على مدار العام، يجني المزارعون في منطقة الجوف ثمار أكثر من مليوني شجرة فاكهة من مختلف الأنواع والأصناف، ويطرحون إنتاجها المتنوع في الأسواق، حيث تتميز بجودتها ومذاقها، حتى اشتهرت المنطقة بلقب سلة غذاء المملكة لكثرة خيراتها الزراعية المتنوعة. وتحولت المنطقة إلى مهرجان فاكهة مفتوح، مزهو بالألوان الطبيعية، وبمنتجات تزين البيوت والمزارع والأسواق في معظم فترات السنة.
ويصف البعض منطقة الجوف بسلة الفاكهة لكثرة ما تجود به أرضها الخصبة من منتجات العنب واللوزيات والحمضيات، حيث يبلغ عدد أشجار الفواكه واللوزيات في المنطقة بحسب إحصائية المركز الوطني للوقاية من الآفات النباتية والأمراض الحيوانية ومكافحتها، 1,366,733 شجرة، بالإضافة إلى 816,274 من أشجار النخيل.
وتنتج مزارع المنطقة سنوياً أكثر من 170 ألف طن من الفاكهة، تطرحها في الأسواق داخل المملكة وخارجها، ترفد منظومة الأمن الغذائي وتعود بالنفع على المزارعين والمنتجين، وتوفر للمستهلكين منتجات طبيعية عالية الجودة متميزة المذاق.
ويستمر جني ثمار أشجار الفاكهة على مدار فصول السنة، وتتركز أعمال الحصاد خلال الفترة الممتدة ما بين مايو وديسمبر من كل عام، التي تشهد جني التين والعنب والخوخ والمشمش ثم الحمضيات كالليمون والبرتقال واليوسفي.
ومن أبرز الفواكه التي تجود بها أرض الجوف، العنب، ويتوفر منه 11 صنفاً مسجلاً بالمنطقة، منها (العنب الأخضر، والأحمر، والأسود)، وكذلك التفاح، والتين، والسفرجل، والكمثرى، والبرشومي، والخوخ، والبطيخ، والبرقوق، والمشمش، والتوت الأبيض والأحمر، حيث تساعد العوامل البيئية في المنطقة ومحافظة طبرجل على إنتاجه ومنها برودة الطقس وتوفر الماء العذب، كذلك تنتج المنطقة النكتارين، والرمان والفستق الحلبي واللوز وغيرها من أنواع الفواكه.
نجاح الفواكه الاستوائية والعالمية
ودفع نجاح زراعة أشجار الفاكهة بالمنطقة العديد من المزارعين وعشاق الفاكهة والشجر إلى تجربة إدخال زراعة أشجار فاكهة جديدة بالمنطقة بعضها منتشر في المناخات الاستوائية أو الباردة، وقد حققت العديد من هذه التجارب نتائج جيدة.
وعن نجاح تجارب زراعة فواكه من مناطق مناخية عالمية متعددة في منطقة الجوف يقول أحد المزارعين والمهتمين بالأشجار والإنتاج الزراعي بالمنطقة عصام القعيد: إن “الماراكويا” أو فاكهة زهرة الشغف أو “الباشن فروت” نوع من النباتات المتسلقة من جنس زهرة الآلام التي يرجع موطنها الأصلي إلى البرازيل ونجحت في الجوف، ودخلت في إنتاج العطور والعصائر، وتتميز بأنها سريعة النمو وغزيرة، وتعد من الفواكه النادرة، وبدأ انتشارها بالجوف حيث زرعت في دومة الجندل منذ بضع سنوات.
وأضاف أن منطقة الجوف نجحت في زراعة شجيرات الأناناس الاستوائية، بعد أن تهيأت لها الأجواء المناسبة، مضيفًا أنه يمكن زراعتها بسهولة في الحديقة أو في الحاويات أو في محميات، شريطة أن تتم حمايتها من البرد، حيث إنها تحب الحرارة والرطوبة.
وفي الاتجاه الآخر، يتم تصدير العديد من شتلات وعقل أشجار الفاكهة التي تمتاز بها منطقة الجوف إلى عدد من الدول الصناعات التحويلية.
ويستثمر المزارعون والمنتجون محصول الفاكهة الوفير بالمنطقة في العديد من الصناعات التحويلية مثل تجفيف الفاكهة والمربى والعصائر وغيرها، حيث تنتج المربى من التفاح والمشمش والتوت والتين وعدداً من الفواكه الأخرى، كما تتنوع منتجات الشجرة ذاتها مثل التين الذي يتم استثماره في صنع المربى أو التين المجفف بزيت الزيتون، والتين المحشو بالجوز وغيره من المنتجات.
وتعمل الجهات الحكومية والأهلية بالمنطقة على دعم زراعة وإنتاج الفاكهة، حيث تدعم وزارة البيئة والمياه والزراعة إنتاج بعض أصناف الفاكهة ضمن برنامج دعم “ريف”، كما تقدم الجمعيات والجهات الحكومية برامج تدريب وتأهيل للمزارعين ورواد الأعمال الشباب في مجال الإنتاج الزراعي والفاكهة والصناعات التحويلية.
وتجذب الفاكهة في منطقة الجوف العديد من الزوار والسياح من داخل المملكة وخارجها، في إطار السياحة الريفية للاستمتاع بزيارة المزارع وحقول أشجار الفاكهة، وكذلك شراء الأصناف المحببة للزوار من نقاط البيع والمحال، والاستمتاع بطعم الفاكهة الطازجة والمنتجات التحويلية والعصائر، لتصبح فاكهة الجوف واحدة من أهم عناصر الجذب السياحي بالمنطقة إلى جانب الطبيعة والطقس المعتدل والمواقع الأثرية والتراثية.
كما يعد مهرجان الفاكهة في محافظة طبرجل، الذي انطلقت نسخته الأولى في العام 2019م، من الفعاليات الاقتصادية والسياحية والترفيهية المهمة في المنطقة، ويعكس دور الإنتاج الزراعي وقطاع الفاكهة في دفع عجلة التنمية وتنشيط الحراك التجاري والسياحي بالمنطقة.