عاد ملف التطبيع التركي ـ السوري إلى الواجهة مجدداً، مع إمكانية عقد اجتماعٍ رباعي لوزراء خارجية روسيا وسوريا وتركيا وإيران في مطلع شهر أيار/مايو المقبل، وفق ما أعلن في وقتٍ سابق مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى الشرق الأوسط وإفريقيا ونائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف.
ومن شأن هذا الاجتماع الوزاري أن يُسرع من مسار تطبيع العلاقات بين سوريا وتركيا بعد قطعية مستمرة بين كلا البلدين تتواصل منذ العام 2012، على خلفية دعم أنقرة للمعارضة عقب اندلاع احتجاجاتٍ شعبية طالبت بإسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد في مارس/آذار من العام 2011. ومن ثم تدخّلها العسكري لاحقاً في الأراضي السورية.
وفي هذا السياق أكّد دبلوماسي تركي بارز أن “مسألة تطبيع أو عودة العلاقات بين سوريا وتركيا هي عملية لن تحدث بين ليلةٍ وضحاها”، مستبعداً “وجود تطبيعٍ نهائيّ بين كلا البلدين المجاورين في أي وقتٍ قريب على خلفية وجود قضايا عالقة بين كلا الجانبين”. كما أوضح أن السلطات التركية ستسحب جنودها في نهاية المطاف من الأراضي السورية.
لن يكون سريعا
وقال عمر أونهون آخر سفير تركي في سوريا بقي في منصبه حتى شهر حزيران/يونيو من العام 2012 إن “تطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة لن يكون أمراً سريعاً خاصة مع وجود قضايا يجب حلّها بأبعادها المتعددة”، معتبراً أن “طلبات كلّ طرفٍ من الآخر يمكن أن تنفّذ”.
كما أضاف أن “تركيا تريد ضمان أمنها وتهيئة الظروف اللازمة في سوريا من أجل عودة آمنة للاجئين، وفي المقابل تريد دمشق انسحاب عناصر الجيش التركي من البلاد والتوقّف عن دعم المعارضة، ولا شيء من هذا غير معقول، إلا أنه يجب مناقشته في السياق الصحيح وهنا تكمن المشكلة”. وتابع قائلا “ربما يحدث بعض التقدم في عملية التطبيع بين البلدين، ولكن باعتقادي أننا لن نشهد تطبيعاً نهائياً في أي وقت قريب، على الأقل قبل الانتخابات”، الرئاسية والبرلمانية التي ستشهدها تركيا يوم الرابع عشر من شهر مايو المقبل.
إلى ذلك، شدد الدبلوماسي التركي على أن “كبار المسؤولين في تركيا أشاروا بوضوح إلى أن أنقرة ستنسحب من سوريا في نهاية المطاف وأن الجيش التركي ليس هناك للبقاء وإنما لتأمين الحدود الجنوبية للبلاد”، قائلا “في حال تمّ الاتفاق مع سوريا، أعتقد أن القوات التركية ستعود إلى قواعدها في الداخل التركي”.
ولفت إلى أن “هناك عناصر مسلّحة كثيرة في سوريا، ومصيرها مرهونٌ بحلّ نهائي وسياسيّ أتمنى أن يكون قريباً”، موضّحاً أن “هذه العناصر قد تلقي بأسلحتها وتعود إلى منازلها وربما تنضم إلى الجيش السوري أو قد يسمح لها بالبقاء وفق شروطٍ محددة مثلما حصل في مدينة درعا قبل سنوات”.
يشار إلى أن دمشق تضع شروطاً مسبقة لعودة العلاقات مع أنقرة ومن أبرزها سحب القوات التركية من البلاد والتي تصف وجودها بـ”الاحتلال” وعدم التدخّل في شؤونها الداخلية ومحاربة “الإرهاب”.
لكن أنقرة ترفض الشروط السورية لاسيما تلك المتعلقة بسحب قواتها، بذريعة وجود قواتٍ كردية على حدودها الجنوبية تشكل خطرا على أمنها القومي.