في بداية الجائحة، شدّدت السلطات الصحية كثيراً على غسل اليدين لمنع انتقال كورونا. لكن خلال العام 2020، ظهر إجماع بين العلماء: بالإضافة إلى انتقال الفيروس عبر الأيدي الملوثة التي نضعها على أنوفنا أو أفواهنا، ينتقل هذا المرض بشكل كبير عبر الهباء الجوي أو الرذاذ، وهو سحب من الجسيمات تنبعث منّا عندما نتنفّس أو نتحدث أو نصرخ أو نغني.
التهوية
وفي غرفة مغلقة وسيئة التهوية، يمكن لهذا الرذاذ أن يبقى في الهواء لفترة طويلة وأن يتحرك في كل أنحاء المكان، ما يزيد بشكل كبير من خطر العدوى.
ورغم ذلك، فإن أهمية التهوية التي تساهم في تشتيت هذه السحب الملوثة ليست دائماً مفهومة جيداً لدى عامة الناس. وكانت النتيجة المباشرة للوعي بانتقال الفيروس عبر الهباء الجوي، تغيّر الخطاب حول الكمامات بشكل جذري في عامين.
الكمامات
بداية، كرّرت منظمة الصحة العالمية والعديد من الحكومات أنّ الكمامات يجب أن تستخدم فقط من قبل العاملين الصحيين والمرضى وأقاربهم وليس من قبل عامة الناس. لكن في نظر مؤيدي تعميم وضع الكمامة، كان ذلك الخطاب يهدف قبل كل شيء إلى تجنّب حدوث نقص في الكمامات في صفوف العاملين في القطاع الصحي.
واعتباراً من ربيع 2020، تغيّر الوضع: أصبحت الكمامة أداة أساسية في مكافحة الوباء، وأصبح وضعها إلزامياً في بعض الأحيان. ومع ظهور المزيد من المتحورات الأشد عدوى، تم التخلّي عن الكمامات البسيطة المصنوعة من النسيج، وهي أقل قدرة على تصفية الهواء، لصالح الكمامة الجراحية.
ومع هيمنة المتحورة أوميكرون الشديدة العدوى، ينصح العديد من العلماء الآن باستخدام كمامة “إف إف بي 2” في الأماكن المغلقة. وتعتبر هذه الكمامة أكثر ملاءمة للوجه وأكثر قدرة على التصفية، وبالتالي فهي توفر حماية أكبر، لكنها أيضاً أكثر تقييداً.
التطعيم
تعلّمنا من الجائحة أنّه يمكن تطوير لقاحات ضدّ مرض غير مسبوق ثم إعطائها لسكان العالم في أقلّ من عام. في السابق، كانت هذه العملية تستغرق وقتاً أطول بعشر مرات.
في أوائل يناير (كانون الثاني) 2022، بعد أكثر من عام بقليل على بدء حملات التحصين العالمية، كان حوالى نصف سكان الكوكب قد تلقّوا اللقاح بالكامل ضدّ كورونا، وفق موقع “أوكسفورد أور وورد إن داتا” العلمي. لكن، تم تأكيد ما كان متوقعاً منذ البداية: توزيع غير متكافئ للّقاحات بين البلدان الفقيرة والغنية.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس في خطابه لمناسبة العام الجديد “إذا وضعنا حدّاً لعدم المساواة، فنحن نضع حدّاً للوباء”، مذكّراً بأنّ هدفه هو “تلقيح 70% من الأشخاص في كل العالم بحلول يوليو (تمّوز)”.
وكان التلقيح الأداة الأساسية في مكافحة الوباء، فمن دون اللقاحات، كان يمكن أن تكون الخسائر البشرية أكبر بكثير لأنها تحمي من الأشكال الخطيرة للمرض. مع ذلك، فإن بعض الآمال التي أثارتها اللقاحات لم تتحقّق.
فعالية اللقاحات
في البداية، كان يؤمل في أن يؤدي تلقيح الأشخاص في كل أنحاء العالم بسرعة إلى وضع حدّ للوباء. لكن الأمر لم يكن كذلك، لأنّ اللقاحات لا تمنع انتقال كورونا كما أنّ فعاليتها تتضاءل بمرور الوقت.
كذلك، فإن فعالية اللقاحات ضدّ المتحورات الأحدث، الآن أوميكرون وقبلها دلتا، هي أقلّ ممّا كانت عليه ضد السلالة الأساسية لفيروس كورونا سارس-كوف-2.
الجرعة المعززة
وكلّ هذا دفع الدول الغنية إلى تكثيف حملاتها بالجرعة المعزِّزة لاستعادة فعالية اللقاحات ضد الوباء. لكن ليس من المعروف بعد مدة تأثيرها. لذلك، فإن الرهان يقع الآن على الجرعات المعززة، حتى لو كان ذلك يعني الاضطرار لمضاعفتها، وهي استراتيجية قد تكون قصيرة الأمد، كما يحذّر متخصّصون.
وفي نهاية ديسمبر (كانون الأول)، حذّر تيدروس أدهانوم غيبرييسوس من أنّه “لن تتمكن أي دولة من التغلّب على الوباء بجرعات معزّزة”. وكتبت ماريا فان كيركوف المديرة الفنية لمنظمة الصحة العالمية المكلفة وباء كورونا على تويتر أنّ “اللقاحات لن تقضي بمفردها على الجائحة”، مشدّدة على وجوب الاستعانة بأدوات تكميلية أخرى منها “المراقبة والاختبارات والحجر والعلاجات والتهوية والكمامات والتباعد الاجتماعي”.