«الحمد لله» و«يكثر خير الله» أكثر عبارتين تلفظت بهما داليدا زوجة الفنان رامي عياش خلال سردها ما حصل معها بعد إصابتها ونجاتها من الموت جراء الانفجار الضخم الذي هزّ مرفأ العاصمة بيروت والذي خلّف وراءه مئات الضحايا وآلاف الجرحى والمفقودين وشرّد العديد من منازلهم ودماراً هائلاً في الممتلكات، في 4 أغسطس/آب الجاري.
لحظات الوجع، كيف تسترجعها داليدا الآن؟
وجعي ليس مهماً ولم يعني لي بقدر الرعب الذي شعرت به على زوجي وولديّ ووالدتي وإخوتي، لست الوحيدة التي عاشت هذا الشعور بل كل لبنان عاش ذلك، حتى من لم يكن موجوداً في قلب هذا الانفجار تأثر فيه. وتابعت: «ارتحت لدى رؤيتي لرامي في المستشفى وشعرت بالأمان عندما كان إلى جانبي، وهو كان يحاول أن يخفف عني من جهة، ويساعد من جهة أخرى من هم بحاجة إلى المساعدة، وطيلة الوقت كان يقول لي: «أنتِ بصحة جيدة»، ولكن أنا كنت أنظر إليه وأجد أن عينيه تقولان شيئاً مغايراً ورأيت ضياعاً وخوفاً لديه. كانت المرة الأولى التي أراه على هذه الحال، فهو حاول تهدئتي واطمأن أن لا مكروهاً أصاب أي أحد قريب منا ومن كانوا برفقتي. وجود رامي لم يكن فقط مهماً بالنسبة لي، بل راح يساعد الأطباء في المستشفى الذين يقومون بتقطيب الأولاد الجرحى ويمسك بأيديهم ليخفف عنهم».
كيف كان اللقاء مع رامي بعد الانفجار؟
(تتنهد داليدا وتقول بصوت خافت): «شو بدي قلك». كنت أرتدي سروالاً باللون البيج، وعند رؤيته لكمية الدماء التي تسيل مني وغطت ملابسي، خاف عليّ كثيراً واستفسر من الطبيب عن مصدر الدم ومما يحصل لي، الحمد لله على كل شيء.
وما الذي حصل لدى رؤيتك لولديك؟
بقينا في المستشفى حوالي 6 ساعات، ولدى عودتي إلى المنزل، اكتشفت أن آرام لم يخلد إلى النوم باكراً كما هي عادته، وكأنه شعر بأن هناك خطباً ما حصل معي، حاولت التهرب والصعود بشكل سريّ إلى غرفة النوم لأبدل ملابسي الملطخة بالدماء كي لا يراني فيها. لم أبكِ أو أتأثر في كل ما حصل، إلا أنني وفي اللحظة التي رأيت فيها ولديّ انفجرت بالبكاء.
ما يؤلمني أنني لم أكن إلى جانبهما عند حدوث الانفجار ولا أعلم بماذا شعرا لحظة وقوعه. فهما صغيران ولا يمكنهما التعبير عن نفسيهما، والحمد لله كانت برفقتهما مدبرة المنزل وعمي، منزلي كله من الزجاج ولكن نحمد الله أنه لم يسقط أو يتكسر.
هل أنتِ شخصية تخاف كثيراً؟
أنا «جبانة» ولكن استغربت من أين أتيت بكل هذه القوة في تلك اللحظة؟ وكل من هم حولي قالوا لي: «داليدا كنت قوية وهادئة» ولم أصرخ وإيماني كبير بالله، وما كتبه لي سيحصل وسلّمت الأمر ربانياً.
هل بتِ تخافين اليوم أكثر من أي وقت مضى؟
لا أكذب عليك، ففي أول ليلة نمتها بعد الانفجار في بيروت، كانت مؤلمة وبات لديّ رعب من زجاج المنزل. وفي اليوم التالي، قرّر رامي اصطحابي إلى منزل الجبل، حتى أنني لم أعد أتحمل رؤية أي من ولديّ يجلس إلى جانب نافذة الزجاج وبتّ أصرخ بشكل سريع، وأعلم أن هذا الأمر سيأخذ بعض الوقت كي أستطيع الخروج منه.