أحدث البرامج والتقنيات القائمة على الذكاء الاصطناعي طفرة في العديد من المجالات والأعمال، لا سيما بعد ظهور برنامج (ChatGPT) الذي يشكل أول “روبوت” من نوعه يستطيع التفاهم مع الإنسان ويقوم بالمهام التي يطلبها منه البشر، ويستطيع إلى حد بعيد القيام بها بصورة سليمة دون أن يكون من السهل اكتشاف الأمر.
ورغم مرور شهور قليلة على ظهور البرنامج الشهير “ChatGPT” إلا أنه تبين بأنه أصبح الآن يقوم بالعديد من مهام الموظفين وخلال فترة زمنية قياسية، وهو ما يؤكد القلق الذي يتردد دوماً من أن يؤدي الذكاء الاصطناعي الى فقدان آلاف أو ربما ملايين البشر لوظائفهم في مختلف أنحاء العالم خلال السنوات المقبلة.
وبحسب تقرير نشرته جريدة “Daily Mail” البريطانية، فقد اعترف موظفون وعاملون في شركات كبرى بأن برنامج (ChatGPT) الذي يعتمد على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي هو الذي يقوم بأغلب المهام الوظيفية الموكلة اليهم في وظائفهم دون أن تعلم إدارات الشركات التي يعملون بها أن المهام يقوم البرنامج بإنجازها وليس الموظف.
واعترف الموظفون بأنهم يستخدمون روبوت الدردشة المدعوم بالذكاء الاصطناعي للعمل في وظائف متعددة بدوام كامل. ووصف موظفون أنفسهم بأنهم أصبحوا “عاطلين عن العمل” لأن البرنامج يسمح لهم بإكمال المهام والأعباء الوظيفية في نصف الوقت على الأقل.
وتتضمن معظم الوظائف التي يقومون بها قدراً كبيراً من الكتابة، مثل إنشاء مواد تسويقية، والتي أثبت روبوت المحادثة أنها بارعة بشكل ملحوظ.
والبرنامج الذكي “ChatGPT)” هو نموذج لغة كبير يقوم على نظام ذكاء اصطناعي تم تدريبه على كميات هائلة من البيانات النصية لتوليد استجابات شبيهة بالبشر لمطالبات معينة. وعندما تم إصداره مجاناً من قبل شركة (OpenAI) الناشئة في ديسمبر الماضي، فتحت أعين الجمهور على مدى قوة التكنولوجيا التي أصبحت عليها في السنوات الأخيرة.
وتم استخدام البرنامج الذكي بسرعة لاجتياز الاختبارات، وإلقاء الخطب، وكتابة البرامج، وإعداد المستندات القانونية وتقديم المشورة بشأن العلاقة، على سبيل المثال لا الحصر.
وأصبح مستخدمو البرنامج الذكي الخارق أكثر كفاءة، وأصبح بإمكانهم الآن استخدامه لخداع أصحاب العمل للاعتقاد بأن وظيفتهم تحظى باهتمامهم الكامل، بحسب ما جاء في التقرير.
وقال بن، وهو موظف يقول إنه أصبح أشبه بالشخص العاطل عن العمل إن الروبوت “ChatGPT)” يقوم بـ80%، من وظيفته. ويعمل بن في التسويق لشركات التكنولوجيا المالية.
ولم يتمكن بن، وهو من تورنتو في كندا، من الانضمام في السابق إلى مجتمع العمالة الزائدة، أو الذين يعملون في أكثر من وظيفة معاً، لأن وظيفته كانت متطلبة للغاية، ولكن عندما اكتشف (ChatGPT) تغيرت الأمور، حيث تمكن هو والعديد من زملائه الآخرين في عالم التسويق من استخدام الذكاء الاصطناعي للعثور على معلومات محددة بسرعة، أو إنشاء مواد مكتوبة لا يمكن تمييزها تقريباً عن تلك التي كتبها الإنسان.
وبعد أن أدى ذلك إلى تقليل الوقت المستغرق بشكل كبير لتجاوز عبء العمل، تساءل عما إذا كان بإمكانه الحصول على وظيفة أخرى والقيام بالمثل. وبالتأكيد، في وقت سابق من هذا العام، فعل ذلك بالضبط، حتى أنه استخدم الروبوت ذاته لكتابة الخطابات الخاصة به أثناء التقديم للوظيفة.
ويقول بن إن النص الذي يولده الروبوت سيحتاج عادة إلى بعض التعديلات الطفيفة، لأنه قد يخطئ في بعض الأحيان. وهذا العنصر هو ما يعتقد بعض العمال أنه سيمنعهم من فقدان وظائفهم أمام الذكاء الاصطناعي، حيث لا تزال خبرتهم ضرورية للتحقق مما تم إنشاؤه.
ويستخدم بن أيضاً الروبوت لكتابة رسائل لمديره، والتي حددها على أنها يجب أن تكون بأحرف صغيرة، بحيث تبدو وكأنها قد كتبها عامل مشغول.
وبحسب تقرير “Daily Mail” فان موظفاً آخر يستخدم الروبوت لتدوين اجتماعات العمل التي تجري على تطبيق “زووم” حتى لا يضطر إلى الانتباه والتركيز، ومن ثم يمكنه الاطلاع على الملاحظات لاحقاً.
وقال مهندس برمجيات إنه يحقق حالياً أكثر من 500 ألف دولار أميركي من خلال العمل في وظيفتين بمساعدة (ChatGPT)، حيث يساعده ذلك في كتابة التعليمات البرمجية ومذكرات العمل المتماسكة.
وقال العاملون في مجال التكنولوجيا أيضاً إنهم يستخدمون الذكاء الاصطناعي لكتابة رسائل بريد إلكتروني تبدو احترافية لأنهم “ربما لا يجيدون كتابة الأشياء مثل معظم الأشخاص الآخرين”.