بداية ونهاية المليجى

عمرو الليثي

ارتبط والدى المنتج والسيناريست الكبير ممدوح الليثى- رحمه الله- ارتباطًا كبيرًا بالفنان الكبير محمود المليجى منذ صغره، فهو كان يحلم به ويداوم على مشاهدة أعماله ليمر الزمن ويعمل معه عشرات الأعمال كمنتج وتتحول علاقتهما إلى صداقة وطيدة، وكانت بداية النهاية فيلم «أيوب»، فعندما تقلد والدى- رحمه الله- منصب مراقب عام أفلام التليفزيون صمم أن يبث روحا جديدة فى قطاع أفلام التليفزيون، فاستعان بأصحاب المواهب الحقيقية، ولكنه كان يعلم أيضًا أنه للمنافسة عليه أن يجذب ويستعين أيضًا بكبار النجوم.

وبالفعل استطاع أن يجتذب كبار النجوم للعمل بأفلام التليفزيون مثلما فعل فى فيلم أيوب الذى جمع فيه بين العملاقين محمود المليجى والفنان العالمى عمر الشريف والفنانة الكبيرة مديحة يسرى وباقة من كبار النجوم، وعلى الرغم أن كل المحيطين بوالدى استبعدوا فكرة أن يوافق عمر الشريف على الاشتراك فى فيلم من إنتاج التليفزيون، وخصوصًا أنه فى ذلك الوقت كان يحصل على أجر كبير فى أفلامه العالمية الناجحة، ولكن كان والدى يثق ثقة عمياء فى موافقته، وبالفعل كلمه وأرسل له السيناريو، ووافق عمر الشريف وحصل على أجر 2500 جنيه، وكان هذا مبلغا ضئيلا جدًا بالنسبة لأجره فى أعماله بالخارج، ولكن كان لعمر الشريف حسبة أخرى، وهى حبه لمصر ولبيته الأول التليفزيون المصرى.

 

 

وحمل هذا الفيلم اللحظات الأخيرة فى حياة الأستاذ محمود المليجى، فأثناء فترة الاستراحة عند تحضير أحد المشاهد كان يجلس إلى جوار الفنان عمر الشريف يتحدثان ويضحكان ويتحدث معه عن الحياة وغرابتها، ويقول الواحد ينام ويصحى وينام ويصحى وانتبه الكل لأدائه وما يقوم به من أداء تمثيلى رائع يقوم به أثناء حديث عابر، وعندما استمر على وضع النوم قال له الفنان عمر الشريف «إيه يا محمود؟» لكنه لم يجبه فقد أدى المشهد الأخير فى حياته ليترك الجميع فى حالة من الذهول، فقد كان موته أشبه بنهاية درامية عظيمة لفنان عملاق أعطى كل حياته للفن.. واتصلوا وقتها بوالدى ممدوح الليثى ليخبروه بأن الأستاذ محمود المليجى تعبان بالاستديو لينزل والدى مسرعًا من مكتبه لمكان التصوير ليجد عند وصوله أنه قد لقى ربه، فحمله على كتفه ونقلنا جثمانه فى سيارة والدى المازدا 323 إلى منزله بالزمالك، وعند وصولنا كان الأسانسير عطلانا ليحمل جثمانه الطاهر خمسة أدوار لشقة زوجته الفنانة الكبيرة علوية جميل، التى فتحت لنا باب المنزل.

 

 

ولم يشأ والدى أن يصدمها فقال لها إنه متعب قليلًا، ليضعه على سريره وهى لا تعلم أنه قد فارق الحياة.. وظل هذا الموقف محفورًا بداخله، وكان كلما سمع اسم الفنان والأستاذ محمود المليجى يتذكر كل هذا التاريخ وكل الرحلة الطويلة التى قطعها هذا الفنان وقطعها هو معه منذ أن كان طفلًا صغيرا معجبا به إلى صديق يحمل جثمان صديقه.. رحمهما الله وأسكنهما فسيح جناته.

 

 

 

 

عمرو الليثيمحمود المليجي