متى «عيد الفضائح»؟

غادة السمان

احتل النجم التلفزيوني المخضرم الشهير فرنسياً، باتريك بوافر دارفور «73 سنة» غلاف العديد من المجلات الفرنسية بمناسبة اتهام له بالاغتصاب من كاتبة فرنسية مغمورة هي فلورانس بورستيل (37 سنة) أصدرت منذ شهرين رواية بعنوان «باندور ريني» منشورات «لاتيس» حول مشهور فرنسي يقترف الاغتصاب.. وقال الكثيرون إنها (نصابة) تريد إثارة الدعاية لروايتها التي فشلت وقت صدورها منذ شهرين، مدعية فيها أيضاً اغتصاب نجم تلفزيوني لشابة في العامين 2004 و2009، كما أعلنت أنه حدث لها أن كان باتريك اغتصبها حقاً في مكتبه عام 2004، لماذا عادت إليه؟

جيرار ديبارديو والرئيس بوتين

أحد عمالقة السينما الفرنسية الشهير جيرار ديبارديو، يبدو مغرماً بعلاقاته مع الزعماء السياسيين كزيارته لموسكو ولقائه الرئيس بوتين الذي منحه الجنسية الروسية إلى جانب جنسيته الفرنسية، ويبدو هاوي (جنسيات) لا جنس. ولكن ممثلة شابة فرنسية اتهمته باغتصابها مرتين في بيته الباريسي (وإذا صحّ ذلك، لماذا ذهبتْ إلى هناكَ مرتين؟) ونفى ديبار ديو (72 سنة) تهمة الاغتصاب بمعاني الكلمة كلها (ولعل سنه لا تسمح له بالاغتصاب!).

أبشع التهم: سفاح المحارم!

ابنة الممثل الفرنسي الشهير ريشار بيري، واسمها كولين (43 سنة) اتهمت والدها في المجلات بأنه اغتصبها وهي في سن (15 سنة) والسؤال: لماذا صمتت دهراً وقررت الآن اتهامه بأشنع الأفعال؟
كانت المجلات الفرنسية تنشر صور الممثل بيري مع أسرته في صور جميلة عائلية، وتمزقت الأسرة اليوم وحلت الكراهية محل التضامن العائلي.
والسيدة كولين تزودنا بالكثير من التفاصيل (الجنسية) المخزية عما كان والدها النجم يفعل بها كما زعمت، ولن أخوض في تلك التفاصيل، ولكن الكراهية في اتهامات كهذه تلفت الانتباه.

عالمنا العربي والصمت

لم أسمع بعد بامرأة عربية ذهبت إلى مركز الشرطة لتقديم الشكوى ضد هذا النجم أو ذاك الرجل لمحاولته اغتصابها حتى ولو حدث ذلك حقاً، فالمرأة العربية هي المذنبة دائماً. سيقال: ثيابها لم تكن محتشمة، وذهابها إلى بيت رجل عمل غير لائق. وباختصار المرأة العربية هي المذنبة دائماً لا الرجل.
وإذا اغتصبها أحدهم فعليها بالصمت، لأن العار سيغطيها وحدها، وبالتالي لن نتوقع قراءة أخبار كتلك الغربية الكثيرة، ويستطيع كل من يؤذي امرأة عربية في شرفها أن يكون مطمئناً إلى صمتها.

«عيد الكراهية» في قصر وندسور البريطاني
ثمة كراهية من نوع آخر..

ها هي ملكة بريطانيا تعبر عن كراهيتها لأفعال حفيدها الأمير هاري وزوجته نصف السوداء الأمريكية المطلقة ميغان. ومنذ مغادرتهما بريطانيا، حل الغضب عليها. من طرفي، أتعاطف مع دعم الأمير هاري لزوجته التي قيل إنها كانت تعامل باستخفاف من قبل القصر الملكي البريطاني، ربما لأنها ليست ابنة لورد مثل والدة هاري أميرة القلوب ديانا، وقد تم تجريد الأمير هاري حتى من ألقابه وماضيه في العمل كجندي في خدمة وطنه أيام الحرب في أفغانستان.
كثيرون يتعاطفون مع الأمير هاري، ومازلت أرى في هاري ذلك الطفل الذي قضت التقاليد البريطانية بأن يمشي خلف نعش أمه الأميرة ديانا في الشارع وهو في السابعة من عمره.. وكم كان ذلك أليماً له، ولعب دوراً في تكوينه النفسي.. ويلعب اليوم دوراً في دعمه لزوجته التي لا يريد أن تلقى من الصحافة ما لقيته والدته الأميرة ديانا.

خانت زوجها وهي حامل!

صدر كتاب سامانتا ماركل، نصف أخت ميغان ماركل، وهو يفيض سماً وكراهية (حسداً وغيرة؟) واتهمت نصف أختها بأشنع التهم ـ كراهية تفيض كطوفان، فالغيرة والحسد من أهم عوامل النفس البشرية بدلاً من المودة والتعاطف والتآخي، وهي نصف أختها.
يبدو أن البعض قد يغفر للإنسان فشله، لكنهم لا يستطيعون أن يغفروا له نجاحه. وميغان نجحت في زواجها من حبها الكبير الذي تصادف أن كان أميراً هو هاري ابن ولي العهد البريطاني وحفيد ملكة بريطانيا.. لماذا لا يستطيع البعض أن يغفروا لناجح غيرة وحسداً كما هي حال أخت ميغان ماركل سامانتا، وعلامَ هذا الحسد كله المتجسد في كتاب؟.. ثمة كهارب من الكراهية في كوكبنا في كل حقل نفسي، حتى لنتساءل: متى «عيد الكراهية» جنباً إلى جنب مع «عيد الحب»؟

الإعلام ليس المحكمة العادلة!

أعود إلى ما تقدم من اتهامات بالاغتصاب، ناهيك عن اتهامات سفاح المحارم (وهذا مروع) والذين تم اتهامهم بأفعال لا أخلاقية، والصحف تخوض في الموضوع وكما البرامج التلفزيونية، كما في برنامج بيان بارتيز ودفاع باتريك دارفور عن نفسه، والكثير من المقالات. وأعتقد أن مكان الحديث عن ذلك بين مؤيد ورافض ليس في الصحف والتلفزيون، بل مكانه المحكمة.. ومن الأفضل ـ في نظري ـ عدم الكتابة عن ذلك إلا بعد صدور الحكم في المحكمة لحرمان اللواتي/الذين يريدون استغلال فضائح جنسية بعضها كاذب؛ للتنفيس عن كراهيتهم وحسدهم لنجاح هذا أو ذاك.. أو للدعاية لكتاب أدبي، أو فيلم لإحداث ضجة إعلامية موازية. لا أحب استبدال المحكمة بالإعلام، فالصحف ليست البديل عن المدعي العام والمحامي والمحكمة. وبعد صدور الحكم، بوسع من شاء كتابة ما شاء وقتئذ، لا أن (يفتح على حسابه) محكمته الخاصة ويحصد المال من استغلال شهوة الناس لصحافة الفضائح.
نحتفل «بعيد الحب» وتستحق الفضائح عيداً ربما لانتشارها وترحاب الصحافة بها بقدر اهتمامها «بعيد الحب»!.. أو أكثر من ذلك.

 

عيد الفضائحغادة السمانمقالات