انطلقت الأربعاء أعمال قمة مستقبل الغذاء والمعرض العالمي للتقنيات الزراعية والابتكار بمركز دبي للمعارض في موقع إكسبو 2020 دبي.
وتواكب قمة مستقبل الغذاء والمعرض العالمي للتقنيات الزراعية والابتكار، رؤية دولة الإمارات الداعمة لمسيرة الابتكار والتقدم في القطاع.
وتشهد القمة، التي تستمر ليومين وتوحد الجهود العالمية لتحقيق مستقبل آمن للغذاء، حضورًا بارزًا لعدد من الوزراء وصناع القرار وكبار الشخصيات من الأمم المتحدة والبنك الدولي، وغيرهم من الشركاء العالميين الرئيسيين.
منتدى قادة العالم
تتألف القمة من عدة محاورٍ رئيسية، بما في ذلك منتدى قادة العالم الذي يجمع وفوداً وزارية دولية وعدداً من كبار المسؤولين التنفيذيين في منظمات غير ربحية من جميع أنحاء العالم، لاستكشاف واستشراف حلول لتعزيز الأمن الغذائي العالمي.
وفي كلمتها الافتتاحية، قالت مريم بنت محمد المهيري، وزيرة التغير المناخي والبيئة بدولة الإمارات العربية المتحدة: للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، نجتمع معًا لبدء حوار على جميع المستويات لتسريع التحول العالمي نحو أنظمة الغذاء المستدام.
وأضافت: على مدار اليومين المقبلين، سنستكشف حلولًا جديدة لتحديات الأمن الغذائي الأكثر إلحاحًا التي يواجهها العالم، والبحث في آليات تعزيز تعاوننا كمجتمع عالمي واحد لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030.
واستعرضت المهيري النموذج الرائد لدولة الإمارات لتعزيز الأمن الغذائي وتوجهاتها المستقبلية الطموحة التي تهدف إلى تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتمكين ابتكارات التكنولوجيا الزراعية التي ستشكل مستقبل الغذاء.
وبدوره، أكد بان كي مون، الأمين العام الثامن للأمم المتحدة، على ضرورة اتخاذ الإجراءات المناسبة لمكافحة التغير المناخي وتطوير وسائل الإنتاج الزراعي واعتماد سبل العيش المستدامة، حيث يواجه العالم ارتفاعاً متوقعاً في الطلب العالمي على الغذاء بنسبة 50% بحلول عام 2050.
وأطلع بان كي مون، الشريك المؤسس لمركز بان كي مون للمواطنة العالمية، الذي يتخذ من فيينا مقرًا له، الوفود المشاركة- في كلمة ألقاها عبر الإنترنت خلال المنتدى- على الدور المحوري للإنتاج الغذائي في إيجاد الحلول لمشاكل الجوع والفقر والتنوع البيولوجي والتغير المناخي، وحذّر من إمكانية تراجع المحاصيل الزراعية بنسبة 30% في حال عدم اتخاذ الإجراءات الضرورية في الوقت المناسب.
وأوضح بانكي مون: من الضروري دعم صغار المزارعين أكثر من أي وقت مضى، بشكلٍ يواكب النمو السكاني المتزايد وزيادة الطلب على الغذاء، مع السعي لتعزيز استدامة الأنظمة الغذائية ومرونتها، إذ يتلقى صغار المزارعين في العالم حالياً 1.7% من إجمالي التمويل المتعلق بالظروف المناخية.
وفيما يحتاج هؤلاء المزارعون إلى ما يقدر بنحو 240 مليار دولار أمريكي سنوياً من الدعم المالي، حصلوا على 10 مليارات دولار أمريكي فقط في عام 2018، ما يشير إلى ضرورة تكريس منهجية تتمحور حول الإنسان في المنظومات الغذائية وحلول التغير المناخي.
ومن جانب آخر، شارك عدد من أبرز القادة العالميين وصنّاع السياسات، بمن فيهم مارتين فان نيوكوب، مدير قطاع الممارسات العالمية للزراعة والغذاء في البنك الدولي؛ وإسماعيل رويج، المدير الإقليمي لمناطق أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا لدى شركة آرتشر دانييلز ميدلاند، في جلسة حوار بعنوان الغذاء الجيد للجميع – دور الغذاء كحلقة وصلٍ بين الصحة والمناخ، والتي سلطت الضوء على الصلة الأساسية بين التغير المناخي والصحة وتأثيرها على الأمن الغذائي.
وبدوره، قال مارتين فان نيوكوب، مدير قطاع الممارسات العالمية للزراعة والغذاء في البنك الدولي: تحتاج الحكومات إلى إعادة النظر في سياساتها بشكل جذري واتخاذ خطوات فاعلة في مجال الغذاء، لا سيما وأن عدد سكان العالم سيزيد بنحو ملياري شخص بحلول عام 2050. فيما يواجه نظام الغذاء العالمي تفاقم مجموعة من التحديات الملحّة مثل التغير المناخي وانعدام الأمن الغذائي والجوع، بالإضافة إلى هدر ثلث إجمالي الإنتاج الزراعي كل عام، أي ما يعادل أكثر من تريليون دولار أمريكي سنوياً.
وتابع: لا بد من تضافر الجهود لمعالجة إنتاج الأغذية وهدرها بهدف تقليل الانبعاثات والحد من آثار الاحتباس الحراري وتحسين الأمن الغذائي للجميع. وفي هذا السياق، من الضروري أن تتبنى الحكومات نهج عمل جديد ومبتكر وأنظمة غذائية عالمية تدعم البيئة والأفراد والاقتصادات للمضي قدماً.
ومن جانبه، قال إسماعيل رويج، المدير الإقليمي لمناطق أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا لدى شركة آرتشر دانييلز ميدلاند الرائدة عالمياً في مجال معالجة الأغذية وتداول السلع: يشهد العالم اليوم تحدياً كبيراً وثغرة متفاقمة في مجال توريد الأغذية، حيث تُعتبر الدول الغربية مصدراً فائضاً للسلع، بما في ذلك ما يتراوح بين 300 إلى 400 مليون طن من النباتات المعمرة مثل الحبوب والبذور الزيتية.
فيما تشكل مناطق الشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا المستورد الرئيسي للسلع. وتزداد هذه الثغرة في ظل غياب مصدر جديد للإنتاج، بمعزل عن المنتجين الكبار الحاليين، لتحقيق علامة فارقة في هذه المعادلة.
وأضاف: لذلك نحتاج اليوم إلى ابتكار سبل جديدة لضمان إنشاء المزيد من مراكز الإنتاج حول العالم، وحل مسألة المحاصيل المعمرة، وغير المعمرة مثل الفواكه والخضروات. وتمثل الطفرة الزراعية المحلية في دبي والإمارات العربية المتحدة مثالاً يُحتذى بشأن المزايا التنافسية التي يمكن تحقيقها من خلال إنتاج المزيد من المواد الغذائية محلياً مع استكشاف المجالات الأخرى التي قد تعتمد على المنشأ العالمي بسبب التكلفة التنافسية.
واستعرض وفد من ثمانية وزراء من أفريقيا رؤية المنطقة في القرن الحادي والعشرين، بالإضافة إلى أهمية تسهيل أعمال التجارة الزراعية العالمية، واعتماد أساليب إنتاج الغذاء باستخدام التكنولوجيا المتقدمة، والمخاطر التي تواجه إنتاج الغذاء وإدارة الأزمات.
الشراكة الأولى من نوعها في المنطقة
تمثّل قمة مستقبل الغذاء الشراكة الأولى من نوعها في المنطقة بين منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة ووزارة التغير المناخي والبيئة ولجنة الأمن الغذائي العالمي.
وأثمرت هذه الشراكة عن إطلاق فعالية أيام الابتكار الغذائي والزراعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لتعزيز مشاركة القطاعين العام والخاص والأوساط الأكاديمية والمجتمع المدني في قيادة عمليات التحول المطلوبة في الأنظمة الغذائية والزراعية في المنطقة.
ويسلّط البرنامج الذي تم إعداده بعناية الضوء على التحديات العالمية الملحّة مثل شحّ المياه وتآكل مساحات الأراضي الخصبة والتغير المناخي، ما يفرض ضغوطاً إضافية على المنظومات الزراعية الهشة في المنطقة.
وتوفر أيام الابتكار للزراعات الغذائية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا منصةً مثالية لتبادل المعارف وأفضل الممارسات وسبل تعزيز الابتكار والتقنيات، بهدف تكييف الأنظمة الغذائية في المنطقة لتكون أكثر إنتاجية ومرونة وشمولية واستدامة.
وتعليقاً على هذا الجانب، قال عبدالحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) والممثل الإقليمي للمنظمة في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا: سيسهم مستقبل الأنظمة الغذائية والزراعية في رسم ملامح مستقبل البشرية، ومستقبل الغذاء والزراعة في المنطقة. ولا بد من التأكيد هنا على أن الأنظمة الغذائية والزراعية تبدأ من الحقول، وليس من المصانع، وتحديداً من جودة التربة التي تعتبر أحد أهم مؤشرات صحة البيئة.
وأكد: أنه في حال عدم قدرتنا على وضع الحلول لتحديات التربة والمياه والأنهار وغيرها من الموارد بشكلٍ مدروس ودقيق، فإننا سنصل إلى مرحلةٍ لا نمتلك فيها الأساس اللازم لتطوير الزراعة أو المحاصيل الزراعية عالية الجودة. وهنا، تبرز أهمية الأنظمة الغذائية والزراعية ودورها في تحديد مستقبل المنطقة والعالم.
وأضاف الواعر: يعد التحوّل في الأنظمة الغذائية والزراعية أولويةً إقليمية، وهو أحد أبرز المهام التي تنهض بها منظمة الفاو، حيث نحرص على تسخير إمكانيات التكنولوجيا والحلول الرقمية لتمكين الأنظمة الغذائية والزراعية وتعزيز استدامتها ومرونتها وشموليتها. ولهذا، يتوجب علينا دفع عجلة تطوير السياسات الشاملة ضمن الدول وبينها والترويج للابتكار والحلول الرقمية وتعزيز آليات الحوكمة الدولية ذات الصلة.
منصة تحقيق الهدف (Making it Happen)
تستضيف القمة، إلى جانب أيام الابتكار للزراعات الغذائية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تنظمها منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة ومنتدى قادة العالم، مؤتمر تحقيق الهدف (Making it Happen)، ويشارك فيه قادة القطاع لمناقشة شؤون الابتكار والزراعة القائمة على التكنولوجيا وسلسلة التوريد في المنطقة.
وتشارك مجموعة من أبرز العلامات والجهات المحلية والإقليمية والدولية في المؤتمر، بما فيها نستله، وسيمنز، وكارجيل، وهيلتون، وماكينزي، وبتيل الدولية، وتنمية الثروة السمكية عمان، وجمعية الإمارات للطبيعة والصندوق العالمي للطبيعة والمركز الدولي للزراعة الملحية، لمناقشة دور التكنولوجيا والابتكارات في معالجة مشكلات الأمن الغذائي العالمي وتحديات السلامة.
وتساهم منصة الغذاء في تمكين المجتمع لدفع عملية التغيير، حيث تستضيف خلال القمة مجموعةً من ورش العمل التفاعلية حول مواضيع متنوعة تتعلق بتأمين الغذاء لسكان العالم في المستقبل.
وتشمل الورش تدريبًا للطهاة على أسس التغذية النباتية بقيادة شركة نستله وورشة عمل لإرشاد الطلاب إلى التفكير بطريقة إبداعية لمواجهة التحديات المتعلقة بالمستقبل والتي يقودها المشروع المجتمعي Goumbook الذي يتخذ من الدولة مقراً له.
تحدي “فوود وايز” FOOD WISE CHALLENGE
استضافت القمة تحدي فودوايز، بنسخته الأولى في المنطقة، وهو مبادرة واعدة تستهدف شريحة الشباب في سبيل تحقيق تغييرات ملموسة في سلوكهم والمساهمة في الارتقاء بمنظومة وبنية الغذاء في المجتمع والعالم أجمع. ويفسح التحدي المجال أمام طلبة المدارس والجامعات لطرح أفكار وحلول مصممة لتعزيز الوعي بالممارسات المستدامة والخيارات الغذائية الصحية ومدى ارتباطها الوثيق بالأمن الغذائي.
حركة عالمية من أجل التغيير
يشارك أكثر من 100 من القادة العالميين وأكثر من 140 جهة عارضة، و50 شركة ناشئة من أكثر من 60 دولة في قمة مستقبل الغذاء والمعرض العالمي للتقنيات الزراعية والابتكار، أول منصة عالمية للمبتكرين في مجال الأمن الغذائي، لتوحيد الجهود والعمل على وضع منهجية جديدة تتيح تحقيق الأمن الغذائي العالمي.
وتستضيف وزارة التغير المناخي والبيئة في الإمارات القمة والمعرض بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.
وتتواصل جلسات القمة يوم الخميس، حيث تشهد جلسة حوار رئيسية بعنوان “تمويل الابتكار في مجال التقنيات الزراعية والغذائية – دعم الشباب وتمكين المرأة”، وجلسة “الزراعة الحضرية بين الماضي والحاضر والمستقبل”، وجلسة “قيادة الأمن الغذائي مع أمن التغذية” وغيرها من الجلسات بمشاركة أبرز الخبراء.