عدت البارحة من «مركز باستور» للتطعيم في شارع باريسي هادئ هو شارع (فوجيرار) بعدما تلقيت الجرعة الثانية والأخيرة من لقاح «فايزر» ضد وباء كوفيد 19 أو كورونا. عبر إبرة في ذراعي، فكرت بملايين العرب في كوكبنا الذين لم تتح لهم الفرصة ذاتها، وغمرني شعور أليم بأن هذا الوباء حكايته طويلة مع كوكبنا.. ومع البشر الذين يقطنونه، سواء كان سبب حياة هذا الفيروس أن صينياً أكل خفاشاً وترعرع الفيروس القاتل، أم أنه تم تطويره في مختبر صيني وأفلت منه وانتشر في كوكبنا.. وصار مالئ الدنيا وشاغل الناس واغتصب اللقب الذي لقب به نفسه شاعر عربي قديم، ولم يخطر بباله يومئذ أن فيروس كورونا سينتزع اللقب منه، أي «شاغل الناس». على الرغم من حملات التطعيم ومحاولات المختبرات الطبية لإيجاد علاج لهذا الوباء، أعتقد أنه للأسف، سيكون ناجحاً في قتل ملايين الناس في كوكبنا.. وكنت أتمنى لو لم أعش في زمنه (على الرغم من لقاحي ضده) فأنا أفكر أيضاً بملايين الناس في كوكبنا الذين لم تتح لهم فرصة الحصول على لقاح ـ وهي عديدة والأطباء لا يثقون ببعضها.. ولكن لا دليل مؤكداً عندنا لإلغاء هذا الوباء. ويخيل إليّ أنه سيسبب الكثير من الأذى لجنسنا البشري سارقاً لقب «مالئ الدنيا وشاغل الناس».
ترى، هل يصير هذا الوباء ذكرى ذات يوم مثل الطاعون والكوليرا، أم أنه سيعلن موت الجنس البشري على كوكبنا وقيام القيامة؟ لا أحد يستطيع اليوم تأكيد ذلك أو العكس! ومعذرة من الشاعر العربي!
أمنيات، وجثث طافية فوق الموج
ثمة خبر أطالعه مرة في الشهر على الأقل في الصحف العربية والغربية، ولكنني لم أعتد عليه وما زال يجرحني ويثير حزني.. والخبر يتحدث دائماً عن غرق أحد مراكب مهاجرين يغادرون عالمنا العربي إلى الغرب على أمل الحصول على عمل وعلى حياة أفضل.
وآخر ما طالعته في هذا الحقل وجرحني هو عن انتشال جثث 20 مهاجراً إثر غرق مركبهم. وهذه المراكب تغرق لأن تجار الآمال بحياة أفضل لا يتبعون شروط الإبحار السليم في حال غرق المركب، كأن يكون في (مراكب الموت) بعض إطارات النجاة وسواها.
إلى أين يذهب أولئك الذين يحملون أحياناً أسرهم معهم ويغرق الأطفال والزوجات مثلهم؟ يذهبون إلى الحلم الأوروبي، حلم الحياة في أوطان أفضل من أوطانهم من حيث فرص العمل والحرية، أتساءل باستمرار: متى نجعل من أوطاننا أماكن صالحة للعيش الكريم والعدالة الاجتماعية؟ فأنا لم أقرأ يوماً خبراً واحداً عن غرق مركب أوروبي فيه عشرات المهاجرين إلى أوطاننا العربية للعيش في (نعيم) حياتنا، حيث تتوافر فرص العمل والمال والعدالة الاجتماعية، وأعتقد أن كل وطن يغرق الهاربون منه إلى أوروبا يريد أن يشعر حكامه بالخجل لأنهم لم يساهموا في جعل أوطاننا أماكن صالحة للحياة، بحيث لا يغامر بعض أبنائها بالهرب منها إلى أوروبا.. وهم يعرفون أخطار (مراكب الموت). وأتمنى ألا أقرأ بعد اليوم خبراً عن انتشال جثث مهاجرين إثر غرق مركبهم الذي حاولوا الهرب به إلى قارة أخرى تنعم بالأمن والمال والعمل الحلال.
نجم الدراجي وعنف المرأة!
ثمة أخبار تثير الدهشة لدى البعض (ولدي!) حول عنف النساء ضد الأزواج، فقد ألفنا للأسف، لفكرة أن العنف الزوجي (بطله) الزوج غالباً، ولكن تبين بعد دراسة مدققة أن ثلث الرجال في المغرب تعرضوا للعنف الزوجي. وتذكرت من جديد ما كتبه لي الأستاذ نجم الدراجي في رسالة إعلامية ذكر فيها حرفياً أنه «تأسست في مدينة السليمانية العراقية جمعية تهتم بشؤون الرجال الذين يعانون من عنف المرأة. وقد اختاروا اسم «اتحاد الرجال». ولأن المرأة بشر كسواها فهي أحياناً تمارس العنف ضد الرجل (والعكس صحيح). وأعتقد شخصياً أن لغة الحوار بين الجنسين هي التي يجب أن تسود، فالعنف لا يحل المشاكل الزوجية أيضاً أكانت المرأة ضاربة أو مضروبة!
أنا أو لا أحد!
في المقابل، ثمة أخبار بشعة لم نسمع بعد بأن المرأة تقوم بها، منها إيذاء الرجل للحبيبة السابقة عقاباً لها على «الهجر» لرجلها أو حبيبها. أخبار كثيرة كمسلسل بوليسي عن رجال يؤذون الزوجة أو الحبيبة السابقة التي قررت طي صفحة علاقة أليمة مع حبيب (ديكتاتوري).
وآخر ما قرأته في هذا الحقل عن «إيطالي يجند رجلاً عبر الإنترنت لشل خطيبته السابقة وتشويهها». ونقرأ الكثير من الأخبار المماثلة عربياً عن أزواج سابقين أو عشاق رموا وجه الحبيبة الهاجرة بماء النار (الحامض الكاوي) لتشويهها وحتى لإصابتها بالعمى.
عشرة آلاف دولار أنفقها الحبيب الإيطالي لتجنيد مجرم لتشويه حبيبته السابقة.
أكرر. عالمنا العربي لا يخلو من حكايات انتقام الرجل من شابة رفضت الزواج منه أو زوجة أو حبيبة سابقة هاجرة.. المنطق الذي يقف وراء تشويه امرأته السابقة هو نظرية «أنا أو لا أحد».. وهي فكرة لعلها تسربت إلى السياسة العربية وإلى الحاكم أو حدث العكس.. وجوهرها رفض حرية الآخر في القبول أو الرفض.. وحتى الآن لم نسمع عن امرأة قامت بشيء مشابه مع زوجها أو حبيبها السابق.. وآمل أن يدوم الأمر كذلك ريثما يعي الرجل أن نظرية «أنا أو لا أحد» في الحب لا تجدي.. فالحب بالرغام فكرة هزلية ومستحيلة حتى تحت تهديد «ماء النار» الانتقامي الكاوي المشوه للوجه وللقلب أيضاً.
صور الحوامل عاريات البطون
نرى في المجلات والصحف الغربية النجمات الشهيرات اللواتي ينتظرن طفلاً وهن عاريات ويستعرضن بطونهن.. ومن طرفي لا أحب ذلك!
لا أحب الأطفال في فترة الحمل أو بعدها كمادة دعائية استهلاكية، وهذا رأيي الخاص، ولكل حامل عارية البطن أسبابها.
وأعترف أن لي صورة وأنا حامل بإبني ولكن بكامل ملابسي المحتشمة التقطتها لي صديقتي الراحلة الأديبة نهى سمارة على شرفة منزلها.. إنها ذكرى شخصية لي ولابني د. حازم، الذي صار رجلاً أطول مني بعشرات السنتيمترات.
وهكذا، فمن أجمل صورنا العائلية صورتي وأنا أحمل ابني حازم طفلاً عمره عدة أشهر، وصورتنا بعدها بأعوام وهو يحملني شاباً!
وتظل الحياة جميلة أمام صور كهذه على الرغم من أنف الإمبراطور كورونا، حاكم كوكبنا وزارع الأحزان والموت!