توفيت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت، عن 84 عاما، أول امرأة أمريكية تشغل هذا المنصب بعد صراع مع مرض السرطان.
ولدت مادلين كوربل أولبرايت في براغ عاصمة تشيكوسلوفاكيا فى 15 مايو/ أيار 1937، وفقا لصحيفة “واشنطن بوست”.
كان والدها جوزيف كوربل موظفاً في الحكومة التشيكية في براغ، وبعد غزو النازية لتشيكوسلوفاكيا عام 1939، فر مع عائلته إلى لندن واستمر في العمل مع الحكومة التشيكية في المنفى حيث عمل في هيئة الإذاعة البريطانية الموجهة للتشيك.
بعد الحرب، عاد إلى وطنه وعمل سفيراً وأصبح فيما بعد مندوباً للأمم المتحدة للمساعدة في التوسط بين باكستان والهند حول كشمير.
ثم تقدم بطلب لجوء سياسي له ولزوجته وأطفالهما الثلاثة إلى الولايات المتحدة حيث حصل على منحة لتدريس السياسة في مدينة دنفر بوللاية كولورادو.
التحقت أولبرايت بجامعة ويليسلي النسائية الخاصة في ماساتشوستس لدراسة العلوم السياسية، وهي ذات الجامعة التي درست فيها هيلاري كلينتون لاحقاً. وحصلت ألبرايت على درجة الدكتوراه عام 1975. وعملت أستاذة للعلاقات الدولية في جامعة جورج تاون.
خلال فترة الدراسة الجامعية أصبحت أولبرايت، التي كانت تتحدث أربع لغات، انضمت إلى الحزب الديمقراطي والتقت خلالها بزوجها المستقبلي جوزيف ميديل باترسون أولبرايت، ابن أسرة أمريكية شهيرة في مجال النشر.
بدأت أولبرايت مسيرتها في مضمار السياسة في أواخر الستينيات، عندما عملت مع سيناتور ولاية ماين إد موسكي حيث ساعدته أولاً في جمع التبرعات لخوض الانتخابات الرئاسية ثم كمساعد تشريعي له.
ثم التحقت بعد ذلك بالعمل مع زبيجنيو بريجنسكي، أستاذها الجامعي السابق في كولومبيا ومستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس جيمي كارتر، الذي عينها في وظيفة الاتصال بمجلس الشيوخ.
عقب انتخاب الرئيس الديمقراطي بيل كلينتون عام 1992 رئيسا للولايات المتحدة طلب من أولبرايت المشاركة في الإدارة الانتقالية قبل أن يعرض عليها منصب سفيرة أمريكا لدى الأمم المتحدة.
وعقب فوز كلينتون بولاية ثانية رشحها لمنصب وزيرة للخارجية، لتصبح أول امرأة تتولى هذا المنصب.
وتحولت ألبرايت إلى واجهة للسياسة الخارجية للولايات المتحدة في العقد بين نهاية الحرب الباردة والحرب على الإرهاب التي بدأت عقب هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001، وهي الحقبة التي بشر بها الرئيس جورج بوش باعتبارها “نظاما عالميا جديدا”.
أثناء توليها الخارجية دعت أولبرايت إلى زيادة نفوذ حلف شمالي الأطلسي (الناتو) وساعدت في التوسط في مفاوضات السلام الإسرائيلية الفلسطينية.
كما شاركت بشكل كبير في المفاوضات التي فشلت في النهاية مع كوريا الشمالية بهدف الحد من طموحاتها النووية.
في عام 2000 كانت أعلى مسؤولة أمريكية تزور كوريا الشمالية وتلتقي بزعيمها كيم جونغ إيل.
وكانت ألبرايت تعتقد أنه لا ينبغي الاعتماد على الولايات المتحدة لتكون حارسًا عالميًا وحيدًا، بل طالبت بتشكيل ما وصفته بـ “التعددية الحازمة”.
وسعت في الأمم المتحدة ووزارة الخارجية – ليس دائمًا بنجاح – من أجل استخدام قوات متعددة الجنسيات لردع جيل جديد من الطغاة، من هايتي إلى رواندا إلى البلقان.
طوال حياتها المهنية، اشتهرت أولبرايت بارتداء دبابيس أو دبابيس زينة لنقل رسائل سياستها الخارجية. عندما اكتشفت أن الروس شنوات هجوما سيبرانيا على وزارة الخارجية، كانت ترتدي دبوسًا كبيرًا على هيئة خنفسة عندما التقت بهم في المرة التالية.
وعندما وصفها صدام حسين أولبرايت بأنها “حية لا مثيل لها”، ارتدت خلال لقائها مسؤولين عراقيين دبوسا على شكل أفعى، وكانت حينها تتولى منصب المندوب الدائم لبلادها في الأمم المتحدة.
أما الدبوس على شكل نحلة فارتدته أثناء اجتماع لها مع الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات في عام 1999، الذي عكس مثابرتها لساعات طوال لإقناع عرفات بأهمية التوصل لحلول سلمية.
ووفقا لموقع ريد ماي بنز كانت “الدبابيس تعكس” مزاج أولبرايت.
كذلك عندما التقت في أول يوم من محادثات مع مسؤولين روس بشأن الأسلحة النووية، سألها وزير الخارجية الروسي حينها، إيجور إيفانوف، مشيرا إلى دبوس كانت ترتديه مثل السهم: “هل هذا واحد من صواريخكم المعترضة؟”، وردت أولبرايت مجيبة: “أجل، وكما ترى يمكننا أن نصنعها بحجم صغير للغاية، لذا من الأفضل أن تكون جاهزا للتفاوض”.