب (الوشاح)، ما يسلط الضوء على سؤال الجيوكيمياء المطروح منذ زمن بعيد.

ويعتقد وانغ وفاي أن أسلوبهما الجديد قابل للتطبيق عموما على دراسة الكواكب الصخرية الأخرى، ويمكن أن يساعد على الإجابة عن المزيد من الأسئلة حول التفاعلات الأساسية التي تحدث في أعماق التصميمات الداخلية للب والنواة .

Featuredالقاسم المشتركالقهوة المقطرةكوكب الأرض