ارتفعت أسعار النفط اليوم، الإثنين، بعد إعلان عدّة منتجين كبار أبرزهم السعودية وروسيا، أمس، الأحد، خفض الإنتاج بدءاً من أيار-مايو المقبل حتى نهاية 2023.
ويوازي إنتاج مجموعة أوبك+ نحو 40 بالمئة من إجمالي إنتاج النفط الخام في العالم، وتبلغ الكمية التي تم الإعلان عن خفضها بين الدول المشتركة نحو 1.66 مليون برميل يومياً.
والإثنين، ارتفعت أسعار خام برنت بنحو 5 بالمئة للبرميل ليبلغ 84 دولاراً أمريكياً، فيما ارتفعت أسعار خام غرب تكساس الوسيط 5.84 بالمئة ليبلغ 79.83 دولاراً للبرميل، في ارتفاع هو الأقسى منذ نحو عام للاثنين.
وشهد عملاقا الطاقة “شل” و”BP” ارتفاع أسعار أسهمهما بأكثر من 4 بالمئة.
زيادة الضغط على التضخم
يحذر خبراء واقتصاديون من أن ارتفاع أسعار النفط سيصعّب على الحكومات مهمة خفض تكاليف المعيشة وسط أزمة تضخم مقلقة يشهدها الغرب ولكن تضاءلت في الأسابيع الأخيرة.
وتقول أوبك+ إنها اتخذت هذه الإجراءات من أجل “استقرار الأسواق”.
ولكن هناك من يقول أيضاً إن الارتفاع الحالي في أسعار النفط لن يؤثر بصورة حتمية ومباشرة على فواتير الطاقة للمستهلك. المسألة بأية حال غير محسومة، إذ أن ذلك مرتبط بالأسعار في الأسابيع والشهور المقبلة.
ماذا يعني قرار أوبك+؟
اقتصادياً ومالياً
يرى خبراء أن مجموعة أوبك+ تحاول الحفاظ على سعر 80 دولار للبرميل عبر هذه الإجراءات وذلك على المدى المتوسط بينما قالت الخبيرة تينا تينغ لشبكة “سي إس بي سي” الأمريكية إن “أوبك+ تطمح في الحقيقة لبلوغ سعر البرميل 100 دولار”.
وقال محللو غولدمان ساكس الأحد إن الخطوة كانت مفاجئة ولكنها تتفق مع عقيدة أوبك+ الجديدة للعمل بشكل استباقي. ويمكن لأوبك بحسب هؤلاء اتخاذ هذا النوع من القرارات دون خسائر كبيرة في حصتها في السوق.
وكانت أسعار النفط ارتفعت مع غزو روسيا جارتها أوكرانيا في أواخر شباط-فبراير من العام الماضي ولكن الأسعار تراجعت مؤخراً إلى المستوى الذي كانت عليه قبل الحرب.
سياسياً واجتماعياً
كانت الولايات المتحدة دعت المنتجين مراراً إلى زيادة الإنتاج من أجل دفع أسعار الطاقة إلى الانخفاض. وقال جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي في نهاية الأسبوع الفائت: “لا نعتقد أن التخفيضات مستحسنة في هذه اللحظة بالنظر إلى ضبابية السوق”.
وعلى الرغم من تقلبات الأسعار في الأشهر الأخيرة، كانت هناك مخاوف من أن الطلب العالمي على النفط قد يفوق العرض، خاصة في نهاية العام.
ومن المحتمل أن تؤدي الزيادة في أسعار النفط بعد إعلان يوم الأحد إلى مزيد من الضغط على التضخم، ما يؤدي إلى تفاقم أزمة تكلفة المعيشة وزيادة مخاطر الركود.
ومن المرجح أيضاً أن يؤدي خفض الإنتاج إلى مزيد من التوتر في العلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية. وكان البيت الأبيض قد دعا المجموعة إلى زيادة الإمدادات لتهدئة الأسعار وفحص الأوضاع المالية الروسية.
ومع ذلك، فإن إعلان يوم الأحد يؤكد أيضاً على التعاون الوثيق بين الدول المنتجة للنفط وروسيا.
كيف سيريح القرار موسكو؟
أدّى قرار خفض الإنتاج إلى ارتفاع أسعار النفط بشكل سريع، لا سيما انه يندرج في إطار من الطلب القوي مع إعادة فتح الاقتصاد الصيني، أكبر مستورد عالمي للنفط.
وهذا الانتعاش في الأسعار يفيد بشكل خاص روسيا التي تحتاج إلى النفط لتمويل حربها المكلفة في أوكرانيا، كما يرى بيارن شيلدروب المحلّل لدى مصرف “إس آي بي”.
وما يزيد القرار أهمية هو أنّ موسكو تخضع للعديد من العقوبات الغربية رداً على غزوها أوكرانيا. وكان الهدف من هذه العقوبات تحديداً خفض عائدات روسيا من النفط.
ويقول الخبير في “إس آي بي” إنّ القرار يؤكد بالتالي أن “روسيا لا تزال جزءا لا يتجزّأ ومهمّاً” من مجموعة أوبك+.
كما يقوّي القرار بشكل إضافي العلاقات السعودية-الروسية التي لم تهزّها الحرب بل عززته، كما يلفت الخبراء الذين يراقبون هذه الجبهة المشتركة القوية في مواجهة الاضطرابات التي حصلت في الأشهر الماضية.