يسعى خبراء التكنولوجيا إلى تطوير تقنيات جديدة للمكفوفين تسهّل عليهم أداء مهماتهم لتتماشى مع الأنظمة الرقمية والروبوتية.
ويحاول باحثون كُثر منذ سنوات إجراء تحديثات على نظام ”برايل“، باعتباره الوسيلة الأساسية لتعلم ذوي الإعاقة البصرية القراءة والكتابة، وتحويله إلى نظام رقمي يعمل من خلال خوارزميات حاسوبية متطورة.
و“برايل“ هو نظام كتابة ليلية ألف بائية، يُمكّن المكفوفين من القراءة، ووفقه تُكتب الحروف رموزاً بارزة على الورق، ما يسمح للمكفوفين بالقراءة بفضل حاسة اللمس.
وأطلق على النظام هذا الاسم، نسبةً إلى مبتكره الفرنسي لويس برايل (1809-1852).
وعلى خطى المبتكر الفرنسي، مشت الباحثة الفلسطينية هبة صلاحات، وسجّلت خطوة متقدمة في هذا المجال، إذ نجحت في تطوير تقنية جديدة تختصر النقاط الست المعتمدة بنظام ”برايل“، في تمثيل الحروف والأرقام، إلى زوج واحد فقط من الأرقام.
ويأتي هذا الابتكار غير المسبوق على شكل لوحة مفاتيح تتكون من 10 مفاتيح رئيسية للكتابة لتمثيل الحروف والأرقام، وقلم رقمي، يمكن توصيلهما مع أنظمة شاشات رقمية مثل: جهاز كمبيوتر، وهاتف ذكي، وجهاز لوحي (تابلت).
وقالت صلاحات (32 عاماً) لـ ”إرم نيوز“، إن التقنية التي عملت على تطويرها، تهدف إلى أن يتعلم ذوو الإعاقة البصرية القراءة والكتابة بسرعة وبسهولة، مقارنةً مع التقنيات المشابهة والشائعة الاستخدام.
وأوضحت صلاحات، التي تحمل شهادتي البكالوريوس في نظم المعلومات الحاسوبية، والماجستير في إدارة أعمال، وتعمل موظفة إدارية في جامعة فلسطين الأهلية بمدينة بيت لحم في فلسطين، أن النظام الجديد يدار من خلال دليل تعليمي، إذ يمكن للمتعلم حفظه وتعلمه في غضون 15 دقيقة فقط.
وأضافت: ”عند توصيل النظام الجديد مع جهاز حاسوب، فإن الحروف والأرقام تظهر على الشاشة، ويتعرف عليها المستخدم عن طريق قارئ الشاشة، أو باستخدام القلم الخاص بالنظام للقراءة، عبر تمريره على السطر الإلكتروني الموجود في لوحة المفاتيح“.
وتشير إلى أن تقنيتها تحل مشكلة التعقيد في نظام ”برايل“ للقراءة والكتابة عن طريق اختصار النقاط الست إلى نقطتين فقط في تمثيل الحروف والأرقام، ما يسهل على المتعلم الحفظ والاسترجاع.
كما تستغني التقنية الجديدة عن القراءة اللمسية التي يعتمدها نظام ”برايل“، لتحل مكانها أداة خاصة بالقراءة، وهي القلم.
وتكشف صلاحات، أنه يمكن استخدام تقنيتها للقراءة والكتابة بلغات مختلفة، إذ تعتمد على الترتيب الهجائي للحروف، وبالتالي يمكن تطبيقها على لغات العالم، من خلال تحويل الدليل من لغة إلى أخرى.
وجاءت فكرة الابتكار خلال عملها وتواصلها المباشر مع الطلبة من ذوي الإعاقة البصرية في جامعة فلسطين الأهلية.
وقالت صلاحات عن ذلك: ”ذات مرة، ترك أحدهم كتبه معي ريثما يقضي بعضا من شؤونه، فنظرت إليها وقلت هي فارغة تماما، كيف يقرؤها، مع علمي أنهم يستخدمون طريقة برايل“.
وأضافت: ”لكن شعرت، حينها، بأنه يجب مساعدة هؤلاء المكفوفين، ومحاولة الاستفادة من الأنظمة الرقمية الخاصة في دعمهم في مجال التعليم. ورحتُ أسألهم عن الصعوبات التي يواجهونها في تعلمهم لطريقة برايل والمدة المستغرقة في ذلك، وبدأت أبحث في تطوير تقنية تسهّل عليهم تعلم القراءة والكتابة“.
واستعانت صلاحات خلال تطوير التقنية بمراحل تطوير نظام ”برايل“، وبتقنية العالم المسلم زين الدين الآمدي، الذي يُعد أول من ابتكر الحروف البارزة للمكفوفين، سابقاً الفرنسي برايل بنحو 500 سنة.
ونال ابتكار صلاحات، براءة اختراع من الإدارة العامة للملكية الفكرية في وزارة الاقتصاد الفلسطينية.
وتسعى الباحثة إلى الحصول على دعم مادي لتطوير النموذج الأولى للتقنية واختبارها في العالم الحقيقي، حتى ينال ابتكارها حماية دولية للاختراع من المنظمة العالمية لحماية الملكية الفكرية ”وايبو“ WIPP.