تُمثّل الأذن الداخليّة القسم العصبي من الأذن، فهي تلتقط الصوت، وتُحوّله إلى كهرباء، فترسلها إلى عصب السمع أو عصب التوازن أو الأقسام الخاصّة بالدماغ. تنقسم الأذن الداخليّة إلى قسمين: القسم الأمامي المسؤول عن السمع، والقسم الخلفي المسؤول عن التوازن. وقد تؤدي مشكلات الأذن الداخليّة إلى خلل في السمع، في حال حدوث المشكلة في القسم الأمامي منها، أو إلى مشكلات في التوازن وإلى الدوار إذا كان موقع المشكلة في القسم الخلفي. المزيد عن مشكلات الأذن الداخليّة، في معلومات مستمدّة من الاختصاصي في أمراض الأنف والأذن والحنجرة الدكتور وليد أبو حمد.
تنقسم الأذن إلى ثلاثة أقسام: الأذن الخارجيّة المرئيّة، والأذن الوسطى التي تبدأ من الطبلة، وهي مفتوحة على الأنف، وتفتح وتغلق عند صعود الجبل أو ركوب الطائرة، وقد تلتهب عند الصغار في حال إصابتهم بالإنفلونزا. تحتوي الأذن الوسطى على عظام صغيرة تُساعد في تقوية السمع. أمّا الأذن الداخليّة فتنقسم إلى القسم الأمامي المسؤول عن السمع، والقسم الخلفي المسؤول عن التوازن.
يشرح الاختصاصي في أمراض الأنف والأذن والحنجرة الدكتور وليد أبو حمد أن “القسم الأمامي في الأذن الداخليّة، والمسؤول عن السمع، قد يواجه الالتهاب، الذي يتطوّر إلى فقدان حادّ ومفاجئ للسمع. وهذا الأخير قد يكون جزئيًّا أو شبه كلّي، وينتج من فيروس أو المناعة الزائدة”. ويشدّد د. أبو حمد على ضرورة المُسارعة إلى مُراجعة الطبيب المتخصّص، في حال الشعور بفقدان السمع بشكل تامّ، أو الشعور بالطنين في إحدى الأذنين. علمًا أن هذه الحالة الطارئة تُعالج عن طريق تقديم كميّة عالية من الـ”كورتيزون”، قبل 48 ساعة من بداية العوارض. وكلّما تأخر المريض في تلقّي الـ”كورتيزون”، قلّت احتماليّة عودة السمع إلى طبيعته.
فقدان السمع
يتوسّع د. أبو حمد في الحديث عن فقدان السمع، قائلًا إنّ “الحالة التي تحدث في صفوف معظم الناس تنتج عند التقدّم في السنّ، فلا يكون مصدرها الأذن الداخليّة، وهي تختلف بين فرد وآخر، لو أنّه ليس من سبل للوقاية منها أو علاجها. فالأخير هو عبارة عن دعوة المُصاب إلى ارتداء زوجين من السمّاعات”. ويضيف أنّ “الصمم عند الولادة أو في صفوف صغار السنّ هو نتيجة تشوّهات خلقيّة، بخاصّة في حالات زواج الأقارب”. أمّا عن فقد السمع الجزئي جرّاء الضجيج فإنّه في أغلب الأحيان لا طريقة لاسترداده، كما أنّ هناك بعض المهن المعرّضة أكثر من غيرها للحالة، مثل حالات العمل بالقرب من ماكينات عالية الصوت، بدون وقاية، أو الرماية أو التعرّض الدائم إلى صوت الموسيقى المرتفع، الأمر الذي يُلاحظ في صفوف المراهقين. علمًا أن السمّاعات التي تنقل هذه الموسيقى ليست مسؤولة عن الحالة، وإنّما الأصوات العالية طوال اليوم. وبحسب دراسات في فرنسا، كان البحّاثة أثبتوا أن قسمًا كبيرًا من المراهقين بعمر 17 سنة، يشكون من نقصٍ في السمع، وذلك بعد أن أخضغوا إلى التخطيط السمعي. فهناك عاملان مؤثّران في هذا الإطار، هما: قوّة الصوت والوقت الذي يبقى المراهق يستمع خلاله إلى الموسيقة العالية.
التهاب الأذن الداخلية
عن الالتهاب في القسم الخلفي من الأذن الداخليّة، يشرح د. أبو حمد أن “في حال حدوث التهاب، فهو يولّد الدوار الحادّ الذي ينتهي وحده، وبدون أي علاج. ومن المرجّح أن يكون المسبّب هو فيروس يهاجم العصب وقسم الأذن المسؤول عن التوازن. لكن، يجب التمييز أن ليس كلّ نوع دوار سببه الأذن، وإنّما الدوار الناتج عن الأذن يُشعر المريض كأن العالم الخارجي حوله يتحرك فعليًّا، بخلاف الدوار الذي هو عبارة عن ثقل بالرأس أو مسبّباته هبوط الضغط أو التعب النفسي”.
من جهةٍ ثانيةٍ، في القسم الخلفي من الأذن الداخليّة، قد تتحرّك حصوة داخلها؛ وفي 10% من الحالات، يأتي الأمر نتيجة تلقّي ضربة خفيفة على الرأس، وفي 90% منها يبقى المسبّب مجهولًا. ومهما كان المسبّب، فإن المصاب يشكو من الدوار، عند وضع الرأس في وضعية معيّنة. وفي هذا الإطار، يقول د. أبو حمد إنّ “التهاب الأذن الداخليّة الذي يتسبّب بالدوار يعاني المصاب به لمرّة، فيما تحرّك الحصوة قد يتكرّر لمرّتين أو ثلاث منها في العمر”.
التشخيص والعلاج
– في حال الدوار، فإنّ 80% من التشخيص يتمّ عن طريق إجابات المريض عن أسئلة الطبيب، لتجري الفحوص المُتعلّقة في وقت لاحق لفهم نوع الدوار، ومسبّباته سواء كانت الحركة أو غيرها، وكم مرة يتكرّر الشعور بالدوار؟ وفي ما إذا يرافقه القيء أو بعض العوارض الأخرى. كما يُراقب الطبيب خلال الفحص السريري ما إذا كان المريض يشعر بالدوار عند تغيير وضعيّة جلوسه، كما يُراقب حركة العينين. علمًا أن الأخيرتين والأذن موصولة للحفاظ على التوازن. وهناك أمور دالّة إذا كان مسبّب الدوار هو الأذن أم الإصابة بفقر الدم أو ضغط الدم أو هبوط السكر. وإذا لم يتمكّن الطبيب من الوصول الى تشخيص مُقنع، بعد الفحص السريري، يمكن أن يجري للمصاب تخطيطًا للسمع وتخطيطًا للقسم الخلفي من الأذن الداخليّة المسؤول عن التوازن. وعلاج الدوار يختلف بحسب المسبّب؛ إذا كانت الحالة تتعلّق بالتهاب الأذن الداخليّة، فإنّ العلاج يقتصر على مداواة العوارض أي هو عبارة عن عقاقير تخفّف من وطأة الدوار والغثيان، علمًا أنّ العوارض تتحسّن تلقائيًّا بعد أن يعتاد كلّ من الدماغ والأذن الداخليّة على فقدان هذه الوظيفة.
– في حال كان هناك حصوة داخل الأذن، فإنّ الطبيب يقلب المريض، أثناء معاناته من الدوار، بغية ردّ الحصوة إلى مكانها، مع الطلب إلى المريض أداء تمرينات تُعيد تأهيل الأذن الداخليّة. إشارة إلى أن العقاقير المتناولة، في حال الالتهاب هامّة للغاية، لأنّ العوارض لا تُحتمل، بينما في حال الحصوة داخل الأذن، فإنّه لا داعي لتعاطي أي دواء في العلاج.
– لناحية ضعف السمع، الذي يكون مصدره الأذن الداخليّة، فإنه في حال كان المصاب كبير السنّ، لا دواء يصفه الطبيب له، والأمر لا يتعلّق كما يُقال في صفوف العامّة خطأً بعدم وصول الدم إلى الأذن أو النسيان كما يُشاع، فالأدوية التي توصف لتقوية الذاكرة لا تفيد على الإطلاق في هذا الإطار. كما أنّ الأدوية التي توصف في الصيدليّات للحفاظ على السمع هي غير فعّالة. وعند انزعاج المريض من وضع السمع، هو يضطر أن يرتدي زوجين من السمّاعات التي تتطور أنواعها، بشكل سريع.
– في حال الصمم المفاجئ، من الهامّ المسارعة الى مراجعة الطبيب، والدواء المناسب للحالة هو عقاقير الـ”كورتيزون” الفمويّة. وعند ملازمة الحالة، يمكن للمصاب بالصمم عمل إبرة الـ”كورتيزون” داخل الاذن الوسطى.