saudialyoom
"تابع آخر الأخبار السعودية والعربية على موقع السعودية اليوم، المصدر الأمثل للمعلومات الدقيقة والموثوقة. انضم إلينا الآن!"

التقارب السعودي الروسي: هامش مناورة… أم عمق استراتيجي؟

53

مينا – شهدت العلاقات السعودية-الروسية حالات مد وجزر، لكنها لم تشهد تطورا أو تحسنا ملحوظاً ‏خلال أكثر من ربع قرن عقب انهيار الاتحاد السوفيتي، رغم وجود زيارات متبادلة على مستوى عال ‏بين البلدين.‏

ويمثل لقاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بالزعيم الروسي، فلاديمير بوتين، في عام 2015، ‏على هامش منتدى سانت بطرسبورغ الاقتصادي، نقطة تحول في علاقات البلدين، إذ اتفق ‏الطرفان على فتح صفحة جديدة في علاقاتهما شملت العديد من الملفات، وتبع ذلك توقيع عدد ‏من الاتفاقيات شملت مجالات مختلفة لعل أبرزها في مجال الطاقة النووية، وتفعيل عمل اللجنة ‏المشتركة للتعاون العسكري.‏

وجاء هذا التقارب مدفوعا بفتور العلاقات السعودية مع الغرب، على خلفية توقيع الاتفاق ‏النووي مع إيران عام 2015، وهي التي تراها السعودية خصما تقليديا، واعتبرت الرياض أن ‏الاتفاق أدى إلى إطلاق يد إيران لزيادة أنشطتها وتعزيز نفوذها الإقليمي، خاصة بعد الإعلان عن ‏الانسحاب الأمريكي من العراق، ما سمح بإطلاق يد إيران في هذا البلد، وجعل خطرها قائما على ‏الحدود السعودية مباشرة.‏

وعززت زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز إلى روسيا في عام 2017 متانة الروابط بين البلدين، ‏لتشكل انعطافة تاريخية إذ كانت هي الأولى لملك سعودي إلى روسيا، وتمخضت عن توقيع ‏اتفاقيات تعاون بين الطرفين، أهمها اتفاقية لتصنيع بعض الأسلحة الروسية في السعودية، وفي ‏العام الماضي، وصل التعاون العسكري بين البلدين مرحلة مهمة بإبرام اتفاق بينهما يهدف إلى ‏تطوير مجالات هذا التعاون، وفق ما أكده نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، ‏على هامش معرض المنتدى العسكري التقني الدولي “آرمي 2021”.‏

وفي موازاة هذا التعاون العسكري، كانت العلاقات الاقتصادية بين البلدين تنمو بنسق تصاعدي ‏أيضا، وقد تُوجت بإقامة ما يعرف بمنظمة أوبك بلاس، ويعتبر التنسيق في ملف الطاقة أكبر ‏مجالات التعاون المشترك بينهما، وتخللته محطات مهمة بينها اتفاقهما على خفض إنتاج النفط في ‏عام 2016، بعد انخفاض أسعاره، كما أكد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عام 2019 أن تعاون ‏روسيا ضروري لتحقيق الاستقرار في سوق الطاقة.‏

وجاءت الحرب الأوكرانية لتعزز من هذا التعاون وزادت أهمية التنسيق بن الجانبين في هذا ‏المجال بعد اضطراب سوق الطاقة وارتفاع أسعار النفط والغاز إلى مستويات غير مسبوقة، وأثمر ‏هذا التعاون ارتفاعا بسعر النفط، بعد فرض الدول الغربية عقوبات واسعة على روسيا.‏

وفي مقابل توقف الاتصالات بين الزعماء الغربيين والرئيس بوتين الذي تعرضت بلاده لأقسى ‏عقوبات يمكن ان تفرض على بلد ما، فإن الاتصالات واللقاءات بين المسؤولين الروس ونظرائهم ‏السعوديين، وعلى رأسهم ولي العهد محمد بن سلمان استمرت بوتيرة أعلى، وجرى أكثر من اتصال ‏بينه وبين بوتين كان آخرها في الحادي والعشرين من يوليو/ تموز الماضي.‏
إن التقارب مع موسكو، يمنح الرياض هامشا كبيرا للمناورة السياسية، ويحقق لها التوازن في ‏علاقاتها الخارجية بدلا من الرهان على بلد واحد أو أطراف تسعى لتحقيق مصالحها ببراغماتية ‏واضحة. ‏

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.