سنة حافلة بالأحداث

كتب : جيفري كمب

ما هي أهم الأحداث العالمية في سنة 2022؟ الأكيد أن الحرب في أوكرانيا، وتداعيات تغير المناخ، ووباء كوفيد، تتصدر أي قائمة في هذا الصدد.
قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إطلاق عملية عسكرية في أوكرانيا، في 24 فبراير 2022، غيّر بشكل دراماتيكي الأوضاع الجيوسياسية لأوروبا وأميركا الشمالية وروسيا، وأثر على الأوضاع الاقتصادية لكثير من البلدان في الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا بسبب تداعيات الحرب على إمدادات الوقود الأحفوري وتكاليفه وتوزيع المواد الغذائية. غير أن الحرب أدت إلى تقوية التعاون الأمني بين الولايات المتحدة وحلفائها الأطلسيين. فقد قامت ألمانيا بتحول كامل في سياستها الأمنية وتعتزم زيادة ميزانيتها الدفاعية إلى أكثر من 2 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي. وفضلاً عن ذلك، فمن المتوقع أن تنضم كل من السويد وفنلندا إلى حلف «الناتو»، وقد أقامت سويسرا علاقاتٍ عسكريةً أوثقَ مع جيرانها الأوروبيين. والواقع أنه لا شيء من هذه التحولات كان سيحدث لولا العملية العسكرية الروسية وتصميم موسكو على مواصلتها رغم المقاومة غير المتوقعة التي تبديها أوكرانيا إلى الآن.
وعلى مدار العام، أقنعت سلسلةٌ من الأحداث المناخية الكارثية عبر العالم معظمَ الحكومات بأن تأثير التغير المناخي خطير لدرجة تستوجب الانكباب على معالجة أسبابه في إطار زمني قصير. غير أن ذلك لن تكون له تأثيرات عملية إلا إذا وجد المساهمون الكبار في الانبعاثات الكربونية، وهم الصين والولايات المتحدة والهند وروسيا واليابان ودول الاتحادي الأوروبي، طريقةً للعمل معاً حول أهداف متفق عليها بشأن خفض الانبعاثات، وذلك بحلول الوقت الذي تلتئم فيه قمة تغير المناخ المقبلة («كوب») التي ستستضيفها دولة الإمارات العربية المتحدة في ديسمبر 2023. كما ينبغي أن تكون هناك أدلة على أن الدعم المالي للبلدان الفقيرة الأكثر تأثُّراً بالجفاف والفيضانات قادم ومستمر. وقد كان هذا وعداً قدِّم في مؤتمر «كوب» الذي عُقد في مصر قبل بضعة أسابيع من الآن.
وإلى ذلك، فقد شهدت سنة 2022 عودةً تدريجيةً إلى الحياة الاعتيادية في معظم بلدان العالم، حيث قرر العالَمُ التعايش مع بقايا وباء كوفيد، وإن كانت الصين البلد الوحيد الذي احتفظ جزئياً بإجراءات الإغلاق في بعض مناطقه مطبِّقاً سياسةَ «صفر كوفيد»، وهي الطريقة المثلى للحؤول دون تفشي الفيروس بين سكان البلاد البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة. غير أن مثل هذه التدابير التي تُعتبر غير قابلة للتطبيق سياسياً في بلدان أخرى، تسببت في اضطرابات اقتصادية واجتماعية، وأدت إلى ردود فعل في الأسابيع الماضية. وإثر ذلك تخلّت الصين عن سياسة الإغلاق، وكانت النتيجة ملايين الحالات الجديدة من كوفيد عبر البلاد، استقبلتها منشآت صحية غير كافية للتعاطي مع تفشي الوباء.
التداعيات الدخلية للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وتخلي الصين عن سياسة «صفر كوفيد» والاحتجاجات الإيرانية عقب موت مهسا أميني.. أحداث ذات دلالة بالغة الأهمية، وقد جاءت في وقت يشهد نقاشاً حاداً حول ما إن كانت المؤسسات الديمقراطية أم السياسة السلطوية هي الأنسب لتوفير الأمن والاستقرار الاقتصاديين للدول والمجتمعات.
العامُ المقبلُ قد يتيح بعضَ الأجوبة عن هذه الأسئلة، لكن خلاصةً أوليةً يجب أن تكون واضحة، وهي أنه إذا كان وباء كوفيد وتغيّر المناخ يتطلبان قدراً أكبر من التعاون بين القوى الكبرى، فإن الحروب المتواصلة والأزمات الداخلية ستجعل من الصعب تحقيق هذا التعاون. ولا شك في أن تسوية حرب أوكرانيا ستكون مفيدةً لتحقيق هذا الهدف، غير أنه يبدو من المستبعد حدوث هذا قبل أن نعرف كيف ستخرج كلٌ من أوكرانيا وروسيا من الصعوبات التي ستواجهانها خلال أشهر الشتاء المقبلة.

* نقلا عن “الاتحاد