على أنقاض الدولة اللبنانية.. نشاط مصرف حزب الله يتوسّع

في وقت تتفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية والنقدية في لبنان وتُرخي بظلالها على المصارف الشرعية العاملة في السوق التي باتت أعمالها محدودة، تمضي جمعية “القرض الحسن” التي يصفها اللبنانيون بـ”المصرف المركزي لحزب الله” بتعزيز نشاطها ضمن مناطق سيطرة الحزب، وتوسيع وجودها ليطال مناطق جديدة.

فرع جديد في سوق الغرب
فالجمعية التي تعتبر المؤشر الأبرز للاقتصاد الموازي لـ”حزب الله” الذي أسسها عام 1982، بدأت تنفيذ خطة انتشار في مناطق جديدة، وتحديداً في منطقة سوق الغرب في جبل لبنان بعد فروعها العديدة في محافظات البقاع، بيروت والجنوب.

ومعروف أن منطقة سوق الغرب في جبل لبنان تسكنها غالبية مسيحية، وبذلك يكون الفرع الجديد لمؤسسة “قرض الحسن” أوّل فرع ضمن منطقة تختلف بطابعها الديني عن مناطق أخرى يوجد فيها فروع المؤسسة.

وأشار الكاتب والباحث السياسي بشارة خيرالله في تصريح لـه  أن “جمعية قرض الحسن اشترت قطعة أرض في منطقة سوق الغرب من أجل بناء فرع جديد للمؤسسة، ورئيس البلدية (محسوب على التيار الوطني الحر حليف حزب الله) أعطاها ترخيصاً بذلك”.

حزب الله

تمدد في ظل دمار مصرفي

وقال خيرالله “غريب هذا التمدد لمؤسسة خاضعة للعقوبات وغير شرعية في ظل دمار القطاع المصرفي في لبنان”! وأوضح “أن توسّع نشاطات “القرض الحسن” دليل على قيام دولة غير شرعية خاضعة للعقوبات على ركام الدولة اللبنانية”.

حزب الله يستفيد من دمار الدولة

وأضاف “حزب الله يبني دولته على حساب الدولة اللبنانية، وهو المُستفيد الأول والرئيس من دمار الدولة”.

غير مرتبطة بمصرف لبنان

وأكد مصدر مصرفي “أن مؤسسة “قرض الحسن” ليس لديها أي ارتباط بالمصرف المركزي اللبناني، ولا تخضع لقانون “النقد والتسليف” الذي يحكم علاقة المؤسسات المالية بمصرف لبنان المركزي، وهي مسجّلة لدى وزارة الداخلية بصفة جمعية خيرية”.

وأوضح “أن “القرض الحسن” استفادت من الأزمة الاقتصادية والنقدية وباتت مؤسسة مصرفية تُعطي القروض على عكس المصارف اللبنانية الشرعية”.

عمل غير شرعي

وحرصت المصادر المصرفية على التأكيد مجدداً على أن عمل مؤسسة “القرض الحسن” غير شرعي ومصدر تمويلها من أموال “غير نظيفة” وهي استفادت اليوم من تحوّل الاقتصاد اللبناني إلى اقتصاد نقدي Cash economy .

دفتر مساهمة من القرض الحسن

وبينما توقفت المصارف اللبنانية عن إعطاء الدولار لأصحاب الودائع، ووضعت سقوفاً يومية منخفضة جداً على السحوبات بالعملة اللبنانية، باتت خدمة الصرّاف الآلي( ATM) متوفّرة في معظم فروع جمعية قرض الحسن كما أعطت الدولار “الطازج” لزبائنها.

قروضاً بالعملات الأجنبية

وفي ظل الأزمة الحالية، وتوقّف المصارف الشرعية عن إعطاء القروض للبنانيين، أصبح “القرض الحسن” المؤسسة المالية الوحيدة التي تُوفر قروضاً، في المقام الأول، وقروضاً بالعملات الصعبة، في المقام الثاني، وحديثاً قروضاً مخصصة للطاقة الشمسية، ما يعني عملياً، أنه أصبح الجهة المصرفية الوحيدة في لبنان التي تؤدي هذا الدور الوظيفي، في ظل غياب ذلك لدى المصارف الفاقدة للسيولة.

طهران تموّل “القرض الحسن”

وفي معرض دفاعه عن المؤسسة في يناير 2021، قال أمين عام حزب الله حسن نصر الله أن “إجمالي عدد المستفيدين من القرض الحسن بلغ نحو مليون و800 ألف مستفيد، وأن مجموع المساهمات والقروض التي استفاد منها الناس بلغ أكثر من 3 مليارات دولار”، علماً أن نصر الله كان أقر سابقاً بأن مصدر تمويل المؤسسة الكامل هو من طهران.

وفي السياق، أفادت مصادر مطّلعة   “أن الأموال المودعة في “القرض الحسن” تعود بشكل أساسي لمتموّلين من الطائفة الشيعية كمسؤولي حزب الله وبعض رجال الأعمال الذين يخافون من سيف العقوبات الأميركية إضافة إلى بعض الخارجين على القانون من تجار المخدرات والسلاح وأفراد عصابات السرقة والخطف الذين لجأوا إلى الجمعية لإيداع أموالهم”.

اختراق حسابات الجمعية

وفي أواخر عام 2020 تعرّضت جمعية “القرض الحسن” لعملية اختراق كشفت عن تداولات بحجم كبير من الأموال، بالإضافة إلى علاقة مع بعض المصارف اللبنانيّة ومنها “جمال ترست بنك” الذي تعرض لعقوبات أميركية.

وفي الإطار، أشارت المصادر المطّلعة بناءً على الوثائق التي نُشرت خلال عملية الاختراق الى “ورود أسماء مسؤولين كبار في حزب الله ورجال أعمال شيعة وكبار المطلوبين للقضاء ضمن لائحة “زبائن” الجمعية، مثل جمال الطقش وهاشم سلهب ويوسف أرزوني (جميعهم مسؤولون في الحزب)، عباس شمص مدير مكتب أمين عام حزب الله حسن نصرالله وهادي نعيم قاسم نجل نائب أمين عام الحزب”.

50 فرعاً و500 موظّف

وقالت الصحافية الاقتصادية فيوليت غزال البلعة في تصريح لها  “أن “المؤسسة” تعمل وفق سياسة انتشار توسعية بلغت أخيراً منطقة “النفوذ الدرزي” حيث تعتزم فتح آخر فروعها التي تقارب الخمسين، فيما ناهز عدد العاملين فيها 500 موظف وفق المعلومات المسرّبة والنادرة جداً”.

وأضافت: “القرض الحسن تحوّل إلى مصرف في وقت باتت المصارف التقليدية منذ الأزمة “كونتوارات صرافة”، بما يجعلها جهازاً مصرفيا متفلتا يعمل من خارج النظام المالي اللبناني، على غرار حزب الله الذي بات دولة خارج الدولة”.

واعتبرت البلعة أن التساؤلات الكثيرة حول “القرض الحسن”، لجهة وضعيته القانونية ورؤيته ومهمته، هي مبررة، “إذ كيف تزاول نشاطها من دون أي شبهة محلية بتبييض الأموال، فيما هي خاضعة لعقوبات وزارة الخزانة الأميركية منذ أبريل/نيسان 2016؟”، إضافة إلى انفصالها القانوني عن السلطات النقدية والرقابية”.

من يراقب أداءها؟

وسألت: “هي غير مرخّصة من مصرف لبنان وفق قانون النقد والتسليف، فبأي نظام مالي وقانوني تعمل؟ ومن يراقب أداءها؟ وأي قضاء يحفظ حقوق مودعيها ويقيهم شر تسديد القروض على سعر السوق السوداء”؟

وفي 22 أبريل/نيسان2021، قدّم المحامي مجد حرب شكوى أمام القضاء ضد نشاط “القرض الحسن”، كونها مخالفة لأحكام قانون النقد والتسليف الذي ينص في المادة ٢٠٦ على وجوب ملاحقة مخالفیه أمام المحاكم الجزائية.

مؤسسة لتبييض الأموال

وقال المحامي حرب  إن توسّع نشاط “القرض الحسن” مرّده إلى عدم تقيّده بالقوانين المصرفية، وهو ما سهّل تحوّله إلى مؤسسة “لتبييض الأموال” يستفيد منها تجار المخدرات”.

وقال: “قروض الطاقة الشمسية التي يُقدّمها “القرض الحسن” لزبائنه مرجّح أن تكون من أموال “غير شرعية”.

مؤسسات حزب الله لا تخضع للقانون

واعتبر المحامي حرب “أن من سمح لمؤسسة “القرض الحسن” بالتوسّع والتمدد في لبنان لا يريد قيام الدولة، والمؤسسات التابعة لـ”حزب الله” لا تخضع للقوانين اللبنانية، والإخبار الذي قدّمناه ضد “القرض الحسن” يقبع في أدراج القضاء”.

العربية
رئيسي