لطالما كنت حريصاً على انتقاء الكلمات في أي موضوع أحرره أو أكتبه، بل في كثير من الاحيان كنت أتحرى أصل الكلمة الاجنبية كي أتأكد من النطق الصحيح وبالتالي كتابتها الى أقرب ما يكون الى لفظها بلغتنا العربية.
طبعاً أسماء اللاعبين والمدربين في الأندية الاوروبية هو هاجس كل معلق ومحلل وكاتب، ولسبب بسيط، أن لكل دولة أسلوبها في نطقها الحروف، وبالتالي يخرج الاسم ذاته بصورة مختلفة في كل دولة أو منطقة بحسب لغتها، فمثلاً المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو، هذا هو الاسم الصحيح لنطقه، على عكس ما يكتبه او ينطقه البعض بخوزيه. طبعا في البرتغالية حرف الجيم ينطق، لكن في الاسبانية يصبح «خ»، أي خوزيه، والهيسبانيك الامريكية يصبح «هاء»، أي هوزيه، وهو ما اشتكى منه المدرب البرتغالي الشهير في أحد حلقات ناديه المذاعة على «أمازون» بقوله أن كثيرين ينطقون اسمه غلطاً، لانه جوزيه وليس خوزيه، على غرار اسم وكيل أعماله جورج مينديز أو مينديش، وليس خورخي مينديز.
طبعا مثل هذه الاخطاء يمكن تداركها بالرجوع الى أصل الاسم، ان كان اسبانيا او برتغاليا أو جيرمانياً، واذا فهمت حيثيات مخارج الحروف فلن تخطئ، رغم ان المحللين السياسيين العرب أيضاً يخطئون كثيراً، ليس في نطق الأسماء والاماكن فحسب، بل أيضاً في ترجمة الاوصاف من الصحف الأجنبية والاعلام الغربي، ومن أبرز هذه الهفوات، كان اطلاق اسم «الربيع» العربي على الثورات العربية، فكانت بالنسبة لي مأساة كيف ينجر البعض خلف ترديد الاسم بدون التفكير فيه، فأصل الكلمة هو بالانكليزية، «أرابيك سبرينغ»، وطبعاً كلمة «سبرينغ» لها أكثر من معنى بالانكليزية، ومنها «ينبوع الماء» و»فصل الربيع»، والاهم وهو المقصود في وصف الثورات «الهبة أو الفورة»، وهو أشبه بـ»سبرينغ» السرير الذي ننام عليه، وهو عادة ما يوصف الهبة المفاجئة، ولكن بالتأكيد هذه الثورات لا تعني ولا تعبر عن أي فصل من فصول السنة كي نسميها بـ»الربيع»، لكن الخطأ جاء من أسلافنا في نهاية الستينات الذين وصفوا هبة او ثورة براغ بـ»ربيع براغ»، وهو كان سوء ترجمة من أحدهم وانتشرت الى يومنا هذا.
في عالم كرة القدم هناك الكثير من الكلمات تستخدم بصورة عشوائية، ولا تعكس دقة ما يحدث او المعنى الحقيقي للكلمة، وأبدأ باطلاق كلمتي «مباراة قمة» على كل مباراة بين ناديين كبيرين، فعندما يلتقي مثلاً توتنهام التاسع في الدوري الانكليزي مع جاره أرسنال الحادي عشر، فيطلق عليها «مباراة قمة»، رغم ان هذه التسمية يجب ألا تطلق الا على مباراة بين الاول والثاني بغض النظر عن حجم فريقي الناديين، لأن القمة هي التي عليها الاول وليس اسم النادي وحجمه. وخطأ آخر عندما يقال ان الفريقين يلعبان في «الوقت الضائع»، والأصح هو الوقت «بدلاً من الضائع»، لأن الفريقين يلعبان في وقت احتسبه الحكم من تضييع الوقت خلال الدقائق التسعين. أيضاً هناك تسمية «ضربات الجزاء»، وهي تحمل مشكلتين، الاولى تتعلق باسك «الضربة»، رغم ان الدقة تتطلب تسمية «الركلة»، فهي ليست ضربة حرة أو جزاء ولا ضربة رأس من اللاعبين، بل هي ركلة حرة او جزاء أو تسديدة رأسية، فضلاً عن انها ليس «ضربات جزاء ترجيحية»، بل هي «ركلات ترجيح» عندما يلجأ الفريقان اليها لفك تعادلهما، خصوصا في مباريات خروج المغلوب، وهي ليست جزاء على خطأ ارتكبه اللاعبون، على غرار «ركلة الجزاء» خلال المباريات عندما يرتكب لاعب خطأ في منطقة جزائه ضد المنافس. وأيضاً هناك فارق بين كلمتي «شائعات» و»اشاعات»، فالشائع ما هو معروف ومنتشر، لكن الاشاعة ما هو يحتمل الصحة أو الخطأ وما يتردد من مصادر قد لا يكون صحيحاً. وهناك أيضاً كلمة «بلا رصيد» عن ترتيب الفرق في البطولات، وطبعا هو خطأ لأن كل فريق لديه رصيد، لكن بعضها قد يكون بلا نقاط، فالأصح هو يحمل رصيداً بلا نقاط. وأيضاً هناك كلمة سدد الكرة خارج «الخشبات الثلاث»، وهو طبعا اطار المرمى المصنوع عادة من الحديد أو مادة صلبة بالتأكيد ليس خشباً. وأخيراً هناك مقولة دائما تتردد عن ان هذا الفريق استعان بـ»المدرسة البرازيلية» أو «المدرسة الفرنسية» كونه عين مدرباً برازيليا أو فرنسيا، وطبعا هذا لا يعني أي شيء على الاطلاق سوى توضيح جنسية المدرب، لأن بالامكان وضع 5 مدربين فرنسيين لا يتشابهون على الاطلاق في أسلوب تدريبهم، ومثلهم من البرازيليين أو البرتغاليين أو الألمان، فأسلوب مدرب ليفربول يورغن كلوب يختلف عن أسلوب توماس توخيل مدرب تشلسي أو أسلوب يوليان ناغلزمان مدرب لايبزيج او يواكيم لوف مدرب المنتخب الألماني.
عموماً هذا التوضيحات قد لا تغير أي شيء من الاستمتاع بمباريات كرة القدم، لكنها قد تقودنا الى فهم بعض الامور بعد التفكير بها.