بثنائية سجلها في مرمى البياسجي في لقاء العودة من نصف نهائي دوري الأبطال، وهدف ثمين سجله في لقاء الذهاب قبل أسبوع، دخل رياض محرز تاريخ المسابقة من الباب الواسع بقيادته للمان السيتي نحو النهائي لأول مرة في تاريخ النادي، ليثبت بأنه من طينة الكبار الذي يمكن لأي مدرب أن يعول عليه في المواعيد الكبرى، خاصة بعدما أصبح أول لاعب عربي يسجل في مباراتي الذهاب والإياب للدور نصف النهائي في موسم واحد في مسابقة دوري الابطال، واللاعب الجزائري الأكثر تسجيلا للأهداف في المسابقة بعشرة أهداف متخطيا ياسين براهيمي، وثاني لاعب يسجل لفريق إنكليزي في مباراتي الذهاب والإياب لنصف نهائي دوري الأبطال بعد ساديو ماني مع ليفربول سنة 2018، وهي أرقام استثنائية للاعب استثنائي يؤدي موسم رائع بكل المقاييس.
لقد أكد رياض محرز البارحة أنه فنان، ساحر، بارع، مبدع، مروض استثنائي للكرة، وهداف يحسن فك شفرات المباريات الكبيرة بكل ثقة وتواضع، وصبر كبير على الظروف الصعبة التي مر بها منذ التحاقه بالسيتي صيف 2018 ومقارعته نجوما متميزين في الفريق، لكنهم أخفقوا لسنوات في بلوغ نهائي دوري الأبطال في عهد غوارديولا الذي بلغ بدوره مبتغاه لأول مرة مع فريق غير اسباني بعد محاولات عديدة مع البايرن والسيتي الذي التحق به في 2016، وكان يخفق في كل مرة فيها بسبب خياراته الفنية التي لم تمكن موفقة، خاصة في الموسمين الأخيرين عندما خرج سنة 2019 في نصف النهائي أمام توتنهام، والعام الماضي خرج من ربع النهائي أمام ليون، وكان آنذاك محرز في كرسي الاحتياط الذي جلس فيه الجزائري كثيرا.
لقد كان محرز رجل المباراة الأخيرة بدون منازع، لكنني سأكون مجحفا في حق غوارديولا ونجوم السيتي لو قلت أن بلوغ نهائي دوري الأبطال كان بفضل محرز لوحده، لأن الوقت والمباريات والتتويجات التي أحرزها غوارديولا أثبتت أن الأمر يتعلق بفريق يثبت كل أسبوع أنه الأفضل في انكلترا وأوروبا، ومدرب لم يسرق ألقابه الأربعة عشر التي نالها مع البارسا، والسبعة التي نالها مع البايرن والأحد عشر لقبا التي فاز بها مع السيتي لحد الآن، ثم موسم رائع خاض فيه 44 مباراة خسر في ثلاثة منها فقط، كلل ببلوغ نهائي دوري الأبطال بعد التتويج بالدوري المحلي وكأس الرابطة في انتظار تحقيق الحلم الكبير بالتتويج بلقب دوري الأبطال لأول مرة في تاريخ النادي بعد عشر مشاركات متتالية منذ 2012، وبعدما بلغ المباراة الخامسة عشرة بدون خسارة على ميدانه في المسابقة ذاتها.
محرز خطف الأضواء في ظرف أسبوع وصنع الحدث في وسائل الإعلام البريطانية والأوروبية وحتى العالمية، وكذا في وسائل التواصل الاجتماعي التي سيطرت عليها صور الجزائري محرز وأهدافه وتمريراته وبراعته في مداعبة الكرة بثقة كبيرة لم يفتقدها رياض مع غوارديولا، وسط نجوم كبار يتقدمهم دي بروين، غوندوغان، برناردو سيلفا، فل فودن، وحتى رحيم ستيرلنغ الذي صار حبيس كرسي الاحتياط يتفرج على محرز وهو يقود الفريق الى النهائي الحلم الأول من نوعه والثالث لغوارديولا بعد 2009 و2011 مع البارسا، بعدما صار المدرب الأكثر حضورا في الأدوار الاقصائية لدوري أبطال أوروبا بمجموع 63 مباراة.
البياسجي من جهته، لم يكن سيئا البارحة، ولا حتى في لقاء الذهاب، لعب مباراة كبيرة بجرأة وشجاعة بدون مبابي المصاب، لكنه لم يكن موفقا ووجد نفسه أمام محرز في أحسن أيامه، تمكن من صناعة الفارق والتسجيل في الأوقات التي كان فيها الفريق الباريسي يقترب من التهديف، ليجد نفسه خارج المسابقة في موسم قد يخسر كل شيء هذا الموسم بعدما كان قريبا من التتويج بدوري الأبطال الموسم الماضي، خاصة بعد تضييعه ريادة ترتيب الدوري المحلي لحساب ليل، في انتظار مواجهته لنادي موناكو في نصف نهائي كأس فرنسا.
الموعد القادم لرياض محرز سيكون يوم 29 مايو/آيار 2021 في اسطنبول، لصناعة ليلة أخرى من الليالي التاريخية، والتتويج باللقب الأغلى والأجمل والأروع، الذي سيمنحه بنسبة كبيرة لقب أفضل لاعب في افريقيا للمرة الثانية في مشواره، ويضعه في رواق جيد للمنافسة على جائزة أفضل لاعب في العالم لهذه السنة التي لن تكون سنة رونالدو وميسي كما جرت العادة، بل ستكون سنة محرز ودي بروين وربما من يتوج بلقب بطولة كأس الأمم الأوروبية هذا الصيف، في انتظار ذلك يبقى المهم أننا نستمتع بما يفعله ابن الجزائر رياض محرز في موسم قد يكون استثنائيا.