ما حصل في ليفربول ليلة الخميس الماضي، لم يسبق أن حصل طيلة تاريخه الممتد منذ 1892، عندما خسر للمرة الخامسة على التوالي على أرضه «أنفيلد» الذي ظل حتى وقت قريب مقبرة منافسيه، بل كان حصنا برقم تاريخي بعدم الخسارة فيه على مدى 68 مباراة متتالية ممتدة على مدى أربعة أعوام.
الخسارة أمام تشلسي لم تكن الكارثة في حد ذاتها، بل الأسلوب والهوان الذي أصاب لاعبي الليفر، ليصبح أول بطل دوري يخسر هذه الكم من المباريات على التوالي على أرضه، بل لم يجمع الفريق منذ بداية عام 2021 سوى 10 نقاط من أصل 33 نقطة، وضعته بين فرق المؤخرة الثلاثة لو بدأ الموسم مطلع العام، لينتقل المدرب يورغن كلوب بوجهه المذهول، من حالة المتمكن القادر على حل أي مشكلة، الى العاجز عن مواجهة أزمة تكبر على مدى الأسابيع الماضية، فهو لم يخسر أمام الفرق المنافسة والكبيرة كتشلسي ومانشستر سيتي وحسب، بل خسر أمام المكافحين بيرنلي وبرايتون أيضاً، فما السبب الذي قاد بطل أوروبا قبل عامين وبطل انكلترا قبل شهور، الى هذه الحالة المزرية؟
من البديهي اعتبار أن كم الاصابات الهائلة التي ألمت به، وأبرزها غياب قلب دفاعه فان دايك، ومعه غوميز وماتيب، ومن وقت الى آخر القائد هندرسون وفابينيو والجديد جوتا ونابي كيتا وغيرهم، السبب الرئيسي لهذه المعاناة، لكن هذا غير صحيح اطلاقاً، لأن معاناة ليفربول بدأت منذ ما قبل توقف المباريات في مارس/آذار الماضي، وبدأت الشروخ تظهر في منتصف فبراير/شباط 2020، بخسارته أربع مباريات في غضون 3 أسابيع، مرتين أمام أتلتيكو مدريد في دوري الأبطال، وامام تشلسي في كأس انكلترا، وأمام واتفورد في الدوري، التي كانت الأولى له بعد مرور 27 جولة في الدوري، بل كانت الثانية فقط بعد 65 مباراة في الدوري على مدى الموسمين السابقين. هذا حصل والفريق بكامل نجومه وبدون اصابات تذكر، أي انه أقصي من مسابقتين وفقد فرصة تحقيق انجاز انهاء الموسم بلا هزيمة في الدوري في غضون أيام، وهو ما يقودنا الى فكر وتدريب يورغن كلوب، والاسلوب الضاغط الذي يتطلب الكثير من الجهد والطاقة، والذي طال أكثر من عامين بنفس الوجوه واللاعبين، والذي قاد تلقائياً الى درجة التشبع العالية والارهاق وصولا الى التعرض الى الاصابات، وهو ما بدأ يذكر البعض عندما خاض كلوب موسمه الاخير مع بوروسيا دورتموند في 2013، وتعرض لخسائر وهزات عنيفة جعلته يصارع من الاجل البقاء بعدما لعب المباراة النهائية لدوري الابطال قبلها بعام.
بديهياً، كان من المفترض اجراء عمليات دعم لصفوف الفريق، فجاء جوتا والكانتارا، لكنهما اصيبا، ويبدو النجم الاسباني لا يمت على الاطلاق الى أسلوب لعب الفريق، وهذه المشكلة الثانية، لأن المنافسين حفظوا أسلوب ليفربول وبات من السهل رؤية كيف تبنى الهجمات من الخلف، مع قيام لاعبي الوسط بالضغط على المنافسين وحماية قلبي الدفاع والسماح للظهيرين، أرنولد وروبرتسون بالمساندة الهجومية، لكن عندما يقوم أبرز لاعبي الوسط هندرسون وفابينيو باللعب كقلبي دفاع، فان لب الخطة فقدت، فغاب الظهيران عن التقدم وعانى المهاجمون الثلاثة من اللعب بالأريحية المعتادة كونهم حفظوا عن ظهر قلب، بل عجز الثلاثي صلاح وماني وفيرمينو في تسجيل سوى هدف واحد في المباريات الست الأخيرة في «انفيلد»، وكان من ركلة جزاء مشكوك بصحتها، بل جاء استبدال صلاح في المباراة الاخيرة أمام تشلسي قبل النهاية بنصف ساعة، كضربة جديدة في قلب الفريق، لأنه أكد على الخلافات التي سبقت بأسابيع، والتي اشارت الى قرب نهاية أسطورة النجم المصري في قلعة «انفيلد»، بدأها صلاح بحواره مع صحيفة «آس» الاسبانية وتغزله بالريال وبرشلونة، ومن بعدها لم يسجل سوى 4 أهداف في 13 مباراة، وجاء تبديله مبكراً في المباراة، ليضع علامات استفهام كبيرة على قرار كلوب في التضحية بهداف الفريق والدوري وهو بأمس الحاجة اليه، خصوصا ان الفريق متأخر فقط بهدف، وكون صلاح لم يكن حتى أسوأ ثلاثي الهجوم مقارنة بماني وفيرمينو، بل ذهب البعض الى اعتبار ان كلوب ذهب الى حد اعتبار ان صراعات صلاح وماني وصلت حد ايذاء مصلحة الفريق، كون ماني تفادى عدم السقوط في منطقة الجزاء حتى بعد اعاقته كي لا يتم احتساب ركلة جزاء كون المستفيد هو صلاح المكلف بتسديدها.
وكيل اعمال النجم المصري، رامي عباس، أشار باقتضاب شديد الى وجود أزمة بتغريدة حملة علامة «.» فقط، ليفسرها البعض على انها نقطة النهاية للنجم الذي سجل 118 هدفاً في 189 مباراة، وقد لا تكون نهاية الاسطورة وحده، لأن تقارير تشير الى رحيل وشيك لكلوب أيضاً في نهاية الموسم لتدريب منتخب ألمانيا، وربما يزامله صلاح في البلد، كون بايرن ميونيخ أبرز المهتمين لضمه.