رياض محرز في البارسا بين الحقيقة والخيال!

حفيظ‭ ‬دراجي

كثر الحديث في وسائل الاعلام الاسبانية خلال اليومين الماضيين عن اتصالات لم تتأكد رسميا بين ادارة البارسا ومحيط رياض محرز لمناقشة صفقة انتقال النجم الجزائري الى النادي الكتالوني خلال هذا الصيف، في ظل صمت وتكتم كبيرين من إدارتي البارسا والسيتي وحتى من رياض محرز الذي أعلن بعد مباراة منتخب بلاده الودية ضد مالي الأحد الماضي بأنه مستمر مع السيتي الذي يربطه معه عقد الى غاية صيف 2023، في حين راحت مختلف وسائل الإعلام تحلل وتناقش وترسم احتمالات مرتبطة ببعضها بعضا وبأزمة مالية خانقة يعاني منها برشلونة تمنعه من إبرام صفقات جديدة بدون التخلص من عدد من لاعبيه الحاليين، وهو نفس الحال للسيتي الذي يسعى لتجنب مخالفة قواعد اللعب المالي النظيف وتكرار سيناريو هاجس العقوبة التي سلطها عليه الاتحاد الأوروبي قبل أن يرفعها عنه السنة الماضية.
وبعد استفادة البارسا مجانا من خدمات سيرخيو أغويرو وايريك غارسيا في صفقتين حرتين من السيتي، تداولت وسائل الإعلام الاسبانية سيناريو التحاق رياض محرز وايلكاي غوندوغان بالفريق الكتالوني بداية الموسم المقبل، استجابة لرغبة ميسي بضرورة تدعيم الفريق مقابل تجديد عقده، ما يتطلب موارد مالية تقارب 150 مليون يورو، تقتضي التخلص من عدد أخر من اللاعبين لتغطية الصفقتين وتخفيف حجم الديون التي بلغت مليار يورو، لذلك راحت وسائل الإعلام تتوقع تغييرات عميقة برحيل فيليب كوتينيو وميراليم بيانيتش وصامويل أومتيتي، وربما أنطوان غريزمان أو عثمان ديمبيلي اذا اقتضت الضرورة، خاصة وأن رواتبهم السنوية تتراوح بين 10 و14 مليون يورو، ومردودهم الفني لم يرق الى مستوى تطلعات الفريق.
بين السعي نحو إقناع ميسي بتجديد عقده، والحاجة إلى لاعبين جدد، والأزمة المالية الخانقة التي يعيشها النادي،  يجد الرئيس خوان لابورتا نفسه في مأزق كبير وتحت ضغوطات رهيبة من جماهير البارسا والصحافة المحلية التي جعلت من لقاء ودي بين مقربين من رياض محرز ومقربين من إدارة البارسا حدثا كبيرا ومادة دسمة لتكهنات وتوقعات يصعب تجسيدها على أرض الواقع، لأن السيتي لن يستغني عن محرز وغوندوغان ورحيم ستيرلنغ وبرناردو سيلفا المطلوب في أتلتيكو مدريد، بدون الحصول على وسط ميدان أستون فيلا الدولي جاك غريليتش، وقلب هجوم نادي توتنهام هاري كاين الذي قد يصل سعره الى 175 مليون يورو بحسب تقديرات الخبراء، وهو المبلغ الذي يفرض على السيتي التضحية بعدد من نجومه الحاليين والمغامرة بإعادة بناء فريق آخر لأجل التتويج بدوري الأبطال.
الاحتمال يبقى وارد، لكن صعب التحقيق، رغم أن غوارديولا لم يخف رغبته القوية في انتداب هاري كاين لتعويض رحيل أغويرو ويصر على استقدام جاك غريليتش، ولا يرفض اتمام صفقة تبادلية مع أتلتيكو مدريد يستغني فيها عن برناردو سيلفا مقابل انتداب الدولي ساؤول نيغيز، لكن ليس لدرجة الاستغناء عن محرز وغوندوغان وربما رحيم ستيرلنغ من أجل تغطية تكاليف الصفقات المتداولة، وليس لدرجة تغيير كلي لوجه الفريق ومنظومة اللعب بعدما استعاد لقب البريميرليغ واقترب من التتويج بدوري الأبطال، ومع ذلك فإن حنينه للبارسا ورغبته في التعاون مع فريق القلب لإخراجه من مأزقه تحسبا للعودة إليه قريبا، كلها عوامل تطرقت اليها وسائل الاعلام الاسبانية واعتبرتها دافعا قويا لكل هذا الحجم الكبير من التعاملات بين السيتي والبارسا في هذا الوقت بالذات.
من يعتقدون بصعوبة تجسيد الاحتمال يستندون الى تفاقم الأزمة المالية التي يعيشها البارسا في ظل تراجع المداخيل، وضرورة التجديد لميسي أولا بكل شروطه ومتطلباته، ثم التفكير في انتداب ثنائي السيتي والهولندي ممفيس ديباي مهاجم ليون، لكن المتفائلين يعتقدون بأن المستحيل ليس مستحيلا في عالم الكرة، وحلم رياض محرز قد يصبح حقيقة باللعب برفقة ميسي في البارسا وفي دوري لا يقل قوة ولا سمعة عن الدوري الإنكليزي، ومن ثم التخلص من ظلم غوارديولا له طيلة السنوات التي قضاها في السيتي، وفاز معه بكل البطولات المحلية، وكان قريبا من التتويج بدوري الأبطال.
في انتظار ذلك، لا يمكن الاستناد على مجرد لقاء ودي بين مقربين من محرز ومقربين من البارسا للحديث عن مفاوضات وتصور كل الاحتمالات، خاصة وأن محرز لا يحق له التفاوض وهو لم يعرض رسميا للبيع قبل سنتين من نهاية عقده، ولا يمكن للسيتي الاستغناء دفعة واحدة عن غوندوغان وستيرلنغ وبرناردو سيلفا ومحرز، كما أن برشلونة سيواجه صعوبات كبيرة في إيجاد الموارد المالية لانتداب لاعبين جدد إذا لم يتمكن من بيع عدد من لاعبيه، لذلك تبدو العملية معقدة على كل الأطراف.

حفيظ دراجيرياض محرز