كوب 26: الأمم المتحدة لا تعتبر الاتفاق “كافيًا”

توصّلت نحو 200 دولة السبت إلى اتّفاق عالمي لمكافحة التغيّر المناخي بعد مفاوضات صعبة استمرّت أسبوعين، من دون أن تنجح في تبنّي ما يقوله العِلم لاحتواء الارتفاع الخطر في درجات الحرارة.

ووُجّهت أصابع الاتّهام خلال قمّة كوب-26 في جلاسكو إلى الدول الغنيّة التي تقاعست عن تقديم التمويل اللازم للدول الفقيرة المعرّضة لأخطار الجفاف وارتفاع منسوب مياه البحار والحرائق والعواصف.

وتوجّه رئيس قمّة كوب-26 البريطاني ألوك شارما إلى الوفود المشاركة بالقول “حان الآن وقت اتّخاذ القرار، والخيارات التي أنتم بصددها ذات أهمّية حيويّة”، منهيًا بذلك المفاوضات الماراتونيّة.

لكنّ الصين والهند أصرّتا على تخفيف اللهجة المتعلّقة بالوقود الأحفوري في البيان الختامي للقمّة.

ومع الاتّفاق على النصّ النهائي، قال شارما وهو يذرف الدموع “أعتذر عن الطريقة التي سارت بها هذه العمليّة. أنا آسف بشدّة”، قبل أن يطرق بمطرقته على الطاولة.

وكانت الوفود قد انخرطت في المحادثات على أمل الحفاظ على أهداف اتّفاق باريس للمناخ عام 2015 للحدّ من ارتفاع درجات الحرارة عند 1,5 درجة إلى درجتين.

كما أوكِلت إليهم مهمّة إيجاد التمويل للدول المعرّضة لخطر الجفاف والفيضانات والعواصف جرّاء ارتفاع منسوب مياه البحار.

وقال مراقبون إنّ الاتّفاق لم يُقدّم ما هو مطلوب لتجنّب الارتفاع الخطير ومساعدة الدول على التكيّف أو تعويض الأضرار الناجمة عن الكوارث المنتشرة على مستوى العالم.

وحذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش من أنّ “الكارثة المناخيّة لا تزال ماثلة” رغم التوصّل إلى اتّفاق في غلاسكو.

واعتبر جوتيريش في بيان أنّ المؤتمر العالمي للمناخ انتهى بـ”خطوات إلى الأمام مرحّب بها، ولكنّ ذلك ليس كافيًا”. وهو كان غادر غلاسكو متوجّهًا إلى مقرّ المنظمة الدولية في نيويورك.

واعتبرت المفوّضية الأوروبية أنّ “ميثاق غلاسكو” الذي تبنّته 200 دولة في مؤتمر كوب-26 السبت “أبقى على أهداف اتّفاق باريس حيّة، من خلال منحنا فرصة للحدّ من ظاهرة الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئويّة”.

وقالت رئيسة المفوّضية أورسولا فون دير لايين في بيان “أحرزنا تقدّما في تحقيق الأهداف الثلاثة التي حدّدناها لأنفسنا في بداية كوب-26”. وأضافت “هذا يجعلنا واثقين من أنّه يمكننا أن نوفّر للبشريّة مكانا آمنا ومزدهرا على هذا الكوكب. لكن لن يكون هناك وقت نضيعه: لا يزال هناك عمل صعب في انتظارنا”.

من جهته، وصف رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون السبت الاتّفاق الذي تمّ التوصّل إليه في قمّة كوب-26 للمناخ بأنّه “خطوة كبيرة إلى الأمام”، لكنّه حذّر من أنّ هناك عملا “كثيرا يتوجّب فعله” في السنوات المقبلة.

وقال لورنس توبيانا، مهندس اتّفاق باريس، لوكالة فرانس برس إنّ مؤتمر “كوب فشل في تأمين المساعدة الفوريّة للأشخاص الذين يُعانون الآن”.

وأبدت الناشطة السويديّة غريتا ثونبرج أسفها لما انتهى إليه مؤتمر كوب-26، معتبرة أنّه لا يعدو كونه “ثرثرة”.

البقاء

تبنّى كوب-26 “ميثاق غلاسكو” الهادف إلى تسريع وتيرة مكافحة الاحتباس الحراري، ولكن من دون أن يشدّد على ضرورة تلبية طلبات المساعدة من الدول الفقيرة.

وعارضت الصين والهند التطرّق إلى أنواع الوقود الملوّثة. كما أنّ المفردات المستخدمة في النص النهائيّ كانت أقلّ دقّة من المسوّدات السابقة.

ودعا الاتّفاق الدول كافّة إلى تسريع خفض انبعاثاتها، من خلال تقديم خطط وطنيّة جديدة بحلول 2022.

لكن بعد مقاومة الدول الغنيّة بقيادة الولايات المتحدة والاتّحاد الأوروبي، حذف النص أيّ إشارة إلى آليّة تمويل للخسائر والأضرار التي تسبّب بها تغيّر المناخ في العالم النامي.

وبدلاً من ذلك، تمّ التعهّد فقط بـ”حوار” مستقبلي حول هذا الموضوع.

وقالت شونا أميناث، وزيرة البيئة في جزر المالديف، “بالنسبة إلى البعض، إنّ الخسائر والأضرار قد تكون بداية للتحادث والحوار”، مضيفةً “لكن بالنسبة إلينا إنّها مسألة بقاء”.

ورغم أنّ بريطانيا المضيفة قالت إنّها تُريد من كوب-26 أن يُبقي سقف درجة الحرارة 1,5 درجة مئوية في متناول اليَد، قال تقييم علمي للأمم المتحدة الأسبوع الماضي إنّ أحدث خطط مناخيّة للبلدان يضع الأرض في مسار ترتفع فيه درجة حرارتها 2,7 درجة مئوية.

وأشار النص “بأسف عميق” إلى أنّ الدول الغنية فشلت أيضًا في جمع مبلغ سنوي منفصل قدره 100 مليار دولار وعدت به منذ أكثر من عقد. وحضت الدول على دفع المبلغ “بشكل عاجل وحتّى عام 2025”.

1,5 درجة
لكنّ الدول النامية قالت إنّ من غير العدل أن تُسفر القمّة عن اتّفاق غير متوازن. فهي أرادت تعليمات محدّدة حول كيفية تلبية فاتورة إزالة الكربون مع التكيف أيضًا مع الكوارث الطبيعية التي تسبّبها ظاهرة الاحتباس الحراري.

وقالت أماندا موكواشي، المديرة التنفيذية لمنظمة “كريستشان آيد”، “قيل لنا إنّ مؤتمر كوب-26 كان أفضل فرصة أخيرة للحفاظ على 1,5 درجة مئوية، لكنّه وُضِع على أجهزة التنفس الاصطناعي”.

وأضافت “الدول الغنية رمت جانبًا تعهّدها بالعمل المناخي العاجل الذي يحتاجه الناس في الخطوط الأمامية لهذه الأزمة”.

وعلى مدى أسبوعين، شهدت غلاسكو عددًا من الإعلانات البارزة من قادة العالم، مثل الالتزام بخفض انبعاثات الميثان بنسبة 30 بالمئة بحلول عام 2030.

كما شهدت احتجاجات حاشدة على ما قال نشطاء إنّه نقص خطير في العمل الطارئ.

وقالت تيريزا أندرسون، منسّقة سياسة المناخ في منظمة “أكشن إيد انترناشونال”، إنّ كوب-26 كان “إهانة لملايين الأشخاص الذين تحطّمت حياتهم بسبب أزمة المناخ”.

جلاسكوقمة المناخكوب 26