سجل مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، أول مشروع تنفذه دولة عربية لاستكشاف الكواكب، ملاحظات فريدة حول العواصف الغبارية المريخية.
الملاحظات الفريدة توفر معلومات عميقة وغير مسبوقة حول طريقة تطور هذه العواصف وانتشارها في مساحات شاسعة من الكوكب.
ويشكل “مسبار الأمل” الإماراتي الذي وصل إلى مدار المريخ في فبراير/شباط 2021، أداة ممتازة لمراقبة تفاصيل بنية وتنوّع الغلاف الجوي للكوكب الأحمر، وتقوم عمليات الرصد المنسقة التي تم تسجيلها بواسطة كاميرا EXI ومطياف الأشعة تحت الحمراء EMIRS بتشخيص الحالة الحرارية للسطح والغلاف الجوي السفلي، وتوفر تفاصيل التوزع الجغرافي للغبار وبخار الماء والغيوم الجليدية المائية والكربونية على مدار نطاقات زمنية متنوعة تمتد من دقائق إلى أيام كاملة.
ويعمل نظام كاميرا EXI على جمع الصور بثلاثة أطوال موجية مرئية، واثنين من الأطوال الموجية فوق البنفسجية، ما يوفر نظرة متعددة الأطياف لطقس المريخ مماثلة لتلك التي توفرها الأقمار الصناعية.
يتم تجميع تركيبات الألوان المعروضة هنا من الصور المأخوذة من خلال فلاتر EXI ذات الألوان الأزرق والأخضر والأحمر (المتمركزة عند مستويات 437 و 546 و 635 نانومترًا). وقد خضعت الصور للمعايرة عبر إزالة العديد من الظلال الخادعة التي أدخلها نظام الكاميرا وهي توفر أيضًا معلومات جغرافية مكانية تسمح بعمل الخرائط، وقد تم تعديل مستويات التباين لتحسين رؤية السمات السطحية والجوية.
ويمتاز EMIRS بأنه مطياف حراري يعمل بالأشعة تحت الحمراء (في نطاق الطول الموجي 6-40 ميكرون)، ويكمل جهاز EXI في رصد الغلاف الجوي السفلي للمريخ والتعرف إلى طبيعته. تُستخدم قياسات EMIRS لتحديد توزيع مكونات الغلاف الجوي السفلي مثل الغبار وجليد الماء وبخار الماء (معروضة هنا على أنها عمق بصري – تتعلق بكمية الهباء الجوي المعلقة في الغلاف الجوي).
كما يتم قياس درجات حرارة سطح المريخ ودرجة حرارة الغلاف الجوي حتى 50 كم من السطح، كما يتم حساب متوسط بيانات EMIRS على أساس كل دورة مدارية لمسبار الأمل على حدة (فترة زمنية تبلغ حوالي 55 ساعة) بحيث يتم بشكل تراكمي إنشاء نموذج كروي مصوّر لكوكب المريخ يظهر فيه العمق البصري للغبار (يظهر كظلال حمراء مغطاة على خريطة ثلاثية الأبعاد لارتفاعات السطح؛ وتتمركز هذه النماذج الكروية عند خط عرض 4 درجات شمالاً وخط طول 100 درجة شرقاً).
ويؤدي ارتفاع درجة حرارة الغبار المعلق بسبب أشعة الشمس إلى زيادة درجات حرارة الغلاف الجوي، والتي تم الكشف عنها أيضًا بواسطة المطياف.
تطور سريع
اعتباراً من أواخر ديسمبر/ كانون الأول 2021، رصد كل من EXI و EMIRS عاصفة غبارية إقليمية سريعة التطور، توسعت إلى حجم يزيد على عدة آلاف من الكيلومترات. يتم عرض سلسلة “النماذج الكروية” لسطح المريخ من EXI و EMIRS هنا (موجهة من الشمال إلى الأعلى) لتوثيق نمو وتبدد العاصفة على مدار أسبوعين تقريبًا.
تُعرف منطقة “زعنفة القرش” الداكنة البارزة في صور EXI باسم “مسطح سرت”.
في هذه المنطقة، تغطي الرواسب الرقيقة من الرمال البازلتية الداكنة سطح بركان درعي مائل برفق. إلى الجنوب، تعد المنطقة الدائرية السمراء حوض اصطدام هيلاس (أكبر فوهة على سطح المريخ – يبلغ قطرها نحو 2300 كيلومتر ويصل عمقها إلى 7 كيلومترات)، وغالبًا ما يكتنفها الغبار وسحب الجليد المائي.
وفي النماذج الكروية لدى EMIRS و EXI، تشير النجمة الخضراء إلى “موقع مرجعي” (فوهة اصطدامية بقطر 85 كم) للمساعدة بصريًا في تتبع مجموعتي البيانات.
في 29 ديسمبر/ كانون الأول 2021 (مدار المسبار رقم 153)، التقط جهاز EXI قرصًا مضاء بالكامل من المريخ متمركزًا تقريبًا في “مسطح سرت” (مركز الصورة: 24.6 درجة جنوبًا، 81.1 درجة شرقًا).
كانت الفترة منتصف الشتاء في نصف الكرة الجنوبي (Ls = 149 درجة). وكما هو معتاد في هذا الموسم، كان الغلاف الجوي صافياً نسبيًا ولم تظهر سوى سحب رقيقة من الجليد المائي فوق السهول شرقي “مسطح سرت”. وكما هو معتاد أيضًا، بدا حوض اصطدام هيلاس مليئاً بسحب الغبار السمراء، ما أدى إلى حجب رواسب الجليد السطحي التي تغطي الجزء الجنوبي من الحوض.
وتؤكد ملاحظات EMIRS خلال هذا الوقت وجود سحب غبار كثيفة نسبيًا في حوض هيلاس ولكنها تكشف فقط عن كميات منخفضة من الغبار العالق في أماكن أخرى. توفر هذه المجموعة من ملاحظات EXI و EMIR أساساً للمقارنة مع المشاهدات اللاحقة للمريخ التي سيتم الحصول عليها خلال الأسبوعين المقبلين.
في 5 يناير/ كانون الثاني 2022 (رقم مدار المسبار 156)، التقط جهاز EXI هذا المنظر نصف المضاء للمريخ (مركز الصورة: 12.3 درجة جنوبًا، 94.8 درجة شرقاً). كانت الشمس تغرب بالقرب من مركز القرص. ويبدو أن عاصفة غبارية ضخمة تشكلت خلال الأسبوع الماضي (يبلغ قطرها حوالي 2500 كيلومتر) كانت تقترب من الشرق وكانت تحجب “مسطح سرت” جزئيًا. تظهر غيوم الجليد المائي الرمادية أيضًا في هذه العاصفة. كان حوض هيلاس مغطى بالكامل بالسحب الغبارية.
تُظهر ملاحظات EMIRS بوضوح تركيزات عالية من الغبار في عواصف “سرت” و”هيلاس” الغبارية، مع “ضباب غباري” يمتد بعيدًا إلى الشرق.
في 7 يناير/ كانون الثاني 2022 (رقم مدار المسبار 157) ، تكشف ملاحظة EXI في منتصف اليوم بشكل أفضل مدى انتشار الضباب الغباري وغيوم الجليد المائي الرمادية المنتشرة إلى الشرق من مسطح سرت وإلى شمال حوض هيلاس (مركز الصورة: 22.8 ° جنوباً، 97.9 درجة شرقاً). تكشف بيانات EMIRS عن زيادة سمك الضباب الغباري المنتشر، ما يشير إلى رفع نشط للغبار من السطح الممتد لما لا يقل عن 4000 كم شرق مسطح سرت.
في 9 يناير/ كانون الثاني 2022 (مدار المسبار رقم 158)، لاحظ جهاز EXI نصف كرة مضاء بالكامل ومتمركزاً في “مسطح سرت” (مركز الصورة: 22.7 درجة جنوبًا، 62.6 درجة شرقًا).
امتد الغبار المرتفع إلى الغرب، مع عاصفة غبارية منفصلة ومتعددة الفصوص (حوالي 1200 كيلومتر) تحوم فوق شمال غرب المسطح.
كان ضباب الغبار بارزاً جدًا وغطى السهول شرقًا من المسطح. يكشف EMIRS مرة أخرى عن مدى الغيوم الغبارية، إذ يصور بشكل كبير العمق البصري المتزايد للغبار من شمال غرب مسطح سرت وصولاً إلى الطرف الشرقي من الخريطة، ويمتد حوالي ثلث محيط المريخ! قارن هذه المجموعة من الملاحظات بالظروف الواضحة نسبيًا السائدة يوم 29 ديسمبر/ كانون الأول 2021.
الخطوة الزمنية الأخيرة هي 14 يناير/كانون الثاني 2022 (مدار المسبار رقم 160). يعرض نظام EXI مشهداً بعد الظهر (قريباً من غروب الشمس) لمسطح سرت (مركز الصورة: 8.5 درجة جنوبًا ، 117.0 درجة شرقًا). لا تظهر عواصف غبارية منفصلة، بل يحجب ضباب غباري منتشر جزئيًا ويمتد باتجاه الشرق من منطقة مسطح سرت/ حوض هيلاس بأكملها.
تشير بيانات EMIRS أيضًا إلى ترقق الضباب مع انخفاض كمية الغبار بشكل كبير، يظهر استمرار حجاب الغبار لملء حوض هيلاس بشكل واضح في كل من صورة EXI وخريطة EMIRS.
مع اقتراب موسم المريخ من الربيع الجنوبي، يصبح نشاط العاصفة الغبارية أكثر اتساعا، ويعد “مسبار الأمل” أحد الأصول المدارية القيمة في توثيق موقع وتطور العواصف الغبارية على الكوكب وإعطاء ملاحظات ومعلومات غير مسبوقة عن طبيعة هذه العواصف وتوصيفها.