حرك بيان وزارة الخارجية اللبنانية عن الأزمة الأوكرانية بلبلة سياسية في الداخل اللبناني، في مقابل استغراب روسي وترحيب أوروبي.
وأدانت وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية اجتياح روسيا الأراضي الأوكرانية، داعية موسكو إلى “وقف العمليات العسكرية فوراً وسحب قواتها، والعودة إلى منطق الحوار”.
وشهد اجتماع مجلس الوزراء الذي عقد الجمعة في القصر الرئاسي، سجالاً بين وزير الخارجية عبدالله بو حبيب ووزير العمل وممثل “حزب الله” الإرهابي في الحكومة مصطفى بيرم، الذي تساءل عن السبب الذي دفع لبنان إلى إصدار مثل هذا البيان، “خصوصاً أنه يناقض المساعي التي تدعي الحكومة اللبنانية أنها تبذلها في رفض التدخل بشؤون الدول”، حسب قوله.
مبادرة فرنسا وألمانيا
لكن في المقابل، رحّبت العواصم الأوروبية بمضامين البيان اللبناني، حيث زار سفيرا فرنسا وألمانيا لدى لبنان، وزير الخارجية والمغتربين، لشكر لبنان على البيان والموقف الصادر عن الأزمة الأوكرانية-الروسية، وتمنيا استمرار بيروت على موقفها هذا.
كما طلب السفيران مشاركة لبنان في تبني القرار المقدّم أمام مجلس الأمن حول الأزمة والتصويت عليه في الجمعية العامة لاحقاً.
وأبلغ بوحبيب السفيرين أن “موقف لبنان ثابت ونابع من حرصه على الالتزام بمبادئ الشرعية الدولية والقانون الدولي التي تشكل الضمانة الأساسية لحماية السلم والانتظام الدوليين وسلامة أراضي الدول الصغيرة”.
كما أبلغ الوزير، السفيرين الألماني والفرنسي “امتناع لبنان عن المشاركة في تبني القرار المقدم أمام مجلس الأمن، وأنه سيتم دراسة الموقف اللبناني لناحية التصويت في حال إحالة القرار إلى الجمعية العامة، بالتشاور مع المجموعة العربية”.
وفي هذا السياق، أضاف بوحبيب أن “الموقف اللبناني ليس موجهاً ضدّ روسيا الاتحادية أو أي دولة أخرى صديقة، وإنما موقف مبدئي وراسخ اتخذه وسيتخذه لبنان في كلّ أزمة مشابهة”.
وأشار بو حبيب إلى أنه التقى أمس سفير روسيا الاتحادية لدى لبنان، وأبلغه أن لبنان بصدد إصدار بيان إدانة للعملية العسكرية الروسية، وأن “هذا الموقف غير موجّه ضدّ دولته ولا يرغب لبنان في أن يؤثر على العلاقة الثنائية الوطيدة”.
رد روسيا
بدورها، ردت سفارة روسيا الاتحادية في لبنان، وقالت إن “بيان وزارة الخارجية اللبنانية أثار الدهشة لدينا لمخالفتها سياسة النأي بالنفس واتخاذها طرفاً ضدّ طرف آخر في هذه الأحداث، علماً أنّ روسيا لم توفر جهداً في المساهمة بنهوض واستقرار الجمهورية اللبنانية”.
وأعلنت السفارة في البيان أنّ “أساس سياسة روسيا الاتحادية ليست سياسة التعدي على المصالح الأوكرانية بل حفظ الأمن القومي الروسي بفعل التهديدات التي شكلها نظام كييف بعد تنصله من تنفيذ العديد من الاتفاقيات ولاسيما اتفاقيات مينسك”.
وتابعت: “إضافة إلى أنّ روسيا لم تشنّ حرباً بل هي عملية خاصة تهدف إلى حماية مواطنين روس وبناء على طلب جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك بعد اعتراف رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين باستقلالهما”.
وختمت: “نؤكّد أنّ روسيا تسعى دوماً لإرساء السلام وتعزيز الأمن ومحاربة كلّ الأشكال العدائية وأن يكون لكلّ دولة الحق في حماية أمنها القومي بما في ذلك حماية مواطنيها”.