نقمة الأموال على لامبارد وتشلسي!

خلدون الشيخ

ظل المدرب فرانك لامبارد موضع حسد باقي مدربي الأندية الأوروبية الكبرى خلال الانتقالات الصيفية الماضية، بعدما كسر ناديه تشلسي حاجز المعقول وأنفق نحو 250 مليون جنيه استرليني على 5 لاعبين جدد، لتصعد مباشرة أسهم النادي اللندني ويوضع ضمن خانة المرشحين للقب الدوري الانكليزي، لكن اليوم وبعد انتصاف الموسم، يرزح المدرب الشاب تحت ضغوطات هائلة بسبب سوء العروض والنتائج، ما ينذر بقرب اقالته.

طبعاً الجميع انجرف خلف التيار المطالب باجراء تغيير فوري في قيادة البلوز، والتخلص من لامبارد، رغم ان منطق كرة القدم يتطلب التريث أكثر قبل اصدار حكم الطلاق واقالة اسطورة النادي كلاعب خلال العقدين السابقين. لكن ما شجع حتمية الاقالة الفورية، عاملين مهمين، الأول المبلغ الكبير الذي أنفقه تشلسي على النجوم الجدد، كونه فاق بمراحل ما أنفقته بقية الاندية الكبيرة خلال هذه الفترة الصعبة، التي أنهك خلالها فيروس كورونا جميع الأندية، وهدد الكثير منها بالافلاس، وحرم الكبار منها من ضم ما يشتهون من النجوم، خصوصا بعد حرمان الجميع من مداخيل الحضور الجماهيري الى الملاعب، فكان استثناء ان يحظى مدرب بهذه المبالغ لصرفها في سوق انتقالات ميتة. والعامل الثاني هو الماضي الذي اشتهر به مالك النادي رومان أبراموفيتش بقلة صبره على اخفاقات مدربيه، بل كان يطرد بعضهم ويقيلهم على اخفاقات أقل. وأيضا هناك عامل ثالث يتعلق بقلة خبرة لامبارد مقارنة بحجم النادي الذي يدربه وطموحه.

لكن اذا درسنا كل عامل، فسنجد في النهاية انه من الحكمة، الصبر على المدرب الواعد، فهو أحد أساطير تشلسي، وكلاعب شكل مع آخرين الحقبة الذهبية لهذا النادي على مدى العقدين الماضيين، أي انه تلقائياً سيحظى بدعم أنصار النادي قبل الادارة، ولهذا السبب أيضاً أبراموفيتش لم يضع اصبعه على زناد مسدسه ليطلق رصاصة الرحمة بعد، وأيضا لسببين، الاول أن عقليته اليوم تغيرت عن السابق، ويدرك انه منذ ابعاده من بريطانيا وحرمانه دخولها بسبب خلافات سياسية بين الحكومتين البريطانية والروسية، كونه مقربا من الرئيس الروسي بوتين، بات دوره أقرب الى المتابع عن بعد تاركاً أخذ القرارات الحاسمة في ادارة  شؤون النادي الى مساعدته المحنكة مارينا غرانوفسكايا، التي حققت أرباحا صافية للنادي منذ تنصيبها مديرة تنفيذية في 2013، تقدر بـ400 مليون جنيه استرليني، غالبيتها من سوق الانتقالات وبيع اللاعبين. وأيضاً السبب الثاني، ان النادي دخل مرحلة جديدة تختلف عن الحقب السابقة تحت ادارة مورينيو وكونتي وساري، تعتمد على بناء مشروع طويل الأمد من مواهب شابة وواعدة بادارة  مدرب شاب، ولهذا الصبر على لامبارد سيكون الى أقصى حدود، رغم أن للصبر حدوداً.

وبالنسبة للعامل الاول، فان المبالغ الكبيرة ذهبت لموهبتين ألمانيتين، المهاجم السريع تيمو فيرنر وصانع الألعاب كاي هافيرتز، صاحب الصفقة القياسية في تاريخ النادي (72 مليون جنيه استرليني)، فالأول خيب الظن بعد بداية واعدة، وأخفق في التسجيل في آخر 11 مباراة في الدوري، أما الثاني فيبدو وكأنه لاعب هاو ضمه تشلسي من فريق يلعب في الحواري، كونه بحاجة الى الكثير من الصقل والتدرب على التمركز والتمرير واستلام الكرة وعلى المساندة الهجومية والدفاعية، وكأنه موهبة خام، كونه يبدو تائها في كل مباراة يشارك فيها، بل يكون نقطة ضعف الفريق ويخل بتوازن خطوطه كلما شارك. أما الموهبة المغربية حكيم زياش فانه عانى من الاصابات وقلة اللياقة منذ البداية، فحقق تشلسي نتائج متواضعة، لكن فجأة حقق سلسلة من 17 مباراة بلا هزيمة، كان زياش عنصرا مؤثرا وحيويا فيها، لكن اصابته مرة أخرى التي أبعدته شهرا، ساهمت في عودة الفريق الى النتائج السلبية والعروض الباهتة، فيما بدا الارهاق يظهر عن الصفقة الرابعة، ابن السادسة والثلاثين عاما تياغو سيلفا، وعلى الصفقة الخامسة الظهير الايسر بن تشيلويل، في حين صفق كثيرون للاسطورة بيتر تشيك على ضم الحارس السنغالي ادوار ميندي، لكن اليوم يتساءلون عن نجاعة هذه الصفقة بعد عدد من الهفوات. في المقابل اضطر لامبارد للتخلي عن ويليان وبيدرو وباركلي ولوفتس تشيك ليستوعب هذه المواهب، رغم انه الموسم الماضي نجح في قيادة الفريق الى نهائي كأس انكلترا والى التأهل الى دوري الابطال بعروض جيدة، وبدون هذه المواهب، بل كان تشلسي معاقبا في سوق الانتقالات وباع موهبته هازارد، واضطر الى تصعيد لاعبين من فريقي الشباب والاكاديمية ليبرز ماونت وأبراهام وجيمس وغيلمور وتوموري وهودسون أودوي، لكن يبدو ان ذاكرة البعض قصيرة.

ولهذا أقول يجب ان يمنح لامبارد فرصة حتى نهاية الموسم، رغم ان كل المؤشرات من داخل النادي تقول ان عليه الفوز في مباريات الثلاث المقبلة على أرضه، بدءا بلوتن في الكأس اليوم، ثم وولفز وبيرنلي، والا فان المرشحين لخلافته مثل أليغري وتوخيل وناغلسمان ينتظرون اشارة المديرة غرانوفسكايا.        

 

تشلسيخلدون الشيخلامباردمقالات