ويسمح التطبيق الصوتي الحي للمستخدمين بفتح غرفة افتراضية، أو الانضمام إلى غرفة يتحدث فيها أشخاص آخرون.

وفي تلك التسجيلات، كان الرجال يبيعون بالمزاد أجزاء من أجساد عدة نساء، بما في ذلك جسدها.

لكن بهافيني، وهي من الهند، وتم تغيير اسمها حفاظا على خصوصيتها، لم تتفاجأ بالأمر.

وتقول الباحثة في السياسات وهي في الـ 33 من عمرها “كان الرجال يضايقونني على التطبيق طوال أشهر، وينشؤون غرفا يستخدمون بها اسمي مرة واحدة على الأقل في الأسبوع، ويصفونني بأبشع الأشياء. هذا هو الثمن الذي يتعين دفعه على امرأة تجهر بآرائها وتُسمع صوتها”.

و بهافيني واحدة من أربع نساء على الأقل من الأغلبية الهندوسية في الهند، تم عرضهن للبيع في مزاد علني وهمي على كلوب هاوس في ذلك اليوم لمدة ساعتين تقريبا، وشاهده أكثر من 200 مستخدم في وقت واحد، وفقا لشهود.

وقالت الشركة المالكة لمنصة كلوب هاوس لبي بي سي إنه في وقت لاحق من ذلك اليوم، أوقفت حسابات الذين أنشأوا الغرفة، ووجهت إليهم تحذيرات إما بتعليق حسابتهم أو بإغلاقها نهائيا.

وتقول النساء الأربع إن قوميين هندوس متعصبين من الذين يلاحقون الآخرين ويسيئون إليهم على التطبيق، كانوا يستهدفونهن منذ شهور، ووصفوهن بـ”الخائنات” لأنهن انتقدن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي وحزبه بهاراتيا جاناتا.

وهن لسن الوحيدات في التعرض للمضايقات. إذ سبق طرح نساء مسلمات يعشن في الهند، والكثير منهن ينتقدن الحكومة، للبيع في مزاد على الإنترنت لمرتين خلال الأشهر الستة الماضية، ما أدى إلى قيام الحكومة باعتقال عدد من الأشخاص.

وفي كل تلك الحالات، لم يكن هناك بيع فعلي بالطبع، وإنما كان الغرض الإساءة للنساء المستهدفات وإزعاجهن وإسكاتهن.

ويقول معارضو سياسات الحزب إن ملاحقة النساء والإساءة لهن، وخاصة المسلمات، تفاقم في السنوات الأخيرة في ظل حكم حزب بهاراتيا جاناتا. واتهموا الحزب باستخدام موارده الكبيرة لنشر جيش يميني افتراضي ضد أي شخص يعارض مودي أو سياساته.

وفي حين ينفي حزب بهاراتيا جاناتا تلك المزاعم، نادرا ما يدين قادته الملاحقة على الإنترنت، على الرغم من حقيقة أن المستخدمين الذين يقومون بها يتبين أنهم من مؤيدي الحزب أو من اعضائه العاملين. وفي الواقع، وجهت تساؤلات لمودي نفسه عن سبب متابعته للأشخاص الذين يسيئون ويلاحقون الآخرين على تويتر.

نساء مسلمات في مظاهرة ضد استهدافهن على الانترنت

 
ازداد استهداف النساء المسلمات بشكل كبير في ظل حكم حزب بهاراتيا جاناتا

وفي حين أن المشكلة منتشرة على تويتر، وهي لا تزال حتى الآن، فقد ظهرت أيضا على تطبيقات أخرى أقل شعبية، حيث غالبا ما يكون من الصعب تتبع مثل هؤلاء المسيئين ومروجي الكراهية.

عندما انضمت بهافيني وريكا (التي تم تغيير اسمها أيضا في هذا المقال) إلى كلوب هاوس عام 2021، كانتا تأملان في التحدث بأمان عن السياسة على التطبيق.

وأصبح التطبيق، الذي يمكن الانضمام إليه عن طريق دعوة فقط، شائعا بشكل كبير، ليس فقط لزيارة غرف الدردشة الشخصية والمناقشات الحية، ولكن أيضا كمنصة لسماع أحاديث بعض من أشهر الشخصيات في العالم، مثل دريك وأوبرا ويمفري وإيلون ماسك.

لكن اكتشفت المرأتان أن الحديث عن السياسة الهندية أمر صعب، سواء كان بإظهار دعمهما للمزارعين، الذين كانوا على مدار أكثر من عام ينظمون إضرابات ضد سياسية حكومة مودي وإصلاحاتها المثيرة للجدل، أو لانتقاداتهما لما اعتبرتاه أجندة قومية هندوسية مثيرة للانقسام من قبل حزب بهاراتيا جاناتا، أو التعبير عن آرائهما حول النظام الطبقي الهندوسي “القمعي”، كما تقولان.

وتقول ريكا، وهي تعمل في تكنولوجيا المعلومات وعمرها 33 عاما “بدأت الإساءات في اليوم الذي عبرت فيه عن رأيي السياسي”.

وتقول هي وبهافيني إن المسيئين على التطبيق أنشأوا حسابات استخدموا فيها صورهما ووجهوا إليهما تهديدات بالاغتصاب.

وتقول بهافيني “في وقت ما، كنت كلما دخلت غرفة، يسارع شخص للإساءة إليّ لفظيا ثم يغادر”.

وتضيف “في الوقت الحالي، هناك أربعة حسابات مزيفة تنتحل شخصيتي”.

رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي

 
اتهم رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي باتباع سياسيات تروج للتقسيم والاستقطاب

وتشير بهافيني وريكا إلى أنهما أبلغتا عن الغرف، وعن المستخدمين عدة مرات، لكن المسيئين لهما تمكنوا من متابعة نشاطهم.

وتقول ريكا “يبدو الأمر وكأن الناس منحوا الضوء الأخضر في توجيه تهديدات عنيفة”.

وجاء في بيان رسمي من شركة كلوب هاوس، أن التطبيق “أجرى تحقيقات داخلية ووجد أن كلا المستخدمتين قد قدمتا في السابق طلبات دعم إلى كلوب هاوس بشأن غرف وموضوعات أخرى، وتلقيتا ردودا مكتوبة بشأنها”.

إلا أن المزاد لبيع أجسادهما، كما تقول المرأتان المستهدفتان، لا يشبه أي شيء مرتا به سابقا.

وتقول بهافيني إن الرجال الذين شاركوا في الإساءة والمزاد تحدثوا عن ثدييها وأشاروا إلى صور قريبة تظهر منبت النهدين. وقد أخذت هذه الصور من حسابها على إنستغرام، وكانت ترتدي فيها فيها بلوزة بياقة على شكل V أو ملابس سباحة.

وفي إحدى التسجيلات كان هناك رجل يضحك، وهو يزايد من أجل الحصول على حليب من ثدييها.

وحين دخلت ريكا تلك الغرفة لبضع دقائق سمعت رجالا يضحكون وهم يزايدون على أعضائها التناسلية.

كما سمعت المستخدمين يشيرون إلى القيام بأفعال جنسية بينما كانوا يزايدون على النساء وكما تحدثوا بازدراء عن الباكستانيين والسيخ.

وحسب ريكا، قالوا “من يدفع أرخص سعر سأعطيه المهبل. بيسة واحدة (الروبية تساوي 100 بيسة).. بنصف بنس.. أقدمه مجانا”.

وتقول “شعرت بالانتهاك. كان ذلك أقذر ما سمعته عن نفسي، مهبلي يُباع بالمزادّ!”.

وتضيف ريكا، التي تعرف إحدى المسلمات اللواتي استهدفن سابقا ببيعهن في مزاد مشابه “لم يمض وقت طويل على الوقت التي كنت أواسيها فيه لبيعها بالمزاد على أحد التطبيقات، لكن هذا يحدث لي الآن”، مضيفة “تعامل النساء كسلع في الهند، ليتم تمجيدهن أو بيعهن في مزادات تبعا للوقت”.

أبلغت بهافيني وريكا عن تلك الغرفة على الفور، لكنها ظلت مفتوحة لساعتين على الأقل.

مظاهرة لمزارعين مضربين

 
كان دعم النساء المستهدفات لإضرابات المزارعين من الأسباب التي عرضتهن لسلسلة مستمرة من الإساءات على الإنترنت

وقد وجدت بي بي سي أن مستخدما واحدا على الأقل من الذين تم الإبلاغ عنهم لكلوب هاوس بخصوص غرفة المزاد تلك، لا يزال نشطا على التطبيق عبر حساب مختلف تم إنشاؤه في اليوم الذي حصل فيه المزاد.

وتقول ريكا “مهما كررت الإبلاغ عن مستخدم، فلا شيء يتغير”.

وكانت هناك مخاوف بشأن كيفية محاسبة الأشخاص على التطبيق نظرا لأن المستخدمين لا يمكنهم الوصول إلى المحادثات القديمة، ما لم يتم تسجيلها أو إتاحة إعادة تشغيلها لاحقا.

وتقول منصة كلوب هاوس إنها تحتفظ بتسجيلات الغرف التي يشكو المستخدمون منها لأغراض التحقيق.

كما أكدت أنها تتخذ “إجراءات لتجعل من الصعب العودة على المستخدمين الذين تم تعليق حساباتهم إلى أجل غير مسمى”، وبالتالي فقد تمكنت من “إزالة حسابات عديدة مرتبطة بمنشئي الغرفة المذكورة”.

لكنها أشارت أيضا إلى أنه “كما هو الحال مع أي منصة على الإنترنت، فمن التحديات المستمرة مسألة منع المستخدمين المصرين على إنشاء حسابات جديدة من القيام بذلك، لكننا نعمل على جعل ذلك صعبا للغاية ومكلفا بالنسبة لهم”.

وقد قامت منصة مكافحة التنمر الإلكتروني TeamSAATH بإبلاغ الشرطة عن تلك الغرفة على كلوب هاوس في نوفمبر/ تشرين الثاني.

وقالت منصة مكافحة التنمر في بيان لها “هذا النوع من الانتهاكات لا يؤخذ بالجدية التي ينبغي أن يعامل بها. يحتاج الأمر من السلطات المختصة أن تقوم بعملها”.