كلارينس سيدورف يفجر قنبلة؟

حفيظ‭ ‬دراجي

“المدربون السود لا يحظون بنفس الفرصة في كرة القدم”! الكلمات لنجم الكرة الهولندية كلارينس سيدورف، لاعب أياكس والميلان والانتر والريال والمنتخب الهولندي سابقا، في تصريح لصحيفة “لاغازيتا ديلو سبورت” الايطالية، التي انتقد فيها العنصرية التي تمنع تكافؤ الفرص وتؤدي إلى غياب التنوع على مستوى مدربي أندية كرة القدم الأوروبية بالخصوص، في إشارة إلى غياب كلي للمدربين من ذوي البشرة السوداء عن كراسي الاحتياط مقابل اللون الآخر الذي تزداد أعداده حتى في الأندية والمنتخبات الأفريقية التي تزخر بنجوم كبار صنعوا أمجاد أندية أوروبية كبيرة كلاعبين، لكنهم لم يحظوا بنفس فرص نظرائهم، في تقدير الهولندي سيدورف الذي يعتقد أنه ذهب ضحية لون بشرته كمدرب للميلان، وطالب من المسؤولين تشجيع التنوع الذي ينشده.
يقال عادة أن النتائج هي صديقة المدربين، والاقالة لا تعني الفشل، لكن سيدورف بدى متأثرا بمصيره وتجاربه الخاصة التي بدأها مع الميلان لفترة قصيرة دامت ستة شهور سنة 2014، ثم مدربا لفريق شنزن الصيني لخمسة شهور، بعدها ديبورتيفو لاكورونيا لثلاثة شهور، ليختمها مبكرا مع منتخب الكاميرون سنة 2019 لمدة سنة واحدة قبل أن يقال مثل كل المرات السابقة، وهي تجارب جعلته يصل إلى هذه القناعة التي عبر عنها في تصريحه بكل جرأة، وهو نفس الانطباع الذي وصل إليه الكثير من زملائه الذين يعتقدون أنهم ضحايا للون بشرتهم وليس لفشلهم في قيادة الأندية الكبيرة، لكنهم لم يخرجوا بمثل هذا التصريح الجريء الذي خلف ردود فعل متباينة من محللين ومتابعين يعتبرون أن الأمر مبالغ فيه.
من يؤيدون سيدورف في طرحه يؤكدون أن الفرق الأوروبية لا تثق فيهم كمدربين ومسيرين، رغم أنها كانت، ولا تزال، تعول عليهم كثيرا كلاعبين تتهافت لأجل انتدابهم الأندية الكبيرة، وعندما ينهون مسيرتهم كلاعبين لا تمنحهم الفرصة رغم حصولهم على إجازات التدريب في أوروبا ذاتها مثل غيرهم، لدرجة أن لا أحد منهم نال فرصة تدريب فرق إنكليزية وفرنسية واسبانية وألمانية وايطالية، واذا منحت لهم الفرصة سرعان ما تتخلص منهم مثلما حدث مع سيدورف في الميلان، ومدربين آخرين يعدون على أصابع اليد الواحدة، أشرفوا على فرق من الدرجات الدنيا لكنهم لقوا نفس المصير بعد فترة وجيزة، ولم يجدوا بعد ذلك من ينتدبهم بسبب أحكام مسبقة وقاسية حول مستوياتهم وقدراتهم.
أما من يختلفون مع سيدورف فيعتقدون أن الأمر ليس جديدا ولا علاقة له بالعنصرية، بل صار تقليدا منذ زمن في أوروبا لأسباب فنية ونفسية واجتماعية وتاريخية لا يمكن حصرها في مجال كرة القدم، وحتى الفرق الافريقية تفضل التعاقد مع مدربين أوروبيين من ذوي البشرة البيضاء، لتصل الى درجة عقدة صارت تلازم الكثير من الأفارقة والعرب الذين لا يثقون بدورهم في قدرات أبنائهم من ذوي نفس بشرتهم وجنسيتهم لأسباب بعيدة عن العنصرية، وهو الأمر الذي يثير علامات استفهام ويطرح تساؤلات تستحق الاجابة عليها قبل تحميل الغير مسؤولية ما يعانيه النجوم القدامى ذوي الكفاءات، من تهميش وإقصاء لا يختلف بشأنه الملاحظون، مثلما لا يختلفون بشأن أسبابه وتداعياته.
العنصرية موجودة في كل مكان ومجال في هذا العالم، لكن عقدة مركب النقص اتجاه الأبيض في أفريقيا والعالم العربي على حد سواء، هي أمر واقع يجب التعامل معه من طرف المعنيين به قبل غيرهم من خلال قيام الهيئات المحلية مثل الاتحادات الرياضية بتكوين لاعبيها ومدربيها واطاراتها الرياضية واعطائهم الفرصة لإثبات وجودهم مع أنديتها ومنتخباتها، ومنحهم الوقت الكافي لذلك بأقل تكلفة، قبل مطالبة الاتحادات الأوروبية، بذلك لأنها حرة في انتداب من تريد وإقالة من تريد ولا يمكن لأحد أن يفرض عليها استراتيجية أو سياسة لا نلتزم بها.
غياب أصحاب البشرة السوداء عن تدريب الأندية الأوروبية أمر واقع لا يختلف بشأنه اثنان، لكن قد نختلف حول الأسباب، التي تكون ذاتية أحيانا، لكن موضوعية أحيانا أخرى، تقتضي معالجتها من طرف أصحابها المعنيين بها قبل مطالبة الآخرين بتجاوزها لأن التعيين والإقالة في الكرة مرتبط بالنتائج بالدرجة الأولى وليس بلون البشرة.

تدريبحفبظ دراجيكلارنس سيدروف