saudialyoom
"تابع آخر الأخبار السعودية والعربية على موقع السعودية اليوم، المصدر الأمثل للمعلومات الدقيقة والموثوقة. انضم إلينا الآن!"

دار أقلام عربية للنشر،الأفكار هي الأشياء

78

أصدرت دار أقلام عربية للنشر والتوزيع كتاب برنتيس مالفورد «الأفكار هي الأشياء» بترجمة شيرين أشرف، وتنتمي فلسفة مالفورد إلى حركة روحانية معنية بشفاء العقل، ذات جذور ميتافيزيقية نشأت في الولايات المتحدة الأمريكية في مطلع القرن التاسع عشر، غالباً ما يشار إلى صانع الساعات والمعالج الأمريكي فينياس باكهوست كويمبي بوصفه مؤسسها وأول من نادى بالفكر الجديد، ومن ثم بسط نفوذه وتأثيره في معتقدات أنصاره ومؤلفاتهم.

عمل كويمبي في صناعة الساعات في بداية حياته، إلى أن تعرف إلى طرق العلاج بالتنويم المغناطيسي، وقوة العقل البشري، وقدرته على الشفاء من أي مرض، ومنذ ذلك الحين حدد مفاهيمه عن الشفاء الروحاني والذهني، وبدأ في ممارسة هذا العمل مرتكزاً على الرأي القائل بأن منشأ المرض الجسدي هو العقل.

يرجع العديد من السمات الجوهرية لحركة «الفكر الجديد» إلى الفلسفة المثالية خاصة فلسفة رالف والدو إمرسون المتعالية ومثالية أفلاطون في القرنين الرابع والخامس قبل الميلاد، التي تفترض أن عالم المثل أي الأفكار، أكثر واقعية من العالم المادي، وأن الطريقة المثلى للوصول إلى الحقيقة هي عن طريق العقل المجرد لا الحواس، وفلسفة سفيدنبورج وتحدديا وجهة نظره التي تقول إن العالم المادي هو إحدى النتائج التي لها مرد روحي، وكذلك مثالية هيجل المطلقة التي تقوم على اعتبار أن الوعي سابق للمادة، كما ترجع التعاليم الروحانية لدى بعض الديانات الشرقية.

صوت
تعددت معتقدات أتباع «الفكر الجديد» وصارت منتسبة إلى أفراد بعينهم، لذلك كان من الصعب ذكرها بإيجاز في نقاط محددة، إلا أنه في عام 1916 لخص دستور التحالف الدولي للفكر الجديد المبادئ الرئيسية والمعتقدات المتجذرة في هذه الحركة، وهي الإيمان العميق بقدسية الذات البشرية وقوتها، بما في ذلك قوة الفكر الإيجابي البناء، واتسام العقل البشري بالتفوق على كل الأوضاع والظروف المادية، وهكذا تصبح الحالة الذهنية التي تنتاب الشخص هي الواقع الذي يتجسد له في الحياة اليومية، ويتسنى له أن يستجيب لصوت الحضور الساكن فيه، الذي هو مصدر كل الإلهام والقوة والصحة والرخاء.

كان لمالفورد دور فعال في تطوير وصقل أفكار مدرسة «الفكر الجديد» من خلال توضيح العديد من المبادئ والمعتقدات الأساسية التي أصبحت من ثوابت هذه الحركة، لا سيما التفكير الإيجابي وقانون الجذب؛ إذ ناقش في مؤلفاته الأسس الصحيحة لهذين المبدئين بأسلوب مبسط وبشكل أعمق من التطبيقات البدائية التي اقترحها فينياس كريمبي لذلك أصبح من روادها الأوائل ومن الرموز المؤسسة لفلسفتها في أواخر القرن التاسع عشر.

وصف مالفورد بأنه «أغرب الرجال» وأنه «مفكر بطبيعته» استمد بصيرته بما يحيط الجنس البشري من غموض وأسرار بالتأمل، والخبرة المباشرة، وليس من الكتب، فهو رجل من الشمال الشرقي من الولايات، عاش حياة متسكعة مضطربة لا يجد عملاً يرضي شغفه، فاستجاب لنداء المحيط تاركاً اليابسة خلفه على متن سفينة تجارية وصولاً إلى الساحل الغربي، وحاول أن يخوض الحياة السياسية لكن محاولته باءت بالفشل، ثم انتهى به الحال إلى الصحافة.

ولد مالفورد في إبريل عام 1834 وقضى 16 عاماً في التنقيب عن الذهب، إلى أن ترك حياة التعدين، وفي ما بعد ازداد اهتمامه بالظواهر الروحانية والقوانين العقلية، واتخذت مقالاته بعداً فلسفياً يجسد شكلاً لا مثيل له من الحكمة والنظرة الثاقبة على المعضلات التي يواجهها الإنسان وكيفية التصدي لها باستخدام قواه الفردية الكامنة في العقل بأسلوب إبداعي شائق.

وتوفي مالفورد أثناء ذهابه في رحلة بحرية دون أن يصاب بأي مرض أو ألم في الثلاثين من مايو عام 1891 عن عمر يناهز ال57 عاماً، عثر على جثته ملقاة في زورق، ودفن في قبر بلا شاهد، ثم نقل رفاته إلى إحدى مناطق نيويورك؛ حيث وضع شاهد تذكاري على ضريحه منقوش عليه مرثية «الأفكار هي الأشياء».

ترمي المرثية إلى ذكر أهم معتقدات وقيم المتوفي فهي تمثل رابطة بين الأحياء والأموات، لكن هذه الحالة تردد مرثية مالفورد صوت الحكمة لديه، على مدار حياته المهنية ما برح مالفورد يوضح في كتاباته «قانون الجذب» بالإشارة إلى ما ينتجه العقل البشري باستمرار من أفكار يتجسد له في الواقع، بالتالي تصبح مجريات حياة المرء اليومية وكذلك ماهية علاقاته وتفاعلاته مع غيره هي نتاج أفكاره.

عمق
في العصر الحديث كما توضح المترجمة شيرين أشرف، فإن الدراسات تؤكد أن العقل البشري تنتابه ما لا يقل عن 60 ألف فكرة في اليوم، أغلبها أفكار سلبية، وتظل الأقلية هي الأفكار الإيجابية، ما يجعل الإنسان المعاصر يتخبط في هذه الأفكار السلبية التي يصعب عادة التخلص منها، بالتالي يفقد صحته البدنية والنفسية.

هكذا يبرهن مالفورد على عمق حكمته في كتاب «الأفكار هي الأشياء» الذي يضم 13 مقالا لديه ما يقوله من خلالها عن الفوارق الجوهرية بين العقل المادي والعقل الروحاني ومدى أهمية تحديد هذه الفوارق وعن ضرورة توخي الحذر من جودة الأفكار لما تظهره من تأثير في العلاقات الإنسانية بين أفراد العائلة والأصدقاء والأقران، وعن كيفية الإتيان بأفضل النتائج في كل مناحي الحياة من خلال حضور الذهن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.