لم يكن المحافظون في إيران يتوقعون أن يتقدمهم إلى كرسي الرئاسة مُرشح إصلاحي حُرم من خوض الانتخابات قبل 3 أعوام.
إنه مسعود بزشكيان، جراح القلب والسياسي الإصلاحي، والبرلماني المخضرم، الذي تعود أصوله لأذربيجان الغربية.
وأعلن محسن إسلامي، المتحدث باسم وزارة الداخلية الإيرانية، أن “بزشكيان تصدر الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة بحصوله على أكثر من 10 ملايين و400 ألف صوت يليه سعيد جليلي بحصده أكثر من 9.5 مليون صوت”.
ليخوضا الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي ستعقد في 5 يوليو/تموز المقبل.
نشأته ومسيرته
ولد في 29 سبتمبر/أيلول 1954 بمدينة مهاباد شمال شرقي إيران وترعرع في عائلة متدينة.حصل بزشكيان على دبلوم في مجال الصناعات الغذائية، وقرر أن يُصبح طبيبا بعد انتهاء خدمته العسكرية.حصل على الدبلوم الطبيعي عام 1975، قبل أن يتم قبوله في جامعة مدينة تبريز للعلوم الطبية.خلال الحرب العراقية-الإيرانية التي بدأت 1980 كان بزشكيان مسؤولا عن إرسال الفرق الطبية إلى مناطق القتال، ونشط في العديد من العمليات وعالج الجرحى في جبهات قتالية.أكمل دراسته الطبية في 1985 وعمل كمدرس في كلية الطب.وفي عام 1990 حصل على تخصص الجراحة العامة من جامعة تبريز للعلوم الطبية.وفي 1993 حصل على تخصص في جراحة القلب من جامعة إيران للعلوم الطبية في طهران، وعين بمستشفى الشهيد مدني للقلب في تبريز، ثم أصبح رئيسا له.وفي 1994 عيّن رئيسا لجامعة تبريز للعلوم الطبية، واستمرت رئيسا لها حتى عام 2000.تولى منصب نائب وزير الصحة بوزارة الصحة والعلاج والتعليم الطبي لمدة 6 أشهر.وخلال ولاية الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي شغل منصب وزير الصحة من عام 2001 إلى عام 2005.في 2013 تقدم للترشح بانتخابات الرئاسة الإيرانية لكن مجلس صيانة الدستور رفض ملفه.وفي 2016 تمكن من الفوز بمقعد في انتخابات البرلمان وحافظ على مقعد في البرلمان لسنوات طويلة.
سياسته
عرف بزشكيان، ابن الـ69 عاما، والأكبر سنا بين المرشحين، بانتقاد سياسات إيران، وجهر باتهام إيران بعدم الشفافية بشأن وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في عام 2022، التي أثارت اضطرابات استمرت شهورا، وتبنى مساندة حقوق الأقليات القومية في إيران.
هل يغير توجهات إيران؟
بيد أنه رغم هذه المؤهلات لا تتوقع مجلة فورين بوليسي أن يتمكن بزشكيان، رغم نهجه الإصلاحي، من تغيير توجه إيران نحو تقارب أكبر مع الولايات المتحدة أو الغرب.
وأشارت المجلة إلى أنه على الرغم من نص الدستور الإيراني على اختيار الرئيس، بالاقتراع الشعبي المباشر، فإن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي وسع نفوذه بشكل كبير على مدى العقود القليلة الماضية، عبر إنشاء مؤسسات موازية، وتوسيع صلاحياتها، وصياغة سياسات شاملة للنظام، وتعزز نفوذ المرشد الأعلى من خلال حق النقض الخاص الذي يتمتع به على أعضاء حكومة الرئيس، مما يزيد من سيطرته ويحد من سلطة الرئيس.
وكان لانسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة، ومعارضة خامنئي تحسين العلاقات بين طهران وواشنطن خلال إدارة أوباما، والعمليات التي نفذها الحرس الثوري الإيراني دور بارز في تهميش جميع المعتدلين.
تشير المجلة إلى أن السبب في فوز بزشكيان يعود إلى قدرة المعسكر الإصلاحي على حشد الناخبين المنهكين والمحبطين لدعم مرشحهم، رغم مقاطعة شريحة كبيرة من المجتمع للانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة عامي 2021 و2024 على التوالي.
وفعل الناخبون ذلك لسببين، الأول يتلخص في استبعاد المرشحين الإصلاحيين على نطاق واسع، والعزوف عن التصويت في الانتخابات الأخيرة، بما في ذلك الانتخابات البرلمانية في مارس/آذار.
ورغم قدرة الإصلاحيين على التأثير على الرأي العام، فإن قسماً كبيراً من المجتمع فقد الثقة بهم.
وتأتي خيبة الأمل هذه بعد عقود من الأحداث التي أدت إلى تآكل قاعدة دعم الإصلاحيين، التي كانت قوية بما يكفي لانتخاب خاتمي في عام 1997 وإبقائه في منصبه لمدة ثماني سنوات، ثم روحاني لمدة ثماني سنوات أخرى ابتداء من عام 2013، ومع ذلك فإن هذه الجهود لم تسفر عن نتائج دائمة.
ونظراً للسلطات المحدودة التي تتمتع بها الرئاسة فإن انتصار الإصلاحيين قد يؤدي إلى تعميق خيبة الأمل داخل المجتمع الإيراني، حتى إن كانت المسؤولية عن إخفاقات الحكومة تقع في مكان آخر.