نهيان بن مبارك: «إكسبو دبي» يجسد رؤى وتطلعات الشيخ زايد

أكد معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش، في حواره مع برنامج «971»، الذي يبث على قناتي تلفزيون دبي وقناة الإمارات وعلى منصة «أوان»، وتقدمه الدكتورة ميساء راشد غدير، إن صورة وقيمة معرض «إكسبو 2020 دبي»، ارتبطت في مخيلته، برؤية وجهود مؤسس الدولة العظيم، المغفور له الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، الذي رأى ببصيرته وتطلعاته نحو المستقبل ومن واقع إيمانه بهذه الأرض الطبية وبشعبها المعطاء إنه سيكون لنا شأن في قادم الأيام بين الدول المتقدمة، وحثنا على المشاركة.

وتابع معاليه: وقد كان أول حضور للإمارات في معرض إكسبو الدولي في العام 1970 في أوساكا باليابان، وأذكر أن جناحنا كان مستوحى من تصميم قلعة الجاهلي في مدينة العين. هذه القلعة التي يرجع الفضل في تأسيسها، إلى المغفور له الشيخ زايد بن خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، وتقف اليوم دليلاً على أصالة أهل الإمارات. لقد كان اشتراكنا في معرض إكسبو اليابان قبل عام ونصف من قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، مؤشراً مهماً على حرص هذه الدولة، على الإسهام الجاد، في مسيرة العالم.

وهذا بالضبط ما ذكرته وتذكرته في حفل افتتاح «إكسبو 2020 دبي»، فلو كان الوالد المؤسس طيب الله ثراه بيننا في هذا الاحتفال، لكان فخوراً ومعتزاً بإنجازات أبنائه وبناته في هذه الدولة الرائدة. وأشار معاليه، في الحوار، إلى أن شعور كل مواطن ومواطنة بالفخر في هذا الحدث يرمز إلى غرس زايد، وهؤلاء المتطوعون والمتطوعات، هم سلالة العطاء والإنجاز في هذا الوطن العزيز.

وأضاف: لقد كان لي الشرف، مواكبة الدولة منذ نشأتها، وشهدت التطور الهائل في جامعاتها، وأشرفت على العملية التعليمية في العديد من مراحلها، وأدركت تماماً أهمية ما كان يوصينا به الوالد الشيخ زايد، من الاهتمام ببناء الإنسان، وهو الاهتمام الذي استمر في ظل القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، وهو اهتمام يتجسد في تعليم النشء وتثقيفهم وغرس روح التطوع وحب الخير في نفوسهم، وإعدادهم لحياةٍ منتجة في خدمة الوطن والعالم، ونرى في «إكسبو 2020 دبي»، كيف أن كل واحد من المتطوعين والمتطوعات، يرحب ويخدم ويساعد الوفود من الزوار، وكأنهم ضيوف في بيت كل.. والذي لفت نظري بشكل جلي بالذات، هو نشاط وحيوية ومثابرة المرأة الإماراتية على اختلاف الأعمار.

وهنا أود أن أتقدم بجزيل الشكر لمعالي الوزيرة ريم الهاشمي وفريق عملها على جهودهم الطيبة في الإعداد لـ«إكسبو 2020 دبي»، ليصبح صرحاً عالمياً مرموقاً، يتسم بهذا التنظيم الرائع. لقد كان يقال إن الملفات الكبيرة، والمهام العظيمة، تحتاج لرجال أقوياء، ولكن هنا في الإمارات، غيرنا هذه المقولة، لتصبح المهام الجسيمة، إنما يتم تحقيقها كذلك بحكمة وصمود وقوة بنات الإمارات.

العالم كله يعرف منذ أكثر من 170 عاماً أن إكسبو معرض يجمع ما يفخر به العالم لتبادل الخبرات، ولكنه في دبي كان له وقع مختلف، كيف لمعاليك أن تقرأ ما بين سطور «إكسبو 2020 دبي»؟ الفكرة في استضافة إكسبو هنا في دبي، بدأت عند صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، وذلك قبل سنوات من التقدم بصفة رسمية بطلب الاستضافة، وقامت الحكومة بالإعداد لهذا الملف على نحو جيد، يعكس اعتزازنا باسم دبي والإمارات في المحافل الدولية، وتقدمنا في منافسة قوية مع المدن العريقة، وظفرنا بالاستضافة، ويعود هنا الفضل بعد الله لوزارة خارجيتنا وسمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وفريق عمل الملف.

إن تنظيم «إكسبو 2020 دبي»، يعكس بكل وضوح الرؤية الواعية لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الذي أراد أن يبهر العالم، ويثبت لهم أننا نستحق الصدارة بجدارة، وبالفعل هذا ما نحن شهود عليه، وحتى عندما أرغمت جائحة «كوفيد – 19» العالم على الركود وحصل الإغلاق العام، كان لتأخيره خيره، وهنا أذكر عبارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عندما قال «لا تشلون هم» وكأنه كان يقصد العالم، وبالفعل استأنفت دبي حياة العالم من جديد عبر فعاليات اكسبو 2020 دبي، وعلى هذا النحو الناجح الذي يدعو إلى الإعجاب.

كيف استثمرت دبي اجتماع أكثر من 191 دولة في رقعة جغرافية واحدة؟ الاستثمار الحقيقي في الإمارات، هو في الإنسان، وهنا أثبتت دبي ودولة الإمارات للعالم أننا شعب قادر وواع، ويسعى للتعايش والحياة في سلام مع الجميع، إننا نؤكد من خلال «إكسبو 2020 دبي»، إننا دعاة تلاقي الحضارات وليس صراع أو صدام الحضارات، «إكسبو 2020 دبي» هو مناسبة مهمة، يتضح منها، إننا في الإمارات، نبحث عن رفاهية الإنسان بكل السبل، ونسعى لصون مقدرات كوكب الأرض لعون البشرية، وصياغة مستقبل ناجح للجميع، كل هذا كان من المكاسب التي حصدناها من اكسبو، وما زلنا نحصدها من خلال ما سوف يؤدي إليه هذا المعرض العالمي، بإذن الله، من تعاون وعمل مشترك بين دول العالم، وما يرتبط بذلك، من تقدم إنساني واقتصادي ومجتمعي ومعرفي، لمصلحة جميع الأمم والشعوب.

وثيقة

أصبحت وثيقة الأخوة الإنسانية التي بزغ نورها في الإمارات في 4 فبراير 2019 وثيقة تجمع الأديان والأعراق والألوان في كافة دول العالم، فما هو جوهرها؟ هذه الوثيقة تجسد الأهمية القصوى للتواصل الإيجابي، والتسامح والتعايش، والعمل المشترك بين البشر، هي رسالة سلام ومحبة من الإمارات إلى العالم، تؤكد على أن التعددية في خصائص السكان، هي مصدر قوة للمجتمعات البشرية، إن جوهر الوثيقة يكمن في محاورها الرئيسة ومن أهمها: أن التعاليم الصحيحة للأديان تدعو إلى التمسك بقيم السلام، وأن حرية المعتقد حق لكل إنسان، وإن الحوار والتفاهم وثقافة التسامح ضرورة بين البشر إلى جانب التركيز على حماية دور العبادة، وإدانة الإرهاب والتطرف بكل أشكاله، وكيف أن العلاقة الطيبة، بين أصحاب الأديان والمعتقدات المختلفة، والعمل المشترك بينهم هي أمور أساسية تسهم في تحقيق الخير للجميع، وعلى ضوء ذلك كله، قامت الأمم المتحدة باعتماد يوم إصدار وثيقة أبوظبي للإخوة الإنسانية على أنها اليوم الدولي للأخوة الإنسانية.

كيف مهدت هذه الوثيقة العلاقة الإنسانية بين الدول بعد أن كان البعض لا يزال يعيش في عصر الظلمات في القرن 21؟ أصل الأديان كلها التسامح، ومن ينبذ هذا التسامح فلا يحق له أن يدعي الانتماء لتعاليم أي دين. ومن هنا، فإن وثيقة الأخوة الإنسانية، تشكل إحدى أهم الدعوات التاريخية للحوار والتعارف والتعاون المشترك بين البشر، لنشر قيم ومبادئ السلام على مستوى العالم، هذه الوثيقة تجسد مبادئ الإمارات الراسخة التي انطلقت منها في علاقاتها بدول العالم أجمع.

عند الحديث عن وثيقة الأخوة الإنسانية، فلا بد أن نذكر جائزة زايد للأخوة الإنسانية، حدثنا عنها؟ تأسست الجائزة، التي تمنحها اللجنة العليا للأخوة الإنسانية، في فبراير 2019 إحياءً للقاء التاريخي بين قداسة البابا فرنسيس وفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، حيث وقّع الرمزان الدينيان العظيمان وثيقة الأخوة الإنسانية، وذلك بدعم كبير، من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وأصبحا بذلك أول فائزين فخريين بجائزة زايد للأخوة الإنسانية، وأما عن اللجنة العليا للأخوة الإنسانية فهي لجنة دولية مستقلة أُنشئت لتعزيز قيم الأخوة الإنسانية حول العالم وتحقيق تطلعات وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية، على أن تنتهي عملية الترشيح لجائزة زايد للأخوة الإنسانية 2022 في الأول من ديسمبر 2021، وأن يتم الإعلان عن الفائزين في الرابع من فبراير 2022.

  قوة 

كيف تمكنت دولة الإمارات من تسخير مبدأ التسامح ليكون أحد أطياف قوتها الناعمة عالمياً؟ الإمارات دولة تسامح وسلام منذ أن أبصرت النور في العام 1971 على يدي الوالد المؤسس الشيخ زايد ورفيقه الشيخ راشد طيب الله ثراهما، فلم نعتد في يوم على أحد، ولم نظلم أحداً، وكل من جاء أرضنا عاش بأمن وأمان، وبالتالي فقد حق لنا أن يكون وصفنا ببلد التسامح، لقد عرفنا العالم وتعرفنا عليه، من خلال ما تتسم به الإمارات من تسامح وحرص على العيش بسلام مع الجميع، وتأكدت لنا من خلال التسامح والتعايش، مكانة مهمة بين دول العالم أجمع.

كيف استطعت في وزارة التسامح والتعايش أن تُشرك المجتمع بمسؤولياتها، وبالتالي أصبح الجميع يدعم قوة الدولة الناعمة؟ المحبة والسلام والتسامح والانفتاح والتعايش مع الآخرين تعد مجتمعة مكونات رئيسة في نهج التعددية الثقافية لدولة الإمارات منذ تأسيسها، وأصبحت الدولة اليوم حاضنة لقيم التسامح والسلم والأمان وصون الحريات واحترام الآخر، إذ تضم الدولة مقيمين من أكثر من 200 جنسية ينعمون بالحياة الكريمة والاحترام الكامل، كما إن قوانين الدولة، تحافظ على قيم العدل والمساواة، وتجرّم الكراهية والتعصب، وتحارب أسباب الفرقة والاختلاف، كذلك فإن الإمارات شريك أساسي في اتفاقيات ومعاهدات دولية عدة ترتبط بنبذ العنف والتطرف والتمييز العنصري، لتصبح عاصمة عالمية تلتقي فيها الحضارات الإنسانية، لتعزيز السلام والتقارب بين الشعوب، وهذا ما جعلها مقصداً للجميع من مختلف بلدان العالم، بغض النظر عن لونهم أو عرقهم أو دينهم و«إكسبو 2020 دبي» خير برهان ودليل على ما أقول.

منارة 

هل انعكس نهج الإمارات المتسامح على موقعها بين الأمم وهيبتها بين الدول؟ بالطبع، ومجلس الأمن شاهد على ذلك والجمعية العمومية في الأمم المتحدة وأعضاؤها يشهدون على ذلك، ما إن تتبنى دولة الإمارات قراراً أو تقترح فكرة حتى تتسابق الدول لدعمها، وهذا لم يأت من فراغ أو عبث، فلهذه الثقة الدولية سنوات من العمل الجاد الذي قام به قادتنا لنصبح بهذا الموقع المرموق بين الشعوب والدول، ويأتي التسامح والتعايش ليتوج تلك المساعي.

كيف لنا كأفراد أن ندعم المسؤولية المجتمعية للتعايش والتسامح؟ المسؤولية على الجميع، كبير وصغير، مواطن ومقيم وحتى زائر ووافد، هذه الدولة أمانة في أعناق الجميع، ونبذ العنف والتطرف مسؤولية الجميع، فالعيش الرغيد لا يأتي بالسياسة والاقتصاد فحسب وإنما بحب الناس للناس، وخير الناس أنفعهم للناس.

والواجب ليس على الأفراد فحسب، فهناك دور على المدارس والجامعات والمساجد والأندية والدور الأكبر على وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي. سنودع هذا العام خمسين مضت ونستقبل خمسين مقبلة، ما  رسالتكم للشباب؟ شبابنا يشد بهم الظهر وأفعالهم تسبق الأقوال، وثقة القيادة بهم كبيرة، وولاؤهم لا حدود له، ولكن عليهم أن يعوا أن بعلمهم وأخلاقهم ستسمو دولتهم وبتسامحهم وتعايشهم مع الآخر سترتقي.

إكسبو 2020الشيخ زايدرئيسينهيان بن مبارك