أعلنت حكومة دولة الإمارات والمنتدى الاقتصادي العالمي المعروف باسم “منتدى “دافوس” عن توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية عالمية مستدامة.
والاتفاقية تدشن مرحلة جديدة من مسيرة التعاون الثنائي المثمر بين الجانبين على مدى العقدين الماضيين.
وتهدف الاتفاقية إلى تعزيز استكشاف الفرص المستقبلية، وترسيخ التكامل والتعاون في دعم الجهود العالمية لتحقيق الأهداف ووضع الخطط والاستراتيجيات المستقبلية الشاملة.
وجاء إطلاق الشراكة الاستراتيجية العالمية المستدامة بين حكومة الإمارات والمنتدى، في اجتماع رفيع المستوى عقده محمد عبدالله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء مع البروفيسور كلاوس شواب مؤسس ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، ضمن أعمال الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي الذي يعقد في مدينة دافوس السويسرية في الفترة من 22 إلى 26 مايو/أيار 2022، بمشاركة أكثر من ألفين من المسؤولين الحكوميين وصناع القرار، والمفكرين والعلماء ونخبة من قيادات القطاع الخاص والأكاديمي، الذين يجمعون لصياغة رؤى وأفكار جديدة تعزز جاهزية الحكومات والقطاع الخاص.
وتشمل الشراكة العالمية بين حكومة دولة الإمارات والمنتدى الاقتصادي العالمي مختلف أشكال التعاون والشراكات والمبادرات والبرامج بين الطرفين، وتسعى إلى دعم الاستراتيجيات الوطنية لدولة الإمارات، وتحقيق الرؤى المستقبلية في مختلف المجالات، إضافة إلى دعم تحقيق أهداف المنتدى الاقتصادي العالمي، عبر تسخير الابتكار والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي وأدوات وحلول الثورة الصناعية الرابعة في مختلف المجالات الحيوية.
نموذج متقدم في استشراف المستقبل
وأكد محمد القرقاوي أن دولة الإمارات برؤى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، ترسّخ مكانتها العالمية مركزاً للتغيير المستقبلي الإيجابي، وأن اتفاقية الشراكة الجديدة، تسعى لتجسيد توجهات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بتحويل دولة الإمارات لمختبر للممارسات الحكومية المستقبلية ومنصة للشراكات الرائدة التي تحفز الاستعداد للمستقبل.
وقال وزير شؤون مجلس الوزراء إن حكومة دولة الإمارات حريصة على تصميم نماذج عمل جديدة تدعم جاهزية الحكومات للمستقبل وتسهم في تحسين حياة المجتمعات، من خلال التركيز على أسس التفكير الاستراتيجي الاستباقي والخطط الشاملة والأنظمة المتجددة لتصميم سياسات المستقبل وتطويرها بما يتناسب مع تطور العالم، عبر تعزيز مشاركتها نموذجها المتقدم في استشراف المستقبل والاستعداد له، وتعزيز المرونة والجاهزية الحكومية.
وأضاف أن اتفاقية الشراكة العالمية الاستراتيجية المستدامة بين حكومة دولة الإمارات والمنتدى الاقتصادي العالمي تعكس التزام دولة الإمارات المتواصل في تعزيز التنمية الشاملة وتحقيق مستهدفاتها، من خلال إلهام حكومات العالم ودعمها، وتعزيز قدراتها الحالية، وتطويرها بما يضمن إعدادها للتعامل مع التحديات المستقبلية وتشكيل منظومة متكاملة من الفرص.
شراكة تستجيب لأهم التحديات
من جانبه، أشاد البروفيسور كلاوس شواب، مؤسس ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، بالعمل المشترك بين دولة الإمارات والمنتدى، والذي يصب في صالح تعزيز القدرة العالمية على التعامل مع التحديات في مختلف الأصعدة بالاعتماد على التكنولوجيا والابتكار.
وقال شواب: “لدى دولة الإمارات رؤية مميزة حول الابتكار تشاركها مع العالم لأجل خير الإنسانية. المنتدى الاقتصادي العالمي فخور بالشراكات المتعددة التي تجمعنا بهدف الدفع بالقطاعين العام والخاص من أجل العمل للاستجابة لقضايا الأمن الغذائي العالمي، وتعزيز المرونة في مجال المناخ، والابتكار في مجالات التجارة والتكنولوجيا المسؤولة، وهي قضايا تحتل اليوم موقع الصدارة في التحديات التي يواجهها العالم.”
4 محاور رئيسية للتعاون والتكامل
وتسعى الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين حكومة دولة الإمارات والمنتدى الاقتصادي العالمي، إلى دعم وتعزيز التعاون والتكامل، من خلال أربعة محاور رئيسية، هي: مركز الثورة الصناعية الرابعة، وتعزيز التعاون بين القطاعين الحكومي والخاص، ودعم مشاركات الوزراء والمسؤولين الحكوميين من دولة الإمارات في الاجتماعات والفعاليات والأحداث التي ينظمها المنتدى الاقتصادي العالمي على المستويين الإقليمي والعالمي، إضافة إلى إطلاق قمة استثنائية بهدف التركيز على فرص المستقبل ووضع التحديات للاستعداد لها.
ويركز المحور الأول على تمديد عمل مركز الثورة الصناعية الرابعة في دولة الإمارات، لمدة ثلاث سنوات، ويؤدي المركز دوراً استراتيجياً في تشكيل وتعزيز مستقبل الثورة الصناعية الرابعة، والاستراتيجيات والخطط الوطنية المصاحبة لها، وآليات تحقيقها، من خلال عقد الشراكات بين القطاعين الحكومي والخاص.
وسيعمل المركز، الذي يشكّل جزءاً من الشبكة العالمية لمراكز الثورة الصناعية الرابعة التابعة للمنتدى، على تصميم سياسات التنمية وأطر التطوير والتعاون التي تسرّع الاستفادة من الفرص التي تحملها العلوم والتكنولوجيا، وتعزيز مشاركة المعارف والعلوم والبيانات على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية التي تسهم في تسريع التنمية، بالاستفادة من تكنولوجيا البلوك تشين، والأصول الرقمية، والذكاء الاصطناعي، إضافة إلى استدامة تكنولوجيا البلوك تشين.
استكشاف الفرص في القطاعات الحيوية
ويتضمن محور تعزيز الشراكات بين القطاعين الحكومي والخاص إطلاق عدة مبادرات وتوقيع اتفاقيات لدعم جهود حكومة دولة الإمارات والمنتدى الاقتصادي العالمي وتعزيز تعاونهما في إيجاد حلول للتحديات الرئيسية على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، واستكشاف الفرص المستقبلية في القطاعات الحيوية.
ويشمل هذا المحور إطلاق مبادرة مراكز الابتكار الغذائي التي تركز على غرس ابتكارات النظم الغذائية التي تقودها الدول، بهدف إحداث التأثير في المجتمعات المحلية، وتعزيز الاستفادة من أفضل الممارسات العالمية والتجارب والخبرات لتشكيل ملامح مبادرات تطوّر عمل مراكز الابتكار، بما يضمن تعزز مكانة دولة الإمارات العالمية، مركزاً للابتكار الغذائي والممارسات العالمية المتميزة.
كما يشمل تمديد مبادرة “تسريع الاقتصاد الدائري 360” لمدة عامين، التي بموجبها أصبحت دولة الإمارات أولى الدول الداعمة للمبادرة عالمياً، لتكون مركزاً عالمياً ومخبراً مفتوحاً للابتكار الاقتصادي والتكنولوجي، ونموذجاً رائداً في التنمية المستدامة، وتهدف إلى توظيف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة لإنشاء بيئة مؤهلة وبنية تحتية مستدامة لدعم نمو القطاعات الحيوية.
وفي السياق، ستطلق حكومة دولة الإمارات بالشراكة مع المنتدى الاقتصادي العالمي الشبكة العالمية للمسرعات الدولية، كما سيتم إطلاق القرية التعاونية العالمية بالشراكة مع المنظمات العالمية والحكومات، والقطاع الخاص، والمؤسسات المجتمعية على مستوى العالم، وهي عبارة عن قرية في عالم الميتافيرس تشكّل موقعاً للعمل معاً والتعاون في إيجاد حلول للتحديات الملحة التي تواجه العالم، وتشكيل ملامح القطاعات الجديدة، ووضع تصور جديد للأجندة الإقليمية والعالمية.
تعزيز حضور دولة الإمارات العالمي
ويتضمن المحور الثالث تعزيز مشاركة الوزراء والمسؤولين الحكوميين من دولة الإمارات في الأحداث والفعاليات الكبرى التي ينظمها المنتدى الاقتصادي العالمي، حيث سيعمل المنتدى بالشراكة مع حكومة دولة الإمارات في تعزيز مشاركاتهم وحضورهم العالمي ومشاركة أفضل التجارب والخبرات والممارسات المتميزة.
وستركز المشاركات ضمن الأحداث، والمؤتمرات والجلسات العالمية التي ينظمها المنتدى الاقتصادي العالمي على المستويين الإقليمي والعالمي، وتشمل الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالي، إضافة إلى قمة تأثير التنمية المستدامة التي يعقدها المنتدى، وغيرها من المؤتمرات العالمية.
فيما يركز المحور الرابع على الاتفاق على تنظيم قمة استثنائية تركز على تحديات المستقبل، والاستعداد لهذه المتغيرات العالمية من خلال تحديد أهم الاتجاهات العالمية، ووضع الحلول والمبادرات والبرامج الاستثنائية التي تسهم في إحداث التغيير الإيجابي، حيث تستضيف القمة أكثر من 500 من نخبة المسؤولين الحكوميين وقادة القطاع الخاص، والخبراء والمتخصصين من مختلف أنحاء العالم لمشاركة هذه التوجهات في القطاعات الحيوية.
الاجتماعات السنوية لمجالس المستقبل العالمية
كما وقّعت حكومة دولة الإمارات اتفاقية شراكة استراتيجية تركز على تنظيم الاجتماعات السنوية لمجالس المستقبل العالمية بالشراكة مع المنتدى الاقتصادي العالمي، خلال العامين المقبلين، بحيث تستضيف هذه الاجتماعات أكثر من 300 من المسؤولين الحكوميين ونخبة المفكرين والخبراء والمتخصصين لبحث الاتجاهات الجديدة والمتغيرات المستقبلية في 20 مجلساً رئيسياً.
وتمثل الاتفاقية امتداداً للعلاقات المتينة بين حكومة دولة الإمارات والمنتدى، التي تمتد لأكثر من عقدين واستقطبت على مدى 14 عاماً أكثر من 12 ألف مستشرف من 100 دولة، وأكثر من 900 مجلس تم عقدها ضمن أعمال الاجتماعات السنوية لمجالس المستقبل العالمية، التي انعقدت أولى جلساتها في 2008 تحت مسمى مجالس الأجندة العالمية.
وتسهم مجالس المستقبل العالمية في تعزيز مكانة دولة الإمارات مركزاً معرفياً، تجمع على أرضها نخبة العقول العربية، والمفكرين بهدف وضع رؤية جديدة للمستقبل، صناعة المستقبل وتعزيز فرص الأجيال وتمكينها من مواجهة مختلف التحديات وإيجاد الحلول الناجحة لها، كان آخرها الاجتماعات السنوية في 2020 التي استقطبت أكثر من 1000 خبير ومتخصص في 31 قطاع من أكثر من 80 دولة للإسهام في تطوير جهد عالمي مشترك في 40 مجلساً عالمياً.
يذكر أن دولة الإمارات تشارك بوفد رفيع المستوى في فعاليات الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي، يضم عددا من الوزراء والمسؤولين في الحكومة الاتحادية، وكبار المسؤولين في حكومة أبوظبي وحكومة دبي، فيما يتحدث 7 من الوزراء في حكومة دولة الإمارات في جلسات رئيسية تغطي أبرز القطاعات المستقبلية الحيوية.
ويركز المنتدى على 6 محاور رئيسية تشمل استعادة النظام العالمي والتعاون الإقليمي، وضمان التعافي الاقتصادي واستشراف حقبة جديدة من النمو، وبناء مجتمعات صحية وعادلة، وحماية المناخ ومصادر الغذاء والطبيعة، وقيادة التحول الصناعي، وتوظيف إمكانات الثورة الصناعية الرابعة.