تسعى السعودية إلى صناعة التاريخ في عالم السياحة، متسلحة بتضاريسها المتنوعة، ورقعتها الشاسعة التي صنعت الفرص لإيجاد مواسم سياحية على مدار العام، وأيضًا كونها الدولة الأكثر أمانًا في الشرق الأوسط.
وتستهدف المملكة رفع مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي إلى 10%، بحلول عام 2030، وتحقيق هدف جذب 100 مليون سائح الذي كان مخططًا له بحلول عام 2030، حيث تمكنت المملكة خلال العام الماضي من استقطاب 77 مليون سائح من الداخل و27 مليون من خارجها، أنفقوا 100 مليار ريال، الرقم الذي قد يكسره سواح هذا العام.
ارتفاع إنفاق السياح
وكشفت بيانات البنك المركزي السعودي “ساما” عن ارتفاع إنفاق السياح الوافدين إلى المملكة خلال الربع الأول من عام 2024، الى 45 مليار ريال، بنسبة 22.9% عن الربع المماثل من العام السابق الذي كان 36.6 مليار ريال.
جهودٌ ملموسة ونمو
جاءت رؤية 2030 لتجعل من قطاع السياحة رافداً مهماً من روافد الاقتصاد الوطني، حيث يمثّل قطاع السياحة (10%) من الناتج المحلي العالمي، كما أنه يُعد أكبر مصدر للوظائف.
ومنذ أن صدر الأمر الملكي في شهر (رجب 1441هـ) الموافق (25 فبراير 2020م)، القاضي بتحويل مسمى الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني إلى وزارة السياحة، لم تدخر الوزارة أي جهد للاهتمام بالقطاع السياحي بجميع جوانبه في المملكة، وهي جهود جعلت مجلس السفر العالمي يتوقع في تقرير له أن تصل معدلات إنفاق السياح في السعودية لعام (2024) إلى (256) مليار ريال (حوالي 68.3 مليار دولار)، بالإضافة إلى زيادة مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي، ونمو عدد الوظائف التي يوفرها القطاع، بحسب التقرير.
تميزٌ وأداء تاريخي
ونستذكر الإشادة التي تلقاها القطاع من قبل سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-، خلال الخطاب الذي ألقاه في ديسمبر من العام (2023) أمام مجلس الشورى، حيث أشاد سموه بما حققته المملكة في مجال السياحة من نمو بنسبة (64%) في الربع الأول من عام (2023م)، واصفًا ذلك بالأداء التاريخي.
تلك الإشادة هي تاج يحتَم على مُسيّري السياحة والترفيه ببذل جهد مضاعف من أجل مواصلة التميز وتحقيق الأرقام المرجوة، فيما قامت المملكة خلال العام (2019) بإطلاق الاستراتيجية الوطنية للسياحة، والتي كان من ضمن أهدافها رفع مساهمة قطاع السفر والسياحة في الناتج المحلي، ليصل بحلول (2030) إلى (10%)، واستقطاب أكثر من (100) مليون سائح بين داخلي وأجنبي، وهو الرقم الذي وصلت إليه المملكة في العام (2023)، أي قبل سبع سنوات من الموعد المحدد مسبقا. ما جعل منظمة السياحة العالمية تحتفل به، وتصفه بالإنجاز التاريخي.
تأشيرةٌ إلكترونية مُيسّرة
ويمكن للسياح الوصول إلى المملكة من خلال شراء تأشيرة إلكترونية، مُتاحة لــ(63) دولة، إضافة إلى أن هذه التأشيرة السياحية تتاح أيضا لـ (7) فئات أخرى، وهم المقيمون في الولايات المتحدة الأميركية، أو المملكة المتحدة، أو دول الاتحاد الأوروبي، وحاملو تأشيرات الزيارة الأمريكية والبريطانية، وحاملو تأشيرات “الشنغن”، وجميع المقيمين في دول مجلس التعاون الخليجي، وخلال نصف ساعة فقط يمكن الحصول عليها “أون لاين”، أو عند الوصول للمطارات السعودية.
استثمارٌ ونهوض سياحي
وتستثمر السعودية أكثر من (800) مليار دولار في قطاع السياحة، من خلال عدد من المشروعات، لعل أبرزها مشروعات البحر الأحمر العالمية، التي تعد المحرك الرئيسي لرؤية (2030)، فيما تتمثل هذه المشاريع في إنشاء وجهات سياحية فاخرة ومتجددة على الساحل الغربي للبلاد، إضافة الى مشروعي الدرعية والقدّية.
كذلك قامت المملكة ببناء مواقع ثقافية، ومتنزهات، وأماكن رياضية، ومحميات طبيعية، لتلبية احتياجات مجموعة واسعة من السياح في مختلف مناطق المملكة.
وتسعى المملكة إلى النهوض بالقطاع السياحي، بهدف أن تكون من أوائل الدول في سهولة أداء الأعمال من خلال التشريعات والقوانين التي تجعل هذا القطاع ضمن أكثر القطاعات كفاءة، حيث قامت المملكة ممثلة في وزارة السياحة، بدعم القطاع الخاص المحلي واستقطاب الاستثمار السياحي، والحصول على موافقات الجهات الحكومية لإطلاق منصة تسجيل البرامج السياحية، تمهيدًا لوضع خطة لاعتمادها وزيادة الاستثمارات في الوجهات السياحية المستهدفة، بالشراكة مع القطاع الخاص ابتداءً من العام (2021).
السعودية وجهة سياحية عالمية
وقامت المملكة بتعزيز صورتها كوجهة سياحية عالمية، وذلك من خلال افتتاح المكتب الإقليمي لمنظمة السياحة العالمية في الشرق الأوسط بالعاصمة الرياض، واستضافة قمة تعافي القطاع السياحي بمشاركة قادة السياحة من القطاعين العام والخاص، وتشكيل أول فريق عمل للسياحة في مجموعة دول العشرين برئاسة المملكة، وإطلاق مشروع التأشيرة السياحية وتطبيقه فعليا، كذلك إطلاق مبادرة المركز العالمي للسياحة المُستدامة.
برامج تدريب وتطوير
أيضا، تعمل المملكة على تطوير كوادر سياحية تنافسية، حيث قامت بتأسيس الأكاديمية العالمية للسياحة، بالتعاون مع منظمة السياحة العالمية، وأطلقت مبادرة (100) ألف فرصة وظيفية في قطاع السياحة منذ العام (2021)، كما قامت بتنمية مهارات (137.020) عاملاً في الخدمات السياحية من خلال (55) برنامجا حضوريا، و(56) برنامجا تدريبيا عن بعد، كما تم إطلاق برنامج رواد السياحة لتطوير مهارات (100.000) مواطن سعودي في مجال الضيافة والسياحة والسفر.
مجلس التنمية السياحي
وأصدرت المملكة القرار الوزاري بتأسيس مجلس التنمية السياحي، لتنسيق الجهود مع الجهات الحكومية المعنية بتنمية قطاع السياحة، كما تم إنشاء الهيئة السعودية للبحر الأحمر، وإنشاء برنامج الربط الجوي، في الوقت الذي قامت فيه المملكة بتطوير وتفعيل الوجهات التي تستهدفها استراتيجية السياحة الوطنية والمواقع السياحية، وأيضا تم تأسيس مجالس تنمية سياحية في المناطق ورفع مستوى المواءمة بين منظومة السياحة، وإمارات المناطق، وفروع الجهات الحكومية، كما أن المملكة خصصت مبلغ (17.319.000) ريال لتمويل مبادرة رفع جاهزية البُنى الأساسية السياحية، وإنشاء صندوق الربط الجوي لتحفيز شركات الطيران ودعمها في تأسيس مسارات جوية محلية ودولية.
السياحة والناتج المحلي
وكشفت بيانات البنك المركزي السعودي “ساما” عن ارتفاع إنفاق السياح الوافدين إلى المملكة خلال الربع الأول من عام 2024، الى 45 مليار ريال، بنسبة 22.9% عن الربع المماثل من العام السابق الذي كان 36.6 مليار ريال، فيما قفزت بنسبة 51.5% عن مستوياتها في الربع الرابع 2023 التي كانت 29.7 مليار ريال.
وبحسب البيانات سجل بند السفر ثاني أكبر مستوياته بعد الربع الثاني من العام 2023 حين بلغ 48.9 مليار ريال، والذي تزامن مع موسم الحج من العام السابق.
وتستهدف المملكة 150 مليون سائح سنويا بحلول عام 2030، بواقع 80 مليون سائح من الداخل و70 مليون من الخارج.