رد فعل مناعي
وأوضحت الخبيرة أن حساسية الطعام حالة يَعتبِر فيها الجهاز المناعي للجسم نوعا من الطعام، مثل الفول السوداني، مادة ضارة، ما يجعله يتحول إلى الهجوم للتصدي للتهديد بإطلاق الأجسام المضادة.
ويمكن أن يؤدي رد الفعل المناعي إلى إصابة الطفل بالقشعريرة أو القيء، وفي سيناريوهات أسوأ، انقباض المسالك الهوائية أو حتى الوفاة.
علاج مناعي فموي
ويقوم برنامج العلاج المناعي الفموي المبكر لحساسية الفول السوداني، الذي وضعه مستشفى كليفلاند كلينك، على منح الأطفال، الذين يغانون حساسية من الفول السوداني، ولا يفوقون 4 أعوام، جرعات من كميات ضئيلة من الفول السوداني تزيد تدريجياً على مدار عدّة أشهر، ضمن إجراءات دقيقة يشرف عليها خبراء الحساسية، وذلك لبناء قدرة الجسم على تحمّل الفول السوداني.
ويعاكس هذا النهج الإرشادات السريرية، التي عرضها خبراء الحساسية قبل عقد من الزمان، إذ أوضحت الدكتورة هونغ أن الأطباء أوصوا بإزالة الأطعمة المسببة للحساسية مثل الحليب، والبيض، والفول السوداني، من وجبات طعام الأطفال المعرضين للخطر، في نهج اتّبِع مع ارتفاع أعداد المصابين بحساسية الأطعمة في الولايات المتحدة في تسعينيات القرن الماضي.
إلا أن هذا النهج بدأ يتغير عندما أظهرت الأبحاث أن استبعاد أطعمة معينة لم يبطئ تطوّر الحساسية لدى الأطفال، ثم جاءت الدراسة الرائدة، التي نُشرت في 2015 تحت عنوان “التعلّم المبكر عن حساسية الفول السوداني”، ووجدت أن تطور حساسية الفول السوداني، انخفض لدى الأطفال المعرضين لخطر الحساسية، مع تقديم هذا النوع من الطعام إليهم في مرحلة مبكرة من أعمارهم، الأمر على عكس ما كان يُعتقد، وفقا للدكتورة هونغ.
قالت الدكتورة هونغ إن برامج العلاج المستمرة تهدف إلى تحسين الإجراءات العلاجية، التي نشأت من دراسة التعلّم المبكر المذكورة.
ويشارك في برنامج كليفلاند كلينك أكثر من 50 طفلا يعانون من حساسية الفول السوداني.
وتكمن أهداف الدراسة في حدّها الأدنى في مساعدة الأطفال على تحمّل ما يعادل لقمة واحدة على الأقلّ من الفول السوداني، ما يعني تناول حبتين من هذه البقوليات دون ردّ فعل مناعي.
وأوضحت الخبيرة أن هذا يحمي من التناول العرَضي للفول السوداني أو منتجاته، وبالتالي تجنب حالة صحية طارئة.
لكن الاستجابة المناعية تغيرت كثيرا لدى العديد من المشاركين، حيث أمكنهم تناول منتجات الفول السوداني، وفق ما أكّدت الدكتورة هونغ، التي أضافت أن الأساس هو سن الطفل، مبيّنة أن الاستجابة المناعية تكون أقلّ حدّة في الطفولة المبكرة.
ومضت هونغ تقول: “نظام المناعة لدى الأطفال مرن إلى درجة السماح لهم بتحمّل مسببات الحساسية، ما يمنحنا فسحة قد تجعلنا قادرين على التغيير المنشود”.
ويتضمن البرنامج سلسلة جرعات متناهية الصغر يتناول فيها المشاركون كميات ضئيلة من الفول السوداني.
ففي دورة العلاج الأولى، مثلاً، تألفت الجرعة اليومية من 8 ملليغرام فقط من بروتين الفول السوداني.
وتدخل زيادات ضئيلة على هذه الجرعة كل أسبوعين إذا لم تحدث انتكاسات لدى الأطفال، حتى تستغرق العملية مدة تتراوح بين ما لا يقل عن أربعة وستة أشهر، مع استمرار الطفل مدة عام على الأقل في تناول جرعات تضمن الحفاظ على مستويات الاستجابة المناعية والتحمّل.
وبات أكثر من 80 % من الأطفال المشاركين في برنامج كليفلاند كلينك قادرين على تحمّل الفول السوداني أو يحققون تطورا في قدرة التحمل للوصول إلى هذا المستوى.
حاليا، يتخطى طفل من كل خمسة مصابين هذه الحالة قبل البلوغ، لكن الدكتورة هونغ قالت إن التقدّم في العلاج يمكن أن يعكس هذه الصورة، فيمكّن أربعة من كل خمسة أطفال من ترْك مخاوفهم من الفول السوداني عند البلوغ.
وترى الدكتورة أن عدد المصابين بحساسية شديدة من الفول السوداني سيبدأ قريبا في الانخفاض، وقالت: “نتجه نحو العلاج، وزيادة اطمئنان الأسر على أطفالها”.