رسائل عدة تضمنتها تصريحات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات خلال استقباله فريق عمل مهمة الإمارات لاستكشاف القمر.
رسائل تكشف رؤية ملهمة لقائد يملك طموحات لا حدود لها للنهوض ببلاده وتنميتها وتعزيز ريادتها، وتسخير إنجازاتها للإسهام في مسيرة التقدم العلمي للإنسانية، بما يسهم في بناء مستقبل أفضل للعرب والبشرية جمعاء.
يأتي استقبال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة لفريق عمل مهمة الإمارات لاستكشاف القمر، التي تعد المهمة العربية العلمية الأولى من نوعها، بالتزامن مع استقبال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي لفريق عمل المهمة مع اقترابه من إنجاز مهمته في تطوير وإطلاق أول مستكشف عربي يهبط على سطح القمر خلال الأشهر القادمة.
إنجازات تتوالى
يأتي الاستقبال بعد نحو أسبوعين من فوز دولة الإمارات برئاسة لجنة الأمم المتحدة للاستخدام السلمي للفضاء الخارجي “كوبوس”، أحد أكبر اللجان في الأمم المتحدة، والتي تضم في عضويتها 100 دولة، وذلك في إنجاز جديد للدبلوماسية الإماراتية يعكس نجاح سياستها الخارجية.
وسيتولى عمران أنور شرف، مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ منصب رئيس لجنة الأمم المتحدة للاستخدام السلمي للفضاء الخارجي “كوبوس”.
وبحسب النظام المعمول به في المؤسسة الأممية، تستمر رئاسة دولة الإمارات للجنة الأمم المتحدة للاستخدام السلمي للفضاء الخارجي “كوبوس”، التي تأسست لأول مرة العام 1959، وتتبع مكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي، لمدة عامين 2022-2023.
أيضا يأتي الإنجاز المرتقب بإرسال أول مستكشف عربي للقمر في وقت يواصل فيه “مسبار الأمل” الإماراتي، أول مسبار عربي وإسلامي يصل إلى مدار كوكب المريخ، مهمته العلمية لجمع معلومات وبيانات لم تتوصل إليها البشرية من قبل.
ويواصل مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ “مسبار الأمل ” إدهاش العالم وإثراء المعرفة البشرية بما يحققه من إنجازات غير مسبوقة حول الكوكب الأحمر.
ونجح المسبار في أبريل/نيسان الماضي في رصد ظاهرة فريدة لم يسبق رؤيتها أطلق عليها فريق العمل اسم “الشفق المنفصل المتعرج” والتي تفتح آفاقا جديدة للتعمق بدراسة بيئة البلازما ذات الديناميكية العالية في المريخ.
وقدم “مسبار الأمل” منذ وصوله إلى مدار كوكب المريخ في 9 فبراير/شباط 2021 مساهمات علمية غير مسبوقة ومعلومات هي الأولى من نوعها حول الغلاف الجوي للكوكب الأحمر في أوقات مختلفة.
كما يأتي الإنجاز المرتقب بعد نحو 8 أشهر من إعلان دولة الإمارات، 5 أكتوبر الماضي، عن مهمة جديدة في مجال الفضاء تتضمن بناء مركبة فضائية إماراتية تقطع رحلة مقدارها 3.6 مليار كيلومتر تصل خلالها كوكب الزهرة و7 كويكبات ضمن المجموعة الشمسية وتنفذ هبوطاً تاريخياً على آخر كويكب ضمن رحلتها التي تستمر 5 سنوات.
هبوط تاريخي سيكون الأول عربيا على كويكب يبعد عن الأرض 560 مليون كيلومتر، لتكون دولة الإمارات أول دولة عربية ورابع دولة عالمياً ترسل مهمة فضائية لكوكب الزهرة وحزام الكويكبات في المجموعة الشمسية.
ويتضمن المشروع الفضائي الجديد إرسال مركبة فضائية لاستكشاف كوكب الزهرة وحزام الكويكبات داخل المجموعة الشمسية، وسيستغرق تطوير المركبة 7 سنوات، على أن تكون جاهزة للانطلاق في رحلته الفضائية، ضمن نافذة إطلاق تحدد لها بداية 2028.
الأسرع نموا
إنجازات تتوالى لترسخ مكانة دولة الإمارات كواحدة من أسرع دول العالم نمواً في مجال استكشاف الفضاء. كما تعزز تلك الإنجازات العلمية غير المسبوقة موقع دولة الإمارات مرجعاً معرفياً دولياً في علوم الفضاء، ومختبراً مفتوحاً لبرامجه ومشاريعه وتقنياته المتقدمة، ومركزاً عالمياً للبيانات والمعلومات التخصصية يوفر حصيلة مهامها الفضائية ونتاجها المعرفي في هذا قطاع الفضاء الحيوي لمستقبل الإنسانية ويضعه في خدمة المجتمع العلمي العالمي.
وتكتسب تلك الإنجازات أهمية خاصة تتجاوز الفوائد التي ستتحقق منها إلى كونها، قامت بتحفيز وتشجيع العرب على تحقيق نقلة نوعية في اهتماماتهم وإطلاق العنان لطموحاتهم للتفوق في مجال ظل لعقود حكرا على الدول المتقدمة.
وضح ذلك جليا في الرسائل التي وجهتها القيادة الإماراتية خلال استقبال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات لفريق عمل مهمة الإمارات لاستكشاف القمر واطلاعه على تفاصيلها ومستجداتها، وذلك بالتزامن مع استقبال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي لفريق عمل المهمة التي تعد الأولى من نوعها على المستوى العربي.
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، خلال استقباله في قصر البحر لفريق عمل المهمة ، أن ثقته بقدرة شباب الوطن للوصول لآفاق علمية جديدة تعزز ريادة دولة الإمارات في مجالات الفضاء.
وقال إن مهمة دولة الإمارات لاستكشاف القمر تؤكد أننا نسير بخطى واثقة نحو الأمام في مجال الفضاء، وأن الإنجاز التاريخي بإرسال “مسبار الأمل” إلى المريخ لن يكون الإنجاز الإماراتي الوحيد أو الأخير، لأن طموحاتنا في هذا المجال ليس لها حدود.
وأضاف أن دولة الإمارات من خلال سعيها إلى استكشاف القمر، تؤكد إيمانها بالعلم طريقا للنهضة والتنمية، وتعزز موقعها ضمن الدول الرائدة في علوم الفضاء على المستوى العالمي، وتقدم خدمات جليلة للبشرية، وترسل رسالة إيجابية من المنطقة العربية إلى العالم بقدرة العرب على الانخراط الفاعل في مسيرة العلوم الحديثة، والمنافسة في مضمار التقدم العالمي في واحد من أدق مجالاته وأعقدها وهو مجال الفضاء.
وقال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إن الكوادر الإماراتية العاملة في برامج الفضاء، تبعث على الفخر، هي وغيرها من كوادرنا الوطنية في المجالات الحيوية الأخرى، التي تعد ثروتنا الحقيقية، ومصدر إلهام لغيرها في كل مجالات العمل الوطني، ورهاننا الأساسي لتحقيق كل تطلعاتنا وأهدافنا التنموية خلال العقود المقبلة، ولذلك فإنها تلقى كل دعم وتشجيع ورعاية لمواصلة تميزها وكتابة التاريخ الإماراتي والعربي في مجال الفضاء.
كما استقبل الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم فريق عمل مهمة الإمارات لاستكشاف القمر التي تعد المهمة العربية العلمية الأولى من نوعها.
ووقع على جزء من أجزاء المركبة التي تحمل اسم “مستكشف راشد” والمطور من قبل فريق من المهندسين والخبراء والباحثين الإماراتيين في مركز محمد بن راشد للفضاء.
وعبر الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عن فخره بشباب الوطن وطاقاته وعلمائه الذين يحملون مسؤولية تحقيق طموح الإمارات في قطاع الفضاء، وقال: “فخورون بشبابنا وطاقاتنا وعلمائنا.. والمراحل المقبلة في قطاع الفضاء الإماراتي ستكون عالمية واعدة”.
وأكد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أن مهمة دولة الإمارات لاستكشاف القمر تشكّل مرحلة جديدة تؤسس للمزيد من النجاحات العملية ضمن مساعي دولة الإمارات وجهودها لتعزيز حضورها في مجال الفضاء، مشيرا إلى “أن هبوط مركبة الإمارات لاستكشاف القمر على سطح القمر محطة جديدة ننطلق معها إلى إنجازات عملية أكبر”.
قصة إنجاز
وكان الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أعلن في 29 سبتمبر/أيلول 2020 إطلاق مشروع الإمارات لاستكشاف القمر، أول مهمة عربية علمية لاستكشاف القمر، في سابقة تدعم جهود دولة الإمارات في الارتقاء بقطاع الصناعات الفضائية في المنطقة وتطويره وتمكينه للمساهمة في صناعة المستقبل بعقول وسواعد إماراتية مبتكرة.
ويشمل المشروع تطوير وإطلاق أول مستكشف إماراتي وعربي للقمر تحت اسم “راشد”، على اسم المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، باني دبي الحديثة.
وتشمل مهام القمر التقاط مجموعة كبيرة من الصور والبيانات التي تعد الأولى من نوعها في مناطق تستكشف لأول مرة وتشمل منطقة “ماري فريغوريس”، وتحديداً منطقة “فوهة أطلس”.
وسيتم خلال المهمة استخدام مجموعة من أحدث التقنيات والأجهزة المبتكرة، إضافة إلى أنظمة الاستشعار والاتصال، في حين يتميز المستكشف بقدرته على مقاومة الانخفاض في درجات الحرارة على سطح القمر، والتي تصل إلى 173 درجة مئوية تحت الصفر.
ويشكّل المشروع خطوة جديدة ضمن مساعي دولة الإمارات وجهودها لتعزيز حضورها المتنامي في قطاع الفضاء، وانطلاقاً من أهمية القمر وقربه من كوكب الأرض، حيث قامت العديد من الدول سابقاً في إطلاق مهمات علمية إلى سطحه، بما فيها الولايات المتحدة وروسيا والصين، واليوم تقود كل من الهند واليابان مهمات علمية مختلفة لدراسة سطح القمر واستكشاف بياناته.
وتجسد الخطوة طموحات دولة الإمارات في مجال الفضاء حيث تستهدف المهمة الأولى من نوعها في العالم العربي الوصول إلى البيانات والصور والمعلومات التي تخولها من إجراء دراسة شاملة ومتكاملة لكيفية بناء المستوطنات البشرية على سطح القمر في وقت لاحق، والاستعداد للمهام المستقبلية التي تعتزم دولة الإمارات العربية المتحدة إطلاقها نحو الكوكب الأحمر.
كما تجسد هذه المهمة رؤية دولة الإمارات في تعزيز مكانتها العالمية ضمن مجال الفضاء، وترسيخ قدرتها على تأدية دور إيجابي في البحوث العلمية والاستكشافات الدولية المتصلة في هذا المجال، بما في ذلك توفير إجابات عن العديد من الأسئلة الرئيسية حول النظام الشمسي والكواكب المحيطة بكوكب الأرض وغيرها.
ومن خلال مهمة الإمارات لاستكشاف المريخ، تعتزم دولة الإمارات دراسة البلازما على سطح القمر، والتقاط صوراً عالية الدقة للتضاريس واختبار تقنيات جديدة للملاحة، والاتصالات، والروبوتات، والتنقل، في حين سيوفر المستكشف “راشد” حوالي 10 جيجا بايت من المواد المسجلة والبيانات العلمية والصور الحديثة والجديدة، ذات القيمة العالية والتي ستقدم للمجتمع العلمي العالمي.
وسيقوم المستكشف خلال مهمته الاستكشافية الأولى عبر استخدام الأجهزة والتقنيات النوعية، بدراسة العديد من الظواهر عبر استخراج مجموعة من البيانات وتحليلها بشكل علمي وموثق، حيث سيعمل الفريق الفني والتقني المسؤول عن المهمة على اجتياز التحديات والصعوبات المحتملة، والتي تشمل صعوبة الهبوط على سطح القمر، في ظل البيئة القاسية التي ينفرد فيها هذا الكوكب، وهو ما قد يؤثر على نجاح المستكشِف في عمليته العلمية والبحثية.