على مر التاريخ ومنذ بداية ظهور الدول على خريطة العالم، تبدلت حدود وانصهرت دول مع أخرى، بينما انقسمت دول أخرى سواء بسبب حروب أو معاهدات أو انقلابات، إلا أن التاريخ محا وجود تلك الدول من جغرافيا العالم.
يروي كتاب جديد بعنوان «أطلس البلدان المنقرضة» للكاتب البريطاني جيدون ديفو، قصص هذه الدول المنقرضة وأسباب زوالها والتي لا تكون دائماً نتيجة الدبلوماسية الدولية.
وجمع ديفو مصائر 48 دولة منقرضة في كتابه الترفيهي، حيث قدم للقاريء صورة دقيقة عن كيف نشأت تلك الدول وكيف انهارت.
ووصف ديفو الأمر «اعتقدت أن الأمر أشبه نوعاً ما بمملكة أتلانتس المفقودة، لكن الأمر ليس كذلك، فالقصص وراء اختفاء هذه الأماكن أغرب بكثير».
ويعرض الكاتب أسباب انقراض هذه الدول، التي تتتراوح بين المبتذلة إلى الغريبة كلياً.
ويقسم ديفو البلدان في الكتاب إلى عدة فئات، بحسب ظروفها، فهناك فئة «الدمى وكرات القدم السياسية»، وهناك فئة «الأكاذيب والممالك المفقودة» وفئة «الأخطاء والدويلات».
وعلى سبيل المثال، جمهورية سونورا، وهي منطقة ساحلية كبيرة في المكسيك الحديثة، والتي ظهرت لفترة وجيزة في عام 1853 على يد ويليام والكر، الانتهازي الذي حشد جيشاً من 50 رجلاً لدعم مطالبته، انهارت في نهاية المطاف بعد أن تراجع جيش والكر إلى 30 رجلاً بسبب مرض بعضهم وفرار البعض الآخر، وسار بقية أفراد الجيش مع رئيسهم إلى سجن الولايات المتحدة.
ويأتي سبب اختفاء جمهورية سونورا قصيرة العمر من على الخريطة تحت فئة «مخربي الفرص والمجانين».
مثال آخر هي «موريسنت» المحايدة وهي دولة صغيرة أخرى بدأت في الوجود من قبل الدول الكبرى التي قامت بتقسيم الأراضي المتنازع عليها، في نهاية حروب نابليون. ونشأت هذه الدولة عام 1816، وكانت تحتوي على منجم زنك عالق بين بلجيكا وبروسيا.
وفي موريسنت المحايدة لا يمكن الاتفاق على من يجب أن يمتلك قطعة أرض، لذلك ينتهي بهم الأمر بأن يقرروا أنها لا تخص أي شخص. ولا أحد يسأل الناس الذين يعيشون هناك عن آرائهم.
ونجت المنطقة لأكثر من قرن بقليل، حتى استولت عليها بلجيكا في نهاية الحرب العالمية الأولى. ولفترة من الوقت، كانت «موريسنت» المحايدة قادرة على الاكتفاء بمواردها من خلال منجم الزنك. وعندما أغلق المنجم، حاولت التنويع في مواردها إلا أنها لم تنجح كثيراً.
وأشار ديفو إلى أنهم فكروا بأن يصبحوا الدولة الوحيدة الناطقة بلغة «الإسبرانتو» في العالم.
درجات الكراهية
وتشمل القصص البارزة الأخرى إقامة دولة «خارج الأراضي»، والتي مُنحت لجناح الولادة في مستشفى أوتاوا سيفيك في عام 1943 حتى تتمكن الأميرة جوليانا من هولندا من ولادة وريث محتمل في مكان ما لا يُصنف على أنه أرض أجنبية.
وهناك الكثير من القصص القاتمة في الكتاب، بما في ذلك ما يسميه ديفو بفئة «درجات الكراهية».
وأوضح ديفو أن «الكثير من الرجال من أصحاب البشرة البيضاء من الفيكتوريين أساؤوا إلى السكان الأصليين».
وتشكلت دولة الكونغو الحرة، عام 1885، وسط أفريقيا من خلال بعض المعاملات التجارية المشبوهة للغاية من قبل ملك بلجيكا ليوبولد الثاني.
وبعد أن تجنب ليوبولد حكومته الديمقراطية، استخدم مشروعاً خاصاً للحصول على مساحات شاسعة من الأرض ثم حوّلها إلى مزرعة مطاط عملاقة أجبر السكان فيها على العمل، مما أدى إلى إنشاء دولة العبودية.
ومن المثير للدهشة أنه في الوقت الذي كان فيه توسع الإمبراطورية واستغلالها في ذروته، أثارت الفظائع التي ارتُكبت باسم ليوبولد غضب الدول المجاورة لبلجيكا، مما أجبر حكومته على رفع يدها عن دولة الكونغو الحرة.