“الكهف كائن حي ينمو ويتكسر ويتحطم، الكهوف نظام بيئي مسالم جداً مختلف عن النظام الذي نعيشه في سطح الأرض، ويحتفظ بالأسرار”.. هكذا وصف، محمود الشنطي، المهندس والباحث الجيولوجي، علاقته بالكهوف بعد أن قضى نحو 24 عاماً من عمره في معالمها الخفيّة، فهل لك أن تخيلت يوماً أوجه العلاقة بين الكهف والإنسان؟ تلك العلاقة يتحدث عنها الباحث في هيئة المساحة الجيولوجية بشغفٍ لافت، مشيراً إلى أنها بدأت عبر المغامرة والهواية حتى تشرّب أسرارها.
عندما وصلنا إليه في جناح هيئة المساحة الجيولوجية في ملتقى السياحة السعودي، اصطحبنا إلى نموذج لافت لأحد الكهوف المصنوعة من الورق، يجسد الشكل الواقعي لأحد الكهوف المستكشفة في السعودية منذ وقت.
تحدث الشنطي بإسهاب لافت، قصته قائلاً: “إن حب المغامرة دفعني للعمل في المجال الجيولوجي، وبدأت تجربتي الإنسانية مع الكهوف بعد انضمامي للهيئة وعملي لفترة في استكشاف الذهب والمعادن الثمينة في المناجم القديمة”.
مشروع دراسات الكهوف
بدأت تجربة المهندس الشنطي مع الكهوف عام 2000، وذكر أنه بعد مرور وقت أعدت الهيئة مشروع دراسات الكهوف السعودية، وانطلق العمل بتطبيقات واقعية عبر تدريبات استخدام الحبال، وأدوات التسلق للتعامل مع مداخل الكهوف، واكتشاف أسرارها عبر مسوحات ورسومات خاصة، وتوثيقها بالصور.
في بعض الأحيان كان يدفع الباحث الجيولوجي الشنطي ثمن شغفه بتعرضه لإصابات عدة متوزعة في جسده، وهو الأمر الذي يصيب كثيرين حول العالم من زملائه نتيجة أخطار مها استكشاف الكهوف، ويعلق: “تعرضت لإصابات متعددة سواءً في ركبتي، أو حتى صدري”، محذرا من أن التعامل مع الكهوف أمر في غاية الصعوبة، ويتطلب خبرة ودراية.
ويقول، في السياق ذاته، “إن أكثر اللحظات خطورة داخل الكهوف حينما تحدث بداخله ما يشبه الانهيارات، بيد أن الأمر ذاته يحفزك على الاستمرار، ولذا أصبحت شغوفاً بعملي، وساعدتني كثافة القراءة في مسائل الجيولوجيا على معرفة أسرار الكهوف”.
بيد أن المهندس الجيولوجي لا ينسى أولى لحظات اتصاله بعالم الكهوف، بعدما نزل إلى عمق 20 مترا رأسيا في أحد كهوف الرياض.
الكهوف السعودية
وتتشكل الكهوف السعودية من طبيعة صخرية متفردة لهوابط وصواعد كلسية، نتيجة نحت المياه على الأسطح الداخلية للصخور، فيما تضفي تشكيلات الصفائح الصخرية حول محيط الكهوف مناظر خلابة، حسب وكالة الأنباء السعودية “واس”، وتتميز بعض تلك الكهوف بوجود نقوش أثرية حولها أو داخلها يعود تاريخها إلى آلاف السنين.