ما إن تطأ قدماك مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل على أرض الصياهد شمال العاصمة الرياض، حتى تدرك أنك دخلت إلى “عالم” فريد من نوعه، يجذبك منذ اللحظة الأولى ويحفر في ذاكرتك عميقاً، ليضيف إلى ذكرياتك معلومات ومشاهد لا تنسى عن عالم الإبل.
كل شيء يشير إلى المستوى العالي من التطور في تنظيم المهرجان وحسن اختيار المكان والزمان والفعاليات والأنشطة والمرافق، ويعكس الخبرة الكبيرة في تحويل فعالية محلية إلى حدث عالمي ينتظره محبو الإبل والزوار والسياح والمستثمرون، بعد أن تحول المهرجان خلال بضعة أعوام إلى وجهة ثقافية واقتصادية وترفيهية قلّ نظيرها في العالم تجمع بين المحافظة على الأصالة وبين الاتجاه الحضاري المعاصر، وتنشر الوعي والمعرفة بالإبل وثقافتها وارتباطها بالموروث السعودي، وتجتهد في تطوير اقتصاديات الإبل ومستقبلها وتعزيز الشراكات مع المنظمات الدولية ذات العلاقة ودعمها.
السياحة والنشاط التجاري
إدارة المهرجان عملت لازدهار السياحة والنشاط التجاري في المكان، فالخدمات عالية المستوى التي توفرها لم تقتصر على المشاركين بالمنافسات بل تعدتهم إلى استهداف العامة والزوار والسياح عبر توفير أنواع الفعاليات الثقافية والترفيهية وأفضل المطاعم وحتى الغرف الفندقية الفخمة، وتأمين وسائل النقل، ما جذب أعداداً متزايدة من الزوار من السعودية والخليج العربي وحتى من دول بعيدة تفصلها عن المملكة آلاف الكيلومترات.
ويؤكد مسؤولو نادي الإبل أن ما نشاهده اليوم من اهتمام عالمي وتوافد المشاركين والزوار من بقاع العالم يعكس حجم التطوير الذي حدث في المهرجان في دوراته المتتالية منذ إنشاء نادي الإبل عام 2017 تحت إشراف ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، إذ أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أمراً ملكياً بإنشاء نادٍ للإبل في ذلك العام “نظراً إلى ما تمثله الإبل من أهمية في تاريخنا، ولارتباطها بتراثنا وثقافتنا، ولأهمية رعاية الإبل والمهتمين بها من خلال رابطة تجمعهم”، كما أمر خادم الحرمين الشريفين بأن يكون ولي العهد مشرفاً عاماً على نادي الإبل، وجرى تشكيل مجلس إدارة النادي برئاسة الشيخ فهد بن فلاح بن حثلين.
قطاع الإبل وتنميته
وتركّز السعودية على العناية بقطاع الإبل وتنميته، وابتكار الفرص الاستثمارية المتعلقة بها وتطويرها، وترسيخ الاهتمام بالإبل بوصفها موروثاً أصيلاً، والتعاون في نشر هذه الثقافة ودعمها على مستوى العالم، ومواكبة رؤية المملكة العربية السعودية 2030 في تحقيق بعض مستهدفاتها المهمة في هذا الشأن.
ونظراً لما تمثله الإبل من أهمية في تاريخ السعودية، وما تحمله من إرث ثقافي متميز يشكّل مصدر اعتزاز للسعوديين، باشر نادي الإبل منذ تأسيسه إطلاق فعاليات لتثقيف المجتمع وتوضيح دوره في العناية بهذا القطاع ودعم الصناعات المتعلقة به بوصفها مصدراً اقتصادياً للسعودية والتعريف بفوائد الإبل الاقتصادية ومنافعها التنموية.
واهتم “نادي الإبل” برئاسة الشيخ فهد بن فلاح بن حثلين، بمساعدة رواد الأعمال في إيجاد فرصٍ اقتصادية وثقافية وتعليمية وسياحية وغيرها في هذا القطاع المتنامي، وتوفير المعلومات والخدمات والحوافز التي تدفعهم لاقتناص تلك الفرص واستثمارها بأفضل صورة ممكنة.
كما تتنوع الفرص الاقتصادية التي يمكن استثمارها في قطاع الإبل، ومنها المنتجعات الصحراوية، والأغذية، والرعاية الصحية البيطرية، وأدوات تزيين الإبل ومستلزماتها، والنقل، وتقنية المعلومات، وفعاليات الإبل، والتسويق.
التطور المستمر
ويعزو مهتمون النجاح في تحويل منافسات الإبل إلى مهرجان عالمي، إلى التطوير المستمر لفعاليات مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل عاماً بعد آخر، إذ عمل نادي الإبل على رصد رغبات المشاركين والزوار والاستفادة من الخبرات في تطوير الأنشطة وعمل اللجان، وخصص في النسخة الثالثة من المهرجان لجانًا للكشف عن العبث الذي يلجأ إليه بعض ملاك الإبل، وفرض عقوبات صارمة بحق المخالفين بالعبث، تتمثَّل في الاستبعاد من المشاركة، وحرمان المخالف وإبله من المشاركة بالنسخة الحالية والنسخ المقبلة، كذلك إحالة المخالف إلى الجهات المختصة لتطبيق العقوبات النظامية بحقه.
وفي النسخة التي تلتها تم إضافة مسابقتين جديدتين هما نخبة النخبة في جميع الألوان، إضافة إلى مسابقة الهجيج، وزيادة العدد في مسابقة الفحل وإنتاجه إلى 8 قعود و7 بكار، مع استحداث مسابقات عديدة للجماهير وهي مسابقة “القعود قعودك إذا طرحته”، وغيرها من المسابقات المتنوعة للجمهور.
النسخة الخامسة
وشهدت النسخة الخامسة استحداث لجنة مستقلة للون “المجاهيم”، وأخرى للون “المغاتير” في جميع فئاتها بسباقات المهرجان كافة.
وجرى في الدورة الماضية إقامة شوط مفتوح للنساء، وآخر دولي، ومسابقة الشداد وإنشاء لجنة الاستئناف؛ تحقيقًا للعدالة والشفافية.
وتتميّز النسخة الحالية من المهرجان باستحداث مجموعة من المستجدات كتعديل عدد المتون المشاركة في فئات سيف الملك وشلفا ولي العهد، واستحداث شوط جديد باسم شوط البداوة، وإطلاق الخدمات المشتركة لملاك الإبل؛ بهدف جمع اللجان في مكان واحد، إضافةً إلى اعتماد آلية جديدة لاحتساب نقاط الهجيج؛ بهدف رفع التنافسية بين الملاك، وزيادة الحراك الاقتصادي في أسواق الإبل، فضلًا عن مناقشة عدد من النقاط التطويرية والتحسينية للفئات بمختلف ألوانها خلال مسابقات المهرجان.