أواخر شهر يناير 1885، ذهل البريطانيون عقب سماعهم لخبر مقتل الجنرال تشارلز جورج غوردون (Charles George Gordon) المصنف كأحد أهم القادة العسكريين بالجيش البريطاني. فعقب أشهر من الحصار، اجتاحت القوات المهدية، في خضم الثورة المهدية، العاصمة الخرطوم وحاصرت موقع تواجد الجنرال غوردون الذي أعدم على عين المكان. وقد جاءت وفاة غوردون لتثير موجة استياء كبيرة في صفوف البريطانيين الذين انتقدوا تأخر حكومتهم في التحرك لإنقاذه.
من الصين للسودان
يصنف تشارلز جورج غوردون، المولود بمقاطعة كنت (Kent) عام 1833، كواحد من أشهر الجنرالات البريطانيين بالفترة الاستعمارية. فأثناء مسيرته، أرسل الأخير ضمن حملة على بكين في خضم حرب الأفيون الثانية. وبتمرد تابينغ (Taiping)، أوكلت السلطات الصينية لغوردون عام 1862 مهمة قيادة أحد الفيالق الذي تكون أساسا من عدد هام من المستشارين العسكريين الأوروبيين والأميركيين. وبفضل ذلك، كسب غوردون لقب “غوردون الصين” ونال العديد من الأوسمة العسكرية الصينية والبريطانية.
بحلول العام 1874، أرسل غوردون نحو مصر لدعم الخديوي إسماعيل بالسودان. ومع عزل الخديوي إسماعيل عام 1879 و وقوع مصر تحت الإنتداب البريطاني عام 1882، اتجه البريطانيون للتكفل بمسألة السودان الذي عاش بتلك الفترة على وقع الثورة المهدية التي اندلعت عام 1881 بقيادة محمد أحمد بن عبد الله بن فحل الذي تقمص دور المهدي.
إعدام غوردون
إلى ذلك، أرسل البريطانيون الجنرال وليام هيكس (William Hicks) نحو السودان وأوكلوا له مهمة وضع حد للثورة المهدية. وخلال شهر تشرين تشرن الثاني/نوفمبر 1883، مني وليام هيكس بهزيمة بمعركة الأبيض قبل أن يقتل بإحدى الهجمات يوم 5 تشرين الثاني/نوفمبر 1883.
أمام هذا الوضع، كلّف رئيس الوزراء البريطاني وليام غلادستون (William Gladstone) الجنرال تشارلز جورج غوردون بمهمة تأمين خروج جميع البريطانيين والمصريين من الخرطوم عن طريق خلق معبر آمن تجاه الأراضي المصرية.
أثناء استعداده للخروج من الخرطوم تفاجأ غوردون بتحالف قبائل الشمال السوداني مع الثورة المهدية. وبسبب ذلك، وجد الجنرال البريطاني نفسه محاصرا بالخرطوم. وبسبب الحصار، اتجه غوردون لتشييد دفاعات بالأسلاك الشائكة وتحصين الطابيات لمقارعة القوات المهدية. وبالتزامن مع ذلك، راسل غوردون قائد الثورة المهدية محمد أحمد عارضا عليه فكرة تسليم المدينة وسحب جميع القوات الأجنبية من الخرطوم.
على مدار فترة قاربت العام، تمكن غوردون من صد هجمات القوات المهدية. ومع تناقل الصحف البريطانية لأخبار نجاحاته العسكرية بالسودان، تحول الأخير لبطل في ناظر البريطانيين الذين طالبوا حكومتهم بالتحرك لمساعدته عن طريق إرسال فيالق عسكرية لفك الحصار عن الخرطوم. وأمام الضغط الجماهيري الكبير، وافقت الحكومة البريطانية على إرسال حملة عسكرية لمساعدة غوردون وفك الحصار عن الخرطوم.
إلى ذلك، جاء هذا القرار متأخرا. فيوم 26 يناير/جانفي 1885، دخلت القوات المهدية الخرطوم وأعدمت الجنرال غوردون الذي شغل بوقت سابق منصب الحاكم العام بالسودان.