ايجابيات كأس الأمم الافريقية!

خلدون الشيخ

من الصعب اعتبار ان كأس الامم الافريقية الدائرة حالياً في الكاميرون تسير على أفضل ما يرام، وأن الأمور وردية وجميلة، بل على النقيض هي عكس ذلك تماماً، ومع ذلك، ورغم كل السلبيات التي رأيناها في الأيام الماضية، الا انني سأحاول ايجاد بعض الايجابيات، أو ايجاد الابرة من بين كومة القش الكبيرة.
عندما ثارت ثائرة الأفارقة، خصوصا الكاميرونيين، على اعتراض الكثيرين على استضافة النهائيات، ان كان بسبب الموعد والزمان او المكان، فانهم اتهموا الجميع بقلة الاحترام للكرة الافريقية، بل لكل القارة السمراء، وانضم اليهم من الاوروبيين من هم يتحدرون من أصول افريقية، معتبرين ان هذه النهائيات لا تقل عن كأس الأمم الاوروبية التي يحترمها ويتابعها الجميع. لكن هؤلاء تصرفوا مثل المواطنين السمر في أوروبا الذين تتملكهم «الفوبيا» وهوس ان الجميع ينتقدهم أو يؤنبهم بسبب لون بشرتهم وليس بسبب خطأ ارتكبوه او سلوك شاذ اقترفوه، فيصبح الجميع في نظرهم عنصريا يبغضهم ويتمنى لهم الفشل والزوال.
لكن عندما نفكر في الأسبوع الأول من هذه البطولة الافريقية، فلن نجد حقيقة الا السلبيات، ان كان داخل الملعب أو خارجه. فعلى صعيد التحكيم، كانت فعلاً لحظة فارقة في تاريخ نهائيات المسابقات الكبيرة، عندما وقعت كارثة تحكيمية كان بطلها الزامبي جاني سيكازوي، الذي أدار مباراة تونس ومالي، حيث قرر بشكل مفاجئ إنهاء المباراة في الدقيقة 85، قبل أن يقرر استكمال اللقاء بعد اعتراض الطاقم الفني لمنتخب تونس. وكرر سيكازوي الأمر ذاته مجددا، بعدما أنهى المباراة قبل نهاية الوقت الأصلي بعشر ثوان، معلنا فوز مالي 1/صفر من دون أن يعلن عن الوقت المحتسب بدل الضائع، رغم توقف اللقاء لعدة دقائق لمراجعة «الفار». واعترض الجهاز الفني للمنتخب التونسي على قرار الحكم بعد إطلاقه صافرة النهاية، لكن سيكازوي أصر على قراره ليخرج الحكام والفريقان من الملعب. وبعد عدة دقائق، عاد الحكم الرابع للمباراة، مع المساعدين لاستئناف المباراة بدون سيكازوي، ليعود الماليون لأرض الملعب للعب الوقت المتبقي، لكن المنتخب التونسي فضل عدم العودة لاستئناف المباراة، وتحجج الاتحاد الأفريقي (كاف) لاحقا بان الحكم عانى من حرارة الشمس وشعر بالغثيان ما اثر على ادائه. ورغم ان هذا الخطأ ليس عذرا لخسارة تونس التي أهدرت ركلة جزاء وقدمت عرضا باهتاً.
لكن السلبيات لم تكن بالاخطاء التحكيمية الكثيرة فحسب، بل كان هناك عدد من الأخطاء التنظيمية الساذجة، كانت بدايتها مع مباراة مصر ونيجيريا، التي أوقفها الحكم الغامبي باكاري جاساما عدة مرات بسبب عدم صلاحية الكرات المستخدمة في اللقاء. وبدا أن ضغط هواء الكرات ليس كافيا، ليضطر جاساما لتغيير 3 كرات في غضون 23 دقيقة خلال المباراة. ووقعت اللجنة المنظمة في خطأ آخر خلال لقاء موريتانيا وغامبيا، حيث فوجئ المنتخب الموريتاني بعزف النشيد الوطني القديم بدلا من النشيد الحالي، ما اضطر المنظمون لإيقافه ومحاولة تشغيل النشيد الجديد، لكنهم لم يتمكنوا من ذلك، ليتم عزف النشيد الغامبي فقط قبل انطلاق اللقاء.
وعلى صعيد العروض، فانها جاءت باهتة وضعيفة من غالبية المنتخبات، فبالكاد نرى أهدافاً أو متعة، ففي اليوم الثاني من البطولة، سجلت 4 أهداف فقط في 4 مباريات، وفي اليوم الثالث سجل هدف واحد فقط في 3 مباريات، وخلال المباريات الـ12 الأولى، تم تسجيل 12 هدفا فقط، رغم وجود نجوم من العيار الثقيل، الا أن أرضية الملعب والاجواء لم تساعد هؤلاء النجوم على رفع مستوى الأداء. وهو يقل كثيرا عما تم تسجيله بالجولة الأولى لنسخة البطولة الماضية بمصر 2019، حيث شهدت تسجيل 27 هدفا بمعدل 2.25 هدف في المباراة الواحدة. عدا عما لا يمكن وصفه سوى بالازعاج، من «زمامير» المشجعين المستمرة طيلة الدقائق التسعين، ما يجعل فكرة الاستمتاع مستحيلة.
وخارج الملعب، كانت هناك وما زالت فرص التهديدات الأمنية، من انفصاليين ومسلحين، لكن المقلق ظل دائما فيروس كورونا، حيث شهدت الجولة الأولى غياب العديد من اللاعبين من مختلف المنتخبات بسبب إصابتهم بالفيروس، ما أثار الجدل بشأن التدابير الصحية التي اتخذتها اللجنة المنظمة. كما طالت العدوى أيضا العديد من حكام البطولة، عدا الشكوى الدائمة من اقامة المباريات في وقت مبكر بسبب الطقس الحار، مضافاً اليها سوء الخدمات المقدمة من وسائل مواصلات وفنادق لائقة باللاعبين وطواقم المنتخبات، فكيف الحال للمشجعين الزائرين، وهو ما فسر سبب غيابهم.
لكن الآن علينا ذكر الايجابيات، وتصحيح معلومة الكاميرونيين والافارقة المهووسين بفوبيا عقدة النقص، ان البطولة منقولة الى كثير من البلدان حول العالم، بينها الدول الاوروبية الكبرى التي طالبها الافارقة باحترام أكثر، بينها قنوات فضائية مشفرة (سكاي أو بي ان) أو محلية (بي بي سي)، وتحظى برغبة من الجميع لمتابعتها بسبب وجود الكثير من نجوم هذه الاندية الأوروبية في هذه البطولة، والمقدر عددهم بأكثر من 200 لاعب، لكن يتعين على الاتحاد الافريقي (كاف) واللجنة المنظمة «احترام» هؤلاء المشاهدين بتقديم ما يدعو الى «احترامها».

 

خلدون الشيخكأس الأمم الافريقية